United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

بيان المندوب الدائم السفير بسّام صباغ في جلسة مجلس الأمن حول الشأنين "السياسي والانساني" في سورية

الأربعاء, 27 (تشرين اﻷول (أكتوبر 2021
المتحدث: 
السفير بسام صبّاغ
المكان: 
مجلس الأمن

السيد الرئيس،

استمعنا باهتمام إلى إحاطتي السيدين غير بيدرسون ومارتن غريفيث، وأود أن أدلي بالملاحظات التالية:

لقد أظهرت اجتماعات الجولة السادسة للجنة الدستورية في جنيف خلال الأسبوع الماضي انخراطاً جدياً من قبل الفريق الوطني، وتحلي أعضاؤه بروح التعاون والإيجابية، وحرصهم على طرح مبادئ دستورية تستجيب لطموحات الشعب السوري وحقوقه وتطلعاته في صون السيادة الوطنية والاستقلال وتحقيق الأمن والاستقرار والرفاه الاجتماعي والاقتصادي.

في هذا السياق، تؤكد الجمهورية العربية السورية مجدداً التزامها بالحل السياسي القائم على الحوار الوطني السوري – السوري بملكية وقيادة سورية، وأن الدستور هو شأن وطني سيادي سوري، وأن اللجنة الدستورية سيدة نفسها. كما تشدد سورية على وجوب امتناع أية أطراف خارجية عن التدخل في عمل اللجنة الدستورية، أو عرقلة عملها، أو إفشاله من خلال محاولة فرض جداول زمنية مصطنعة أو خلاصات مسبقة لعملها، بما يتسق مع احترام سيادة واستقلال سورية ووحدة وسلامة أراضيها التي أكدت عليها جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ببلادي.

السيد الرئيس،   

إن العمل الإرهابي الجبان الذي وقع وسط العاصمة السورية- دمشق صباح الأربعاء ۲۰ تشرين الأول الجاري عبر تفجير حافلة بعبوتين ناسفتين، بالتزامن مع انعقاد أعمال اللجنة الدستورية، يمثل دليلاً واضحاً على مساعي التنظيمات الإرهابية ورعاتها الخارجيين لمنع التوصل إلى حل سياسي، وإعاقة جهود الحكومة السورية لإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع سورية. إن هذا التفجير الإرهابي، الذي أسفر عن وفاة ١٤ مدنياً ووقوع العديد من الإصابات في صفوف المارة، يهدف بوضوح إلى رفع معنويات الإرهابيين الذين ترعاهم قوات الاحتلال الأمريكي والتركي في إدلب والتنف ومناطق أخرى من الشمال السوري، والذين يسقطون أمام الإنجازات التي يحققها الجيش العربي السوري وحلفاؤه. إن من المؤسف والمستنكر عرقلة بعض الدول الغربية لاعتماد مجلس الأمن لمشروع البيان الصحفي الذي بادر وفد الاتحاد الروسي بتقديمه لإدانة هذا الاعتداء الإرهابي. إن هذا النهج الغربي يعكس ازدواجية المعايير والمواقف العدائية لتلك الدول.  

ومن المدان أيضاً قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بتصعيد عدوانها الهستيري على سورية، سواء من خلال قصفها للمنطقة الجنوبية قبل يومين، بعد إتمام المصالحات في درعا وإعادة الأمن والاستقرار إليها، أو عدوانها الجوي الذي سبقه من منطقة التنف التي تسيطر عليها قوات أمريكية، أو اغتيالها للمناضل والنائب السابق في البرلمان السوري مدحت صالح برشقات نيران قناص من الجانب المحتل من الجولان السوري، مما يثبت مجدداً انخراط إسرائيل في زعزعة الأمن والاستقرار في سورية.  

الجمهورية العربية السورية تؤكد تمسكها بمواصلة جهودها لتحرير أراضيها المحتلة، ومكافحة الإرهاب، بالتوازي مع جهودها السياسية، وبأن مثل هذه الاعتداءات والأعمال الارهابية لن تثنيها عن مواصلة العمل لإعادة الأمن والاستقرار، وتخليص شعبنا من كل المجموعات الإرهابية بمختلف مسمياتها. تطالب سورية مجلس الأمن بالاضطلاع بمسؤولياته لوقف الاعتداءات الإسرائيلية التي تهدد السلم والأمن في المنطقة، وإلزام حكومات الدول المعروفة الراعية للإرهاب بالكف عن انتهاكاتها للقانون الدولي والامتثال التام لقرارات المجلس المتعلقة بمكافحة الإرهاب.

السيد الرئيس،

لقد وجهتُ، يوم أمس، نيابة عن حكومة بلادي، رسالتين متطابقتين إليكم وإلى السيد الأمين العام تتضمنان موقف الحكومة السورية من تقريره حول الوضع الإنساني. ونظراً لضيق الوقت، فإنني أدعو أعضاء المجلس لقراءة هاتين الرسالتين والوقوف على ملاحظاتنا المفصلة حول التقرير، لاسيما بعد ما تم الكشف عنه من أخطاء في النسب وإحصاءات الاستجابة لطلبات وكالات الأمم المتحدة، والبيانات المغلوطة الواردة فيه، ومطالبتنا بوجوب التحقيق فيها، وتصحيحها، ورد الاعتبار للحكومة السورية، وضمان منع تكرارها.

لقد انقضى ما يزيد على ثلاثة أشهر ونصف على اعتماد هذا المجلس للقرار 2585، ولا تزال قوات الاحتلال التركي وأدواتها من التنظيمات الإرهابية تعرقل الوصول الإنساني من داخل سورية، إذ ما زالت ترفض حتى الآن وصول قافلة الأتارب التي وافقت عليها الحكومة السورية في شهر نيسان من العام الماضي إلى الشمال الغربي، ناهيك عن مواصلتها استخدم مياه الشرب كسلاح ضد المدنيين. هذا علاوة على وجود نية مبيتة لدى حكومات دولٍ غربية لعدم احترام مضامين الفقرات العاملة /2/ و/3/ و/4/ من القرار، إذ لا تزال تدأب على إحباط أي جهد لإحراز تقدم في الوصول من الداخل، وتوسيع الأنشطة الإنسانية لتشمل مجالات الإنعاش المبكر وتعزيز الصمود التي طالب القرار بتنفيذها، والتي تندرج أيضاً في إطار خطة الاستجابة الإنسانية.

إن الأمر لم يقتصر على ذلك فحسب، بل عرقلت نفس تلك الحكومات مرة أخرى اعتماد الإطار الاستراتيجي للتعاون بين الأمم المتحدة والحكومة السورية، والذي يُمكّن الوكالات الأممية من إعادة إطلاق البرامج والمشاريع التنموية في سورية ودعم جهود تحقيق التنمية المستدامة.

السؤال المطروح هنا كيف يمكن تصور تمديد مفاعيل هذا القرار في أواخر العام الجاري؟ وما الذي سيقوله الأمين العام في تقريره المضموني المطلوب تقديمه بموجب القرار؟ وهل يعقل أن نسبة التمويل المخصص لمشاريع الإنعاش المبكر لا تتجاوز 5% من إجمالي التعهدات؟     

السيد الرئيس،

إن إمعان الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي باستخدام التدابير القسرية لخنق السوريين بطريقة لا إنسانية وحرمانهم من احتياجاتهم الأساسية من غذاء، ودواء، ورعاية صحية، وكهرباء، ووقود لاسيما مع اقتراب فصل الشتاء، إلى جانب إضعاف القدرة على مواجهة جائحة كوفيد19، يناقض كل ما يدعيانه من حرص إنساني، ويفضح شعاراتهم الزائفة عن احترامهم لمبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة، وجميع قرارات منظمتنا التي أكدت مراراً وتكراراً عدم قانونية هذه التدابير القسرية وانتهاكها لحقوق الإنسان. كما يتجاهل بشكل متعمد مناشدات الأمين العام وممثليه بهذا الخصوص. وإن أية ادعاءات حول عدم وجود تأثيرات لها على حياة الشعب السوري هي مجرد تضليل لحجب الحقيقة.  

تجدد سورية مطالبتها بإنهاء الوجود اللاشرعي للقوات الأمريكية والتركية على أراضي بلادي، ووقف ممارساتها العدوانية ونهبها للموارد الاقتصادية وثروات البلاد. كما تطالب بالرفع الفوري وغير المشروط للتدابير القسرية الانفرادية المفروضة على الشعب السوري، وتشدد على أن الارتقاء بالوضع الإنساني يستلزم دعم جهود الدولة السورية في توفير الاحتياجات الإنسانية والخدمات الأساسية لجميع السوريين، ودفع تحقيق الأهداف الإنمائية، وخلق الظروف المناسبة للعودة الكريمة والآمنة والطوعية للمهجرين واللاجئين.

شكراً السيد الرئيس.