United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

بيــــــان الوفد الدائم للجمهورية العربية السورية أمام مجلس الأمن حول الشأن السياسي والإنساني في سورية يلقيه نائب المندوب الدائم د. الحكم دندي

الثلاثاء, 29 (تشرين الثاني (نوفمبر 2022
المتحدث: 
د. الحكم دندي
المكان: 
مجلس الأمن

السيد الرئيس،

    تتكرر مناقشة مجلس الأمن للشأنين السياسي والإنساني ومواضيعَ أخرى في الجمهورية العربية السورية، في جلسات تصل إلى أربع جلسات في كل شهر، ويبدو أن ذلك قد أصبح بالنسبة لبعض ممثلي الدول الأعضاء في المجلس مجرد إضاعة لوقت وموارد هذا المجلس، خاصة وأنهم ما زالوا يصرّون على تجاهلِ التعامل مع التحديات الأساسية التي تواجهها سورية والمتمثلة بشكل خاص بالإرهاب، والانتهاكات المستمرة التي تقع على السيادة السورية، وتفاقم حجم المعاناة الكارثية للشعب السوري التي تسببت بها الإجراءات القسرية الأحادية.

    قبل أسبوع شنت قوات النظام التركي ومرتزقته من المنظمات الإرهابية سلسلةَ اعتداءاتٍ عسكرية على مناطق في شمال الجمهورية العربية السورية، ذهب ضحيتَها عددٌ من المدنيين والعسكريين، وتسببت بأضرارٍ بالغة في عددٍ من المنشآت الخدمية والبنى المدنية في تلك المناطق، في انتهاكٍ صارخ لمبادئ القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وميثاق الأمم المتحدة.

    إن الجمهورية العربية السورية إذ تدين بأشد العبارات الاعتداءات التركية، فإنها تؤكد على أن الذرائع التي يسوقها النظام التركي لتبرير هذه الاعتداءات باتت مكشوفة ولم تعد تخدع أحداً، خاصة في ظل استمراره في دعم التنظيمات الإرهابية، ورعايته إلى اليوم لداعش وجبهة النصرة.

    تطالب سورية مجلس الأمن بإلزام النظام التركي بإنهاء تواجده العسكري اللاشرعي على الأراضي السورية بشكل فوري. كما يتوجب على المجلس أيضاً ألا يتجاهل استمرار التواجد غير الشرعي للقوات الأمريكية على الأراضي السورية، ودعمها الميليشيات في شمال شرق سورية، والذي يمثل انتهاكاً آخر لميثاق الأمم المتحدة، ولسيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها. تشدد بلادي على مطالبتها بالانسحاب الأمريكي الفوري دون قيدٍ أو شرط.

السيد الرئيس،

    إن صمت مجلس الأمن عن استمرار الاحتلال الاسرائيلي للجولان السوري والممارسات الوحشية التي يقوم بها بحق شعبنا هناك، والتي تتماهى مع الدور التخريبي الذي تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا على الأراضي السورية، قد شجّع اسرائيل على تصعيد اعتداءاتها بشكل أكبر على الأراضي السورية تحت ذرائع واهية، بما في ذلك على المرافق المدنية، مما يتسبب بسقوط الضحايا من المدنيين والعسكريين، ويهدد بتصعيد خطير للأوضاع في المنطقة.

السيد الرئيس،

    بالتوازي مع مسار مكافحة الإرهاب في سورية، انتهجت الدولة السورية مسار التسويات المحلية والمصالحات الوطنية، وقامت بالعديد من الإجراءات الهامّة، بما في ذلك مراسيم العفو التي أصدرها السيد رئيس الجمهورية والتي كان آخرها المرسوم رقم 7 لعام ۲۰۲۲ والذي جاء شاملاً من حيث نطاقه وطبيعة معالجته للجرائم الإرهابية؛ وذلك سعياً من الدولة السورية لإعادة الأوضاع إلى طبيعتها، وتعزيز الوحدة الوطنية، الأمر الذي أسهم في عودة الكثير من السوريين لممارسة حياتهم الطبيعية. والمستغرب أنه رغم كل ذلك، مازال هناك من يصرّ على تجاهل الإنجازات التي حققتها الدولة السورية في هذا الصدد.

    لقد تعاملت سورية أيضاً بإيجابية مع المبادرات المتعلقة بحل الأزمة في سورية والمرتكزة على ملكية وقيادة سورية، وبدون تدخل خارجي من أحد. وفي هذا الصدد، تشدد سورية على ضرورة أن يحافظ المبعوث الخاص على دوره كميسّر وفقاً للولاية الممنوحة له.

السيد الرئيس،

    فيما يتعلق بالارتقاء بالوضع الإنساني، تبذل الجمهورية العربية السورية كل الجهود الممكنة

لضمان تقديم المساعدة لجميع السوريين دون تمييز، ولتحسين ظروف حياتهم، ولتوفير الخدمات الأساسية لهم، وهي تتعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية في سورية لضمان تحقيق ذلك.   

    إن وفدي يشدد على ضرورة دعم جهود الدولة السورية في هذا المجال، ويدعو الدول الغربية إلى التوقف عن تسييس العمل الإنساني في سورية، والالتزام بالمبادئ التوجيهية التي تحكمه، والوفاء بتعهداتها بشأن توفير التمويل اللازم لخطة الاستجابة الإنسانية في سورية، وبشكل خاص لدعم وتوسيع مشاريع التعافي المبكر المنصوص عليها في القرار ٢٦٤٢، حيث بلغت نسبة التمويل حتى الآن أقل من ٤٢% من حجم التمويل المطلوب -علماً أننا على أبواب عام جديد.

    لقد حصدت الألغام ومخلفات الذخائر غير المتفجرة التي زرعتها التنظيمات الإرهابية مئات

الأرواح من الأطفال والنساء والمزارعين، وهذا يستوجب إيلاء الاهتمام اللازم بالعمل الميداني لتطهير الأراضي السورية من هذه الألغام والذخائر، وتوفير التمويل المطلوب له، بما يسهم في عودة المهجرين واللاجئين إلى قراهم وبيوتهم وأراضيهم وممارسة حياتهم الطبيعية.

السيد الرئيس،

    إن وفدي يعرب عن استهجانه لرفض بعض الدول الغربية في المجلس دعوة السيدة إلينا دوهان، المقررة الخاصة المعنية بالأثر السلبي للتدابير القسرية الانفرادية على التمتع بحقوق الإنسان، لحضور الحوار التفاعلي غير الرسمي الذي عُقد بتاريخ ۲۱ من الشهر الجاري، ويعتبر ذلك محاولة من تلك الدول للتعتيم على توصيات واستنتاجات المقررة الخاصة، وللتهرب من فضح نواياهم الحقيقية، بما يعري زيف ادعاءاتهم حول التدابير القسرية الانفرادية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الشعب السوري، والتي تؤدي إلى موت الأبرياء في سورية، وفي كل بلد يتم فرضها عليه.

    في هذا الصدد أشير إلى ما قالته المقررة الخاصة من أن هذه التدابير لا تتوافق مع القواعد

القانونية الدولية وإنما يتم فرضها لممارسة الضغوط على سورية، مما يزيد من معاناة الشعب السوري، ويمنع أي جهود للتعافي المبكر، ويتسبب أيضاً في نقص خطير في الأدوية والمعدات الطبية التخصصية، ولا سيما للأمراض المزمنة والنادرة، ومحدودية الوصول إلى الغذاء، والمياه والكهرباء، والوقود، ووسائل المواصلات، والرعاية الصحية اللازمة؛ الأمر الذي يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الصحة العامة والأمن الغذائي؛ ولهذا فقد شددت المقررة الخاصة على وجوب رفع تلك التدابير فوراً.

السيد الرئيس،

    لا يمكن الإحاطة بجميع أوجه المعاناة الإنسانية للشعب السوري بدون الإشارة إلى النهب الممنهج والمتواصل الذي تقوم به قوات الاحتلال الأمريكي للثروات السورية من نفط وقمح ومحاصيل زراعية أخرى؛ وما يقوم به أيضاً النظام التركي ومرتزقته من استخدام للمياه كسلاح حرب ضد المدنيين عبر قطع مياه محطة علوك عن مليون سوري في محافظة الحسكة ومحيطها، والتلاعب بمستويات مياه نهر الفرات مما يفاقم من حالات العطش والجوائح الصحية والمرضية الخطيرة، ولا سيما انتشار وباء الكوليرا.

السيد الرئيس،

    تدين الجمهورية العربية السورية استمرار قيام بعض الدول الغربية بإرسال وفودها إلى شمال شرق سورية وتسلّلها بطريقة غير قانونية، وآخرها قيام وفدين فرنسي وهولندي بذلك. وتؤكد سورية على أن هذه الممارسات تمثل انتهاكاً للسيادة السورية، ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالوضع في بلادي.

ختاماً السيد الرئيس،

    يؤكد وفد الجمهورية العربية السورية على أن الاجتماعات التي يعقدها مجلس الأمن لمناقشة الوضع في سورية ستبقى بدون أي جدوى، ما لم يتم معالجة التحديات الأساسية التي تواجهها سورية، سواء تلك المتعلقة بمكافحة الإرهاب ووقف دعمه وتمويله، أو بإنهاء التواجد العسكري الأمريكي والتركي غير الشرعي على الأراضي السورية، أو وضع حد للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، أو الرفع الفوري للإجراءات القسرية الأحادية والتي لا يمكن وصفها إلا بأنها لا إنسانية ولا أخلاقية.

شكراً السيد الرئيس.