United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

بيـان السفير بسام صبّاغ المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية أمام مجلس الأمن حول "الملف الكيميائي" في سورية

الاثنين, 04 (تشرين اﻷول (أكتوبر 2021
المتحدث: 
السفير بسام صبّاغ
المكان: 
مجلس الأمن

السيد الرئيس،

أهنئكم على توليكم رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر، وأشكر سلفكم على الجهود التي بذلتها الشهر الماضي.

السيد الرئيس،

لقد أشار الدكتور فيصل المقداد، وزير الخارجية والمغتربين، في كلمته أمام الجمعية العامة بتاريخ 27 أيلول 2021 إلى أنه، وأقتبس: "تؤكّد الجمهوريّة العربيّة السوريّة مرّة أخرى على أنّ استخدام الأسلحة الكيميائية تحت أي ظروف، ومن قبل أي كان، وفي أي مكان أو زمان، هو أمرٌ مُدان ومرفوضٌ كلّياً، ولذلك انضمت سورية طوعاً إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وأوفت خلال فترة قياسيّة بكل الالتزامات الناتجة عن هذا الانضمام، وحرصت على التّعاون المستمرّ مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لإغلاق هذا الملف بأسرع وقت ممكن"، انتهى الاقتباس.

إن بيانات بعض الدول اليوم تشير بوضوح إلى أن هذه الدول مازالت تصمّ آذانها عن سماع الحقيقة، وتستمر في تسييس هذا الملف، وذلك عبر الإصرار على توجيه اتهامات لا أساس لها من الصحة، والتركيز على تفاصيل إجرائية لا يجب أن تكون من اهتمام مجلس الأمن، إلى جانب تجاهلها المتعمد للإجراءات الجدية المتخذة من قبل سورية وتعاونها الحقيقي مع المنظمة.

وبشأن ما ورد في إحاطة الممثل الأعلى لشؤون نزع السلاح، فإن وفدي يأسف لاستمرار غياب التوازن والحيادية في هذه الإحاطات، ودأبها – على مدى السنوات الماضية – على تغييب مشاغل سورية والمعلومات التي توافيها بها.

السيد الرئيس،

 قدمت سورية بتاريخ 16 أيلول تقريرها الشهري رقم /95/ حول النشاطات المتصلة بتدمير الأسلحة الكيميائية ومرافق إنتاجها. كما كانت قد رحبت بعقد لقاءٍ بين السيد وزير الخارجية والمغتربين والمدير العام للمنظمة في دمشق، وتقوم نقاط الاتصال من الجانبين بالتحضير لهذا الاجتماع. كما سبق لبلادي وأن رحبت بزيارة فريق تقييم الإعلان لدمشق لعقد جولة المشاورات الـ 25، وفقاً للموعد الذي تم الاتفاق عليه بين الجانبين، وتم منح تأشيرات الدخول اللازمة لأعضاء الفريق باستثناء شخص واحد طلبنا استبداله. في هذا الصدد نشير إلى أن مسألة منح تأشيرات الدخول تتم وفق إجراءات وتعليمات وطنية سيادية تطبقها الدولة السورية على جميع موظفي الأمم المتحدة ووكالاتها وجميع المنظمات الدولية، بما فيها منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وبالتالي فإن هذا الإجراء لا يشكل استثناءً. إن عدم منح تأشيرة دخول لأحد أعضاء فريق تقييم الإعلان لا يجب أن يؤثر سلباً على أداء الفريق ككل، علاوة على أن المنظمة لديها عدد كبير من الخبراء والمختصين الذين يمكن الاستعانة بهم كبديل لشخص أثبتت التجربة السابقة عدم موضوعيته. وللإيضاح فقط فإن فريق تقييم الإعلان ليس فريق تحقيق، وقد لاحظت خلطاً لدى بعض الزملاء في هذا المجال. هذا الفريق ليس فريق تحقيق وإنما هو فريق لمساعدة الللجنة الوطنية السورية في تقديم إعلانها الأولي. ومع ذلك فقد وافقت اللجنة الوطنية السورية على اقتراح لاحق من الأمانة الفنية لعقد جولة المشاورات في مقر المنظمة في لاهاي. ويبدو أن معلومات زميلي من فرنسا بحاجة إلى تحديث.

إن ما يرد في تقرير المدير العام بشأن زيارة فريق تقييم الإعلان، وتحميله لسورية مسؤولية عن عدم تمكن الأمانة الفنية من التخطيط لمهمات أفرقتها المختلفة، غير دقيق وغير موضوعي، ومرفوضٌ تماماً. فكلكم يذكر ما قاله المدير العام هنا عن تأجيله لزيارة فريق تقييم الاعلان إلى ما بعد الصيف، في حين كان لسورية مصلحة حقيقية في تسريع إنهاء مناقشات هذا الفريق وإغلاق هذا الملف.

السيد الرئيس،

ما تزال بعض الدول تثير مسألة الاسطوانتين المتصلتين بحادثة دوما المزعومة، وقد سبق لوفدي أن أوضح لأعضاء المجلس أهمية هاتين الاسطوانتين بالنسبة لسورية كدليل قانوني ومادي في دحض المزاعم المتصلة بتلك الحادثة، وفي حيازة المجموعات الإرهابية لمواد كيميائية سامة. وفدي يستهجن استمرار بعض الدول في حرف الانتباه عن إدانة العدوان الإسرائيلي على سيادة سورية والذي تسبب بتدمير هاتين الاسطوانتين، والتركيز على جوانب فنية وإجرائية فقط.

لقد سبق لسورية ولغيرها من الدول أن طالبت بإعادة النظر في تقرير الحادثة المزعومة في دوما لما اعتراه من فبركة وأكاذيب، وفي هذا الصدد أود أن أشير إلى تقرير صحيفة الديلي ميل البريطانية الصادر بتاريخ 5/9/2021، والذي تناول اعتراف محطة الـ "BBC" البريطانية بأن الفيلم الذي من المفترض أن يكون وثائقياً والذي عرضته عبر قناتها "راديو4" حول حادثة دوما المزعومة قد احتوى أخطاء وادعاءات باطلة، وهو ما يثبت مجدداً بأن المعلومات التي ترد في المصادر المفتوحة يمكن التلاعب بها ولا يمكن الركون لمصداقيتها.

إن أساليب العمل الخاطئة التي اتبعتها بعثة تقصي الحقائق بشأن التحقيقات في حادثة دوما المزعومة تشمل تحقيقاتها في حوادث أخرى، وخاصة لجهة عدم التزامها بالقواعد المنصوص عليها في الاتفاقية، ومنها طرق جمع الأدلة والعينات والحفاظ على سلسلة حضانتها، واعتمادها على المصادر المفتوحة والمعلومات المقدمة من التنظيمات الإرهابية وأذرعها جماعة "الخوذ البيضاء". وفدي يود أن يعرب عن القلق البالغ إزاء تأخر بعثة تقصي الحقائق في الإعلان عن نتائج تحقيقاتها في حوادث استخدام المجموعات الإرهابية التي كانت الحكومة السورية قد أبلغت عنها منذ عام 2017، وقلقه أيضاً إزاء خلق أدلة مزيفة بعد مرور سنوات على حوادث أخرى مزعومة، هذا إلى جانب استمرار تلك البعثة في تجاهل المعلومات المتواترة المقدمة لها عن حيازة المجموعات الإرهابية للأسلحة الكيميائية والتحضير لاستخدامها لتلفيق حوادث تهدف لاتهام الجيش العربي السوري بها.

السيد الرئيس،

السيدات والسادة،

إن إصرار بعض الدول في هذا المجلس على تسييس هذا الملف عبر التشكيك بتعاون سورية بات مكشوفاً، وسعيها للتستر على ممارسات المجموعات الإرهابية التي استخدمت هذا السلاح ضد المواطنين السوريين وضد الجيش العربي السوري أصبح مفضوحاً، وتلاعبها بنصوص الاتفاقية لإنشاء آليات غير شرعية والاستناد إليها لتمرير قرار ضد سورية خلق سابقة خطيرة في عمل المنظمة. وهنا أود أن أنشط ذاكرة ممثل الولايات المتحدة الذي أظهر كفاءته في الرياضيات أن عدد الدول التي شاركت في مؤتمر الدول الأطراف في نيسان هو 167 دولة، وبالتالي فإن الـ 87 دولة التي أيدت القرار هي قرابة نصف عدد الدول المشاركة في المؤتمر. لقد تجاهل ممثل الولايات المتحدة امتناع 34 دولة عن التصويت وغياب 31 دولة، ناهيك عن تصويت 15 دولة ضد القرار، أي أن النصف الآخر من الدول المشاركة في ذلك المؤتمر لم تؤيد القرار. هذا نموذج فقط لطريقة التضليل وتحريف المعلومات التي تتبعها الولايات المتحدة. أود أن أؤكد أن الجمهورية العربية السورية لا تحاول تقويض عمل المنظمة، بل تدافع عن الحفاظ على مهنيتها وحياديتها والوقوف في وجه استخدام بعض الدول لتلك المنظمة كأداة لتحقيق أهدافها المعادية لسورية. وما لم تغير تلك الدول من سلوكها الهدام وأجندتها التخريبية إزاء بلادي، فإنه لا يمكن إجراء مناقشة موضوعية لهذا الملف وإغلاقه بطريقة مهنية وحيادية.