United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

بيان المندوب الدائم السفير بسّام صباغ في جلسة مجلس الأمن حول الشأنين "السياسي والانساني" في سورية

الاثنين, 20 (كانون اﻷول (ديسمبر 2021
المتحدث: 
السفير بسام صبّاغ
المكان: 
مجلس الأمن

السيد الرئيس،

اطّلع وفدي على تقرير الأمين العام المضموني حول تنفيذ القرار 2585، كما استمع باهتمام إلى إحاطة السيد مارتن غريفيث، وأود أن أدلي بالملاحظات التالية:

أولاً- فيما يتعلق بتعزيز الوصول عبر الخطوط، واصلت الحكومة السورية بذل كل الجهود الممكنة، وتقديم التسهيلات اللازمة للأمم المتحدة ووكالاتها المختصة لتيسير تنفيذ الولاية ذات الصلة في القرار 2585، في مقابل عرقلةٍ مستمرة من قبل النظام التركي وأدواته الإرهابية في إدلب.

لقد نجح التعاون بين الحكومة السورية والأمم المتحدة في نهاية شهر آب في تسيير قافلةٍ لبرنامج الغذاء العالمي عبر الخطوط من حلب إلى سرمدا شمال غرب سورية، والتي قوبلت بحملةٍ عدائية هستيرية شنها النظام التركي والتنظيمات الإرهابية العميلة له، حالت دون توزيع حمولتها على المحتاجين لعدة أشهر، وأدت إلى عرقلة عبور قافلة أخرى كان من المقرر أن تتوجه إلى سرمدا بتاريخ 9/11/2021 خلال زيارة السيد ديفيد بيسلي المدير العام لبرنامج الغذاء العالمي إلى حلب، حيث عمدت الجماعات الإرهابية لاستهداف المعابر والمسارات التي ستسلكها القافلة بالقذائف الصاروخية. كما عرقلت قافلة مماثلة كانت مقررة بتاريخ 28/11/2021. 

إن الحكومة السورية والتزاماً منها بتعزيز الوصول من الداخل إلى كافة أنحاء البلاد، وافقت على "خطة الأشهر الستة" التي تقدمت بها الأمم المتحدة، وتجاوبت بشكل إيجابي، وبسرعةٍ قياسية، مع كافة الطلبات التي تلقتها، مما أتاح تسيير قافلة مساعدات غذائية وغير غذائية مقدمة من برنامج الغذاء العالمي واليونيسيف وصندوق السكان إلى سرمدا بتاريخ 9/12/2021. إن ما تم تحقيقه من قبل الدولة السورية لتعزيز الوصول عبر الخطوط إلى الشمال الغربي يجب أن يلقى كل الترحيب من قبل مجلس الأمن. والمؤسف تجنب التقرير تسمية الأمور بمسمياتها وعدم إشارته بشكل صريح لا لبس فيه لمسؤولية النظام التركي والتنظيمات الإرهابية التابعة له عن إعاقة تنفيذ هذه الولاية على النحو المطلوب.   

فيما يتعلق بالشمال الشرقي، أكد التقرير على أن الوصول كان دائماً ممكناً لمعظم الإمدادات، وأنه تم تسيير 625 شاحنة وسبع جسور جوية. وعلاوةً على ما ذكره التقرير حول موافقة الحكومة السورية على قافلة لليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية عبر الخطوط إلى رأس العين وتل أبيض للتطعيم ضد فيروس كوفيد 19، فقد وافقت حكومة بلادي أيضاً على مهمة تقييم إنسانية للأمم المتحدة في تلك المنطقة، وهي الموافقة السادسة التي منحتها الحكومة السورية في إطار تنفيذ القرار 2585، وتزامنت مع صدور تقرير الأمين العام الذي أكد أن كل طلبات الوصول لقيت رداً إيجابياً من الحكومة السورية.

فيما يخص مخيم الركبان، فقد أكد التقرير على أن الوصول الإنساني إليه مازال بعيد المنال. كنا نتطلع إلى توضيح التقرير للأسباب التي حالت دون ذلك، والتي سبق أن أوضحنا لكم ارتباطها المباشر بالوجود اللاشرعي للقوات الأمريكية في تلك المنطقة ورعايتها لتنظيم "مغاوير الثورة" الإرهابي هناك، ونؤكد هنا على أهمية الإغلاق التام لهذا المخيم سيء السمعة والذي لا هدف له إلا زيادة معاناة المواطنين السوريين، ودعم المجموعات المسلحة.  

ثانياً- فيما يتعلق بتعزيز شفافية وكفاءة آلية العمل عبر الحدود، تجدد بلادي التأكيد على موقفها المبدئي الرافض لهذه الآلية المسيسة، لما تمثله من انتهاكٍ صارخٍ لسيادة واستقلال ووحدة وسلامة الأراضي السورية، وللعيوب الجسيمة التي طغت على عملها وفي مقدمتها الإخفاق في ضمان وصول المساعدات لمستحقيها وليس للتنظيمات الإرهابية. إن ما أكده تقرير الأمين العام حول وجود مخاطر قائمة تتعلق بالعملية الإنسانية عبر الحدود، يثبت وجاهة موقفنا من هذه الآلية. إذ يشير التقرير إلى "حقيقة أن هذه العملية تُدار عن بعد، وأن هذا الجزء من المنطقة المخدّمة يخضع لسيطرة سلطة محلية يُعتقد على نطاق واسع أن لها علاقات وثيقة مع جماعة مسلحة من غير الدول صنّفها مجلس الأمن على أنها جماعة إرهابية"، مما يؤكد إمكانية سيطرة تلك التنظيمات الإرهابية على المساعدات.

وفدي يُعبّر عن استغرابه من المبالغة الواردة في التقرير بشأن أعداد المحتاجين في الشمال الغربي، ويعتبرُ توصيف التقرير للعمل من الداخل على أنه مجرد مكمل وليس بديلاً عن العمل عبر الحدود، غير موضوعي، ويستند إلى تقييمات غير واقعية. فالوقائع أثبتت أن التعاون الجاد والصادق مع الحكومة السورية، وتعزيز العمل عبر الخطوط، كفيل بتحقيق الأهداف المرغوبة، وتجنب المخاطر والعيوب المرافقة لآلية عبر الحدود.    

ثالثاً- فيما يتعلق بمشاريع الإنعاش المبكر، يعرب وفد بلادي عن خيبة أمله البالغة لعرقلة بعض الدول الغربية - في إطار ما يسمى بمجتمع المانحين - تنفيذ الكثير من المشاريع وزيادتها كماً ونوعاً، بما في ذلك من خلال إثارة تساؤلات غير مبررة حول تعريف ماهية مشاريع الإنعاش المبكر. كما واصل هؤلاء أيضاً عرقلة اعتماد الإطار الاستراتيجي الناظم للتعاون بين الحكومة السورية والأمم المتحدة في المجالات التنموية بالرغم من المرونة الكبيرة التي أبدتها الحكومة السورية، وذلك إمعاناً منهم في تسييسهم للعمل الإنساني والتنموي، ومحاولة فرض شروطهم لتقديم المساعدات. وإلا فكيف نفسر تراجع نسبة تمويل خطة الاستجابة الإنسانية بأكثر من 200 مليون دولار على الرغم من تزايد الاحتياجات الإنسانية؟

وفدي يود أن يوضح أيضاً بأن بعض مشاريع الإنعاش المبكر التي أوردها التقرير هي مشاريع يتم تنفيذها منذ سنوات، وقبل اعتماد القرار 2585، وكنا نتطلع إلى رؤية قائمة مشاريع حيوية جديدة تسهم في تعزيز الصمود، والارتقاء بالوضع الإنساني، وتيسر العودة الآمنة والكريمة للمهجرين. ولا نقول جديداً أو غريباً بأن بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن لم تخفِ عدائها للقرار 2585 ورفضها لتنفيذ أحكامه، وسنكون مضطرون لإعلان أسماء هذه الدول.

وفدي يأسف لتجاهل التقرير الإشارة إلى الآثار الكارثية للحصار اللا قانوني واللا أخلاقي واللا إنساني الذي تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على الشعب السوري، ويطالب بالرفع الفوري وغير المشروط لتلك التدابير القسرية اللاشرعية التي يعاني منها كل سوري.

السيد الرئيس،

لغرض الحقيقة والوضوح، فإن أي تقييم موضوعي للتعقيدات المتصلة بالوضع الإنساني في سورية يقود إلى نتيجة واحدة مفادها أن السبب الرئيسي فيها هو النظام التركي وممارساته وجرائمه ورعايته للتنظيمات والكيانات الإرهابية المرتبطة به في شمال وشمال غرب بلادي. لقد سبق وأن نقلنا إلى مجلسكم الموقر عبر رسائل مختلفة سجلاً تفصيلياً لممارسات النظام التركي وجرائمه بحق الشعب السوري، بما فيها قطعه للمياه، وسياسات التتريك، والتي تتطلب جميعها ردعاً عاجلاً وحازماً من مجلس الأمن. وفدي يطالب أيضاً بمساءلة النظام التركي عن جرائمه المختلفة، ومحاولاته اليائسة لإعاقة توطيد الاستقرار في سورية، بما فيها عرقلته لتنفيذ القوافل الإنسانية عبر الخطوط وتطبيق "خطة الأشهر الستة".

في هذا المجال لا بد لنا من الإشارة أيضاً إلى ممارسات القوات الأمريكية المتواجدة بشكل غير شرعي في شمال شرق سورية، من دعمها للمليشيات الانفصالية، إلى تيسيرها قيام منظمات غير حكومية بإدارة عمليات قرصنة لا شرعية عبر الحدود عبر معبر "فيش خابور" في تناقضٍ فاضح مع قرارات مجلس الأمن، واستخدامٍ للمساعدات الإنسانية كذريعة لانتهاك سيادة الدول. وآخر ممارسات تلك القوات قيامها بإدخال كميات كبيرة من بذار القمح التي تحمل إصابات مرضية خطيرة، عبر معبر "سيمالكا" اللاشرعي، لإلحاق المزيد من الأضرار بالسوريين واقتصادهم الوطني. 

السيد الرئيس،

لقد استمعنا للعرض الذي قدمه السيد غير بيدرسون المبعوث الخاص إلى سورية، والذي أجرى قبل عدة أيام محادثات في دمشق مع السيد وزير الخارجية والمغتربين، والرئيس المشارك للوفد الوطني في اجتماعات اللجنة الدستورية.

إن الجمهورية العربية السورية تؤكد التزامها بالحل السياسي القائم على الحوار الوطني السوري – السوري بملكيةٍ وقيادةٍ سورية، والذي يحقق تطلعات الشعب السوري، ويكفل الالتزام التام بسيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها. إن سورية إذ تتطلع لعقد الجولة السابعة للجنة الدستورية، تثني على المساهمة الإيجابية للوفد الوطني في عملها، مع التشديد على وجوب منع التدخل في أعمالها من قبل أطراف خارجية، أو محاولة عرقلتها، أو فرض جداول زمنية مصطنعة أو خلاصات مسبقة لها.

في ضوء إشارة عدد من البيانات إلى ضرورة إرساء وقف شامل لإطلاق النار، وفدي يؤكد على أن تحقيق ذلك يستلزم القضاء على التنظيمات الإرهابية التي تنشط في بعض أنحاء البلاد وفي مقدمتها تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" والكيانات المرتبطة بهما، وإنهاء الاحتلال التركي والتواجد اللاشرعي الأمريكي، بما يضمن بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وإعادة الأمن والاستقرار، وإنهاء أية أوضاع شاذة وغير مقبولة. ويعتبرُ المصالحات الوطنية والمحلية كتلك التي شهدناها مؤخراً في درعا ودير الزور وغيرها، خطوة مهمة في هذا الاتجاه. كما يشير إلى أن تعاون الدولة السورية مع الجهود التي بذلها الأصدقاء الروس أدى لإطلاق سراح بعض الموقوفين والمخطوفين على الرغم من كل محاولات الجانب التركي وعملائه لمنع مثل هذا التوجه الإنساني.  

ختاماً، السيد الرئيس، اغتنم هذه الفرصة لأشكر وفدكم، ووفود كل من تونس، وسانت فنسنت وغرينادين، وفيتنام، على الجهود التي بذلتموها خلال عضويتكم في مجلس الأمن، والموضوعية التي تحليتم بها.        

   شكراً السيد الرئيس.