United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

شرح التصويت ما قبل التصويت الذي ألقاه السفير بسام صبّاغ المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية خلال الدورة الطارئة للجمعية العامة حول مشروع قرار " تعليق حقوق عضوية الاتحاد الروسي في مجلس حقوق الإنسان"

الخميس, 07 (نيسان (أبريل 2022
المتحدث: 
بسّام صباغ
المكان: 
الجمعية العامة للأمم المتحدة

السيد الرئيس،

    مجدداً، يشهدُ هذا المنبر الدولي الهام استغلالاً لمسائل حقوق الإنسان لخدمةِ المصالحِ السياسيةِ الضيقة لبعض الدول، وخلقِ حالةٍ من الاستقطابِ والتسييسِ، لاستهداف الاتحاد الروسي بذريعة التعاملِ مع الأوضاع الإنسانية في أوكرانيا.

    وفدي يؤكد الحرص على ضمانِ احترام حقوقِ الإنسانِ، وأهميةِ تقديم المساعدة الإنسانية الضرورية لجميعِ مناطق الأزمات، لكنه في الوقت نفسه يرفضُ أي تسييسٍ للمسائل الإنسانية، ويشدّد على أهمية اعتماد مبادئِ الحيادِ، والموضوعية، وعدمِ التمييز في قضايا حقوق الإنسان.

السيد الرئيس،

    إن هذا التحرك الغربي المنسّق للتشهير بالاتحاد الروسي لا علاقة له بحقوق الإنسان في أوكرانيا أو في أي مكان آخر، وإنما يندرج في إطار سعي دول غربية لفرض هيمنتها وسيطرتها على العالم، وذلك من خلال محاصرة روسيا ومعاقبتها على سياستها الخارجية المستقلة. فعندما دمرت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها مدينة الرقة السورية وقتلت الآلاف من الأبرياء فيها لم نرى هذا الحشد السياسي والإعلامي الدولي لفضح منتهكي حقوق الإنسان.

    لقد أكد قرار الجمعية العامة رقم 60\251 المُنشئ لمجلس حقوق الإنسان على أن "جميع حقوق الإنسان عالمية، وغير قابلة للتجزئة، ومترابطة، ومتشابكة، وأنه يتعين معاملة جميع حقوق الإنسان معاملة منصفة وعادلة، وعلى قدم المساواة وبالقدر نفسه من الاهتمام". إلا أن الممارسة العملية التي شهدناها منذ إنشاء هذا المجلس وحتى الآن، تُثبت تبنّي بعض الدول الغربية للتسييس، والانتقائية، والمعايير المزدوجة في التعامل مع قضايا حقوق الإنسان، إذ تركز على حالات دول بعينها بما يخدم أغراضها السياسية، وفي نفس الوقت تغضّ الطرف عن حالات أخرى تم فيها ارتكاب انتهاكات جسيمة وممنهجة لحقوق الإنسان على مرأى ومسمع العالم أجمع، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني على مدى عقود على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية أوضح دليلٍ على ذلك.

والمثال الآخر على نفاق تلك الدول هو تجاهلها لحقوق وأمن وسلامة المدنيين بمن فيهم الأطفال والنساء في دونباس الذين تعرضوا لحملة عدائية ممنهجة وقصف مستمرٍ لعدة سنوات، فلماذا لم نشهد مثل هذا التحرك الغربي من أجل حمايتهم والدفاع عن حقوقهم؟

    إن تذرّع الساعين وراء هذا التحرك بنص الفقرة الثامنة من قرار إنشاء مجلس حقوق الإنسان يُثير قلقاً جدياً حول ماهية القرائن التي تم الاستناد عليها في الحديث عن ارتكاب انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان، وما مدى مصداقية المصادر التي تم الاعتماد عليها، وما هي الآليات الدولية المحايدة التي أكدت وقوع مثل تلك الانتهاكات، وحددت هوية مرتكبيها؟ إن قيام بعض الدول بإطلاق الاتهامات والترويج لها عبر دعاية مضللة من خلال نشر صورٍ وفيديوهاتٍ مجهولة المصدر والمكان، ونشرها عبر المصادر المفتوحة لا يمكن أن يكون أساساً متيناً كي تتخذ الجمعية العامة قراراً بشأنها. وكما في الحالة السورية فإن جلسات مجلس الأمن والجمعية العامة يجب أن تسبقها دائماً مسرحيات واستفزازات، وهو ما نشهده الآن في الحالة الأوكرانية، وذلك لتبرير القرارات التي تخطط الدول الغربية والمعادية لاتخاذها باسم شرعيتهم الدولية المزعومة.

السيد الرئيس،

    إن مشروع القرار المعروض أمامنا اليوم ينطوي على حالة خطيرة من العدائية، ومثال واضح على انتهاج سياسة الإقصاء التي لطالما حذّرت منها بلادي. فتعليق عضوية الاتحاد الروسي في مجلس حقوق الإنسان سيكون له تأثير سلبي على حالة التوازن فيه، وعلى عالميته وفاعلية دوره، إذ أن هذا التعليق سيعزز هيمنة مجموعة من الدول الغربية على هذا الجهاز الهام، وفرض رؤيتها ومعاييرها في مجال حقوق الإنسان، واستخدامها كأداةٍ للضغط السياسي واستهداف دول بعينها. وإذا كنا أكثر صراحة وشفافية فإننا نرى في مثل هذه الممارسات تهديداً لوجود منظومة الأمم المتحدة ذاتها.     

    بناءً عليه، وانطلاقاً من موقفه الثابت والراسخ في رفض جميع محاولات تسييس حقوق الإنسان والتلاعب بها، سيصوت وفدي ضد مشروع القرار قيد النظر، ويحثّ الوفود الأخرى على التنبّه لمخاطر الانجرار وراء مساعي الصدام، والعزل، والاستعداء، ويدعو إلى رفض سياسة المعايير المزدوجة، والنأي بمواضيع حقوق الإنسان عن أي اعتبارات سياسية. وإذا أرادت دولنا استمرار وبقاء الأمم المتحدة فعلينا جميعاً أن نقول لا لمثل هذه القرارات.

 وشكراً السيد الرئيس.