United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

بيان المندوب الدائم السفير بسّام صباغ في جلسة مجلس الأمن حول "الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضية فلسطين"

الأربعاء, 19 (كانون الثاني (يناير 2022
المتحدث: 
السفير بسام صبّاغ
المكان: 
مجلس الأمن

السيدة الرئيس،

بدايةً، وفدي يود أن يعرب عن استهجانه لإصرار السيد تور وينسلاند المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط على عدم تضمين إحاطته اليوم أي معلومات حول الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل، وممارساتها الأخرى اللاقانونية فيه، وتجاهله أيضاً للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سيادة الأراضي السورية والتي كان آخرها العدوان على ميناء اللاذقية التجاري والذي أدى إلى خسائر مادية كبيرة.

 وفدي كان قد وجّه عدّة رسائل للسيد الأمين العام وللسيد وينسلاند مباشرة لإحاطتهم بالتطورات المتصلة بالوضع في الجولان السوري المحتل، والتنبيه أيضاً لخطورة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على أمن واستقرار سورية والمنطقة، إلا أن إحاطته اليوم جاءت مخيبة للآمال لابتعادها عن الموضوعية والتوازن، ولعدم شمولها لجوانب المهمة المكلف بها.   

السيدة الرئيس،      

 في تصعيدٍ جديدٍ خطير قام رئيس سلطة الاحتلال الإسرائيلية بتاريخ 26/12/2021، وبشكلٍ استفزازيٍ سافرٍ، بعقد اجتماعٍ لحكومة الاحتلال في الجولان السوري المحتل، أعلن خلاله عن خطةٍ لمضاعفة أعداد المستوطنين في الجولان السوري المحتل عبر تخصيص 317 مليون دولار لبناء آلاف الوحدات السكنية في مستوطنتين جديدتين ستحملان اسمي "أسيف" و"مطر"، في انتهاكٍ صارخٍ لقواعد القانون الدولي، واتفاقية جنيف الرابعة لعام ١٩٤٩، وتحدٍ سافرٍ لجميع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام ١٩٨١، ومحاولة فاشلة جديدة لتكريس الاحتلال وإطالة أمده، وطمس الهوية السورية للجولان المحتل.

 إن الجمهورية العربية السورية تُدين وبشدة هذه الاستفزازات الخطيرة والانتهاكات الصارخة التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل، بما في ذلك استيلاءها على الأراضي والممتلكات، وفرض التغيير الديموغرافي، وسرقة الموارد والثروات الطبيعية. تُعيد الجمهورية العربية السورية التأكيد على تمسُكَها الراسخ بحقّها باستعادةِ كامل الجولان السوري المحتل منذ الرابع من حزيران لعام 1967، بجميع الوسائل المتاحة التي يكفلها القانون الدولي باعتباره حقاً أبدياً لا يسقط بالتقادم.

 تشدّدُ الجمهورية العربية السورية على أنّ جميع القرارات والإجراءاتِ التي اتخذتها إسرائيل، السلطةُ القائمةُ بالاحتلالِ، حتى تاريخه، لتغييرِ معالم الجولان الطبيعيةِ والديموغرافية، أو فرض قوانينها وسلطاتها وإدارتها عليه، تحت أي عنوانٍ أو مسمى كان، هي باطلة ولاغية وليس لها أي أثر قانوني بموجب القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وبشكل خاص القرار رقم 497 لعام ١٩٨١ الذي اعتبر قرار إسرائيل بفرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها على الجولان السوري المحتل لاغٍ وباطل وليس له أي أثرٍ قانوني.

  تدعو الجمهورية العربية السورية جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى عدم الاعتراف بأي وضعٍ أو واقعٍ لا شرعي ناجم عن الممارسات اللاقانونية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل، وإدانة تلك الممارسات والتحرك لوضع حدٍ لها.

السيدة الرئيس،

 إن استمرار مسلسل الاعتداءات الإسرائيلية على سيادة الأراضي السورية، وتكراره بشكلٍ هستيري مؤخراً، يمثلُ انتهاكاً فاضحاً لاتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974، ولقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالجولان السوري المحتلّ، ودليلاً واضحاً على دعمها للإرهاب في سورية والمساهمة في الحرب ضدها، وتصعيداً خطيراً آخر يهدد السلم والأمن في منطقة الشرق الأوسط،

 تؤكد الجمهورية العربية السورية على أن السلوك الإسرائيلي الاستفزازي الأرعن، وما يرافقه من ممارساتٍ عدوانية، ما كان ليصل إلى هذا الحد لولا مظلة الحماية التي وفّرتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة لإسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، والتغطية على انتهاكاتها.

 تطالبُ الجمهورية العربية السورية، مجلس الأمن بالتخلي عن صمته وتحمّل مسؤولياته فعلاً وبشكلٍ عاجلٍ في إطار ميثاق الأمم المتحدة، والاضطلاع بولايته في حفظ السلم والأمن الدولي، لردع قوة الاحتلال الإسرائيلي عن الاستمرار بانتهاكاتها، وضمان مساءلتها على سلوكها المارق، وعدم إفلاتها من العقاب، وإلزامها بإنهاء احتلالها للجولان السوري المحتل، والانسحاب منه كاملاً إلى خط الرابع من حزيران لعام ١٩٦٧، وفقاً لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة والمرجعيات الدولية ذات الصلة.

السيدة الرئيس،

 تُدين الجمهورية العربية السورية وبشدّة سياسات الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وبشكل خاص في الضفة الغربية والقدس، وآخرها ما حصل في حي الشيخ جراح اليوم، وتؤكد مجدداً التزامها الراسخ بدعم حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق غير القابلة للتصرف، ووقوفها إلى جانبه في نضاله المشروع للدفاع عن أرضه ومقدساته واستعادة أراضيه المحتلّة وكافة حقوقِه المشروعة، وخاصةً حقه في إقامةِ دولتهِ المستقلة على أرضهِ وعاصمتُها القدس، ومنحها العضوية الكاملة في الأمم المتّحدة، وحقّ اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم، وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتّحدة ذات الصلة، وعلى رأسها القرار رقم 194 لعام 1948.

السيدة الرئيس،

 قبل أن أختم بياني أود أن أشير إلى ما ورد في بيان الاتحاد الأوروبي خلال الجلسة الصباحية، والذي كرّر نفس المواقف العدائية المتعلقة بالوضع في سورية رغم أن لا صلة لها بموضوع هذه الجلسة. لقد مثّل بيانه أعلى درجات العور السياسي، إذ أنه تناول الكثير من النقاط بشكلٍ منحاز، ولم يجد مكاناً فيه لإدانة عدوان إسرائيل المستمر على سيادة الأراضي السورية التي زعم البيان أنه يحترمها، أو المطالبة بوقف النشاط الاستيطاني في الجولان السوري والمخالف لقرارات الشرعية الدولية رغم دعوته للالتزام بها. فهل هناك نفاق سياسي وازدواجية في المعايير أكثر من ذلك؟  

 

 كما أن قمة النفاق والاستخفاف بالعقول هي أن يطلب ممثل الاحتلال الإسرائيلي اليوم إدانة شعب أعزل يقاوم احتلالهم بالحجارة، ويصرف أنظار العالم عن اعتداءات سلطاته المتكررة على مدى عقود بالصواريخ والأسلحة الثقيلة والرصاص الحي على الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين.

 شكراً السيدة الرئيس.