السيدة الرئيس،
لقد أشار السيد وزير الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية خلال كلمته أمام الجمعية العامة يوم أمس إلى أن "الحكومة السوريّة كانت منفتحة دائماً على أية مبادرات أو جهود سياسية صادقة وحيادية لمساعدتها في الخروج من هذه الأزمة التي استهدفت سورية دولةً وشعباً، وذلك على الرّغم من وجود عوائق تضعها دولٌ ليس لها مصلحة في استمرار هذه الجهود بالاتجاه الذي يحقّق الاستقرار في سورية، ويحافظ على الثوابت الوطنيّة".
لقد يسرّت الحكومة السورية إطلاق عمل لجنة مناقشة الدستور عبر مساهمتها في الوصول إلى اتفاق بشأن تشكيلة اللجنة وقواعد الإجراءات الخاصّة بها. وشددت على ضرورة أنّ تكون هذه العملية بملكية وقيادة سورية، ودون تدخل خارجي أو أية محاولات لفرض جداول زمنية مصطنعة أو خلاصات مسبقة لعمل اللجنة، وذلك انطلاقاً من قاعدة أنْ الدستور وكل ما يتّصل به هو شأن سوري-سوري يقرره السوريون بأنفسهم وذلك إعمالاً لمبدأ سيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، وهو المبدأ الراسخ الذي أكدت عليه جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالوضع في بلادي.
وفي هذا الإطار واصلت حكومة بلادي تعاونها مع المبعوث الخاص السيد غير بيدرسون، ورحبت بزيارته إلى دمشق بتاريخ 11 و12 أيلول الجاري، حيث أجرى مباحثات بنّاءة. ونرحب بما استمعنا إليه للتو في إحاطة السيد بيدرسون بشأن عزمه الدعوة لعقد الجولة السادسة للجنة الدستورية في جنيف في شهر تشرين الأول القادم. في هذا المجال نؤكّد على ضرورة أن يحافظ المبعوث الخاص إلى سورية على دوره كميسّر وأن ينقل ما يحدث بصورة نزيهة وحيادية وموضوعيّة.
السيدة الرئيس،
إن ما تحقق في محافظة درعا مؤخراً من تسويات ومصالحات، يثبت مرةً أخرى، حرص الحكومة السورية على إعادة الأمن والاستقرار لكافة أنحاء البلاد، مع ضمان سلامة مواطنيها وحقن دماء الأبرياء. لقد أدى صبر وحكمة القيادة السورية، والجهود المشكورة للأصدقاء الروس، إلى التوصل لاتفاق لإعادة الاستقرار إلى المناطق التي شهدت بعض التوترات مؤخراً في درعا وريفها في جنوب غربي سورية، وأتاح لأهالي تلك المناطق العودة إلى ديارهم بأمن وسلام.
السيدة الرئيس،
إن دور مجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين، والذي استخدمه البعض للتدخل في شؤون بلادي وزعزعة الأمن والاستقرار فيها على مدى السنوات العشر الماضية، يدفعنا لرفع الصوت عالياً لفضح هذه الممارسات، ومطالبة تلك الدول بالعدول عن هذا السلوك التخريبي، والتعلم من الدروس التي أفرزتها الحروب الفاشلة والعبثية التي شنتها هذه الدول على مدى سنوات طويلة.
إن الحرب التي فرضتها علينا حكومات معروفة، عبر وسائل متعددة ومختلفة، أدت إلى فقدان سورية للكثير من الارواح، وللإضرار بمنجزاتٍ حضارية عريقة، وخسارة لمكتسبات تنموية مرموقة حققها الشعب السوري على مدى عقود طويلة. لقد آن الأوان لوضع حد لها، وإنهاء الوجود العسكري الأجنبي اللاشرعي على الأراضي السورية والمتمثل في تواجد القوات العسكرية الأمريكية في الشمال الشرقي، والقوات العسكرية التركية في الشمال الغربي بشكلٍ كامل، ووجوب الرفع الفوري وغير المشروط للتدابير القسرية الانفرادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وضرورة دعم جهود الدولة السورية وحلفائها في مكافحة الإرهاب، وإعادة الأمن والاستقرار، وإعادة بناء وترميم البنى التحتية المتضررة.
ولا بد أيضاً من البدء بمشاريع التعافي المبكر ودعم الصمود وتعزيزها كماً ونوعاً في مختلف القطاعات، ولاسيما المياه، والطاقة، والتعليم، والرعاية الصحية، وغيرها بما يسهم في توفير الخدمات الأساسية للسوريين والنهوض بوضعهم المعيشي والإنساني. بالإضافة إلى تيسير العودة الآمنة والكريمة للمهجرين واللاجئين إلى مناطقهم، وتحقيقاً لهذه الغاية فإن مختلف الجهات السورية المعنية تعمل بشكل حثيث ومتواصل من أجل تسهيل عملية العودة الطوعية، وتأمين متطلّبات العائدين الأساسية. حيث تم اتخاذ جملة من الإجراءات، وإصدار عدد من المراسيم التي يمكن الاستفادة منها في هذا السياق.
السيدات والسادة،
إن من المؤسف أن تصطدم جهود الدولة السورية والدول الصديقة بإصرار البعض على الاستمرار في استغلال معاناة السوريين، وتوظيفها لتحقيق مآرب بعيدة كل البعد عن الأهداف الإنسانيّة ومصالح الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التوظيف المسيس لتقارير لجان أثبتت على الدوام أنها آليات مسيسة تفتقر لأدنى معايير المهنية والموضوعية والمصداقية في عملها، وأن هدفها الأساسي هو تقديم تقارير تتيح لبعض الدول المعادية استخدامها للإساءة لسورية وتشويه صورتها.
السيدة الرئيس،
لا بد لي من أن أشير أيضاً إلى الممارسات العدوانية والتخريبية التي يقوم بها النظام التركي على الاراضي السورية، من دعمٍ للإرهاب، وقتلٍ، وتدميرٍ، وتتريكٍ، ونهبٍ للثروات السورية، وآخرها استخدامه للمياه كأداة لخدمة ألاعيبه السياسية، وكسلاح يشهره في وجوه ملايين المواطنين السوريين سعياً وراء مكاسب سياسية وإقليمية في استهتار بالغ بمبادئ القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، والصكوك والاتفاقات الدولية والثنائية، ومبدأ حسن الجوار.
تجدد بلادي مطالبتها مجلس الأمن والأمانة العامة للأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتهما لوقف جرائم الاحتلال التركي، وإنهاء تواجد قواته العسكرية على أراضي الجمهورية العربية السورية.
شكراً السيدة الرئيس.