United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

Report of the SG on the implementation of resolutions 2139, 2165 and 2191

Thursday, 26 February 2015
Presenter: 
H.E. Bashar Ja'afari
Location: 
Security Council

السيد الرئيس،

اسمح لي في البداية أن أتوجه بالشكر لكل من المفوض السامي لشؤون الاجئين ومساعدة وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية على احاطتيهما حول الوضع الإنساني في سوريا، والشكر موصول للرئاسة التي تكرمت، هذا الصباح، بإصدار بيان صحفي يدين قيام تنظيم "داعش" بخطف مئات الأشوريين السوريين من قراهم في الحسكة. وأشكر كل من تعاطف من المتحدثين مع المعاناة الإنسانية التي تمر بها شرائح واسعة من شعب بلادي في سوريا جراء الأزمة. سأستهل بياني بملاحظات تمهيدية.

السيد الرئيس،

قبل حوالي الشهر اعتمد مجلس الأمن قراره رقم 2199 الذي يدين التدمير الذي تعرض له التراث الثقافي في العراق وسوريا على يد تنظيم داعش وجبهة النصرة، ولأن بعض الدول الأعضاء ليس جادا في محاربة داعش والنصرة بموجب هذا القرار، فقد قام إرهابيوا داعش بتدمير متحف الموصل اليوم وبيع مئة قطعة من الآثار السورية في لندن في مزاد علني قبل أيام. ومع ذلك فإن المرأ يستغرب مكابرة بعض المتحدثين على خطأ سياسات حكوماتهم تجاه بلادي، وإصرارهم على ابتزاز الشعب السوري والرأي العام الدولي بالقول أنه طالما بقي السيد الرئيس بشار الأسد رئيسا لسوريا فإن داعش وجبهة النصرة ستزدادان قوة!! وهذا التصريح الخطير يكشف هوية داعمي إرهاب داعش وجبهة النصرة في كل من سوريا والعراق ومصر وليبيا ولبنان، ويشرح أسباب استمرار بقاء استمرار داعش والنصرة في المنطقة، وزيف الإدعاء بمحاربة هذين التنظيمين الإرهابيين.

السيد الرئيس،

سمعت امتعاض زميلة من قيام قواتنا المسلحة باستهداف الإرهابيين بما أسمته "البراميل المتفجرة"، وبغض النظر عن صوابية شئ أسمه "براميل متفجرة" باللغة العسكرية، فإن الشئ الملفت للانتباه هو أن سلاح طيران بلادها يستهدف من يسميهم بالإرهابيين بصواريخ كروز وبالقنابل الذكية وبأكثر الأسلحة الدموية في العالم....، إذن، لماذا يجوز لبلادها استهداف الإرهابيين فوق أراض الآخرين ولا يجوز لقواتنا المسلحة استهداف نفس الإرهابيين فوق ترابنا الوطني؟ ولماذا يصبح الإرهابي الذي نستهدفه فوق ترابنا الوطني مدنيا بريئا تلقى فوق رؤوسه البراميل المتفجرة.

السيد الرئيس،

لقد مضى عامٌ كامل على اعتماد القرار 2139 وأكثر من 7 أشهر على اعتماد القرار 2165 بهدف التعامل مع الوضع الإنسانيّ في سوريا؛ ومع ذلك مازال الوضع الإنساني متدهوراً في بعض المناطق، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا هو: لماذا؟!. للإجابة على هذا السؤال لا بدّ لنا من وقفة جديّة لتقييم طريقة التعامل مع هذا الملف الإنساني الهامّ، وبالتالي تحديد المعايير الأساسيّة التي يجب أن تحكم طريقة عملنا سويّةً، بما يسهم فعلاً في تخفيف المعاناة الإنسانية للشعب السوري. وللوصول إلى ذلك يجب أوّلاً أن نشخص سبب المشكلة الأساسي، وثانياً أن نحدد الهدف الذي نبتغي الوصول إليه، وثالثاً أن نعتمد الأسس القانونية التي سنعمل وفقها، ورابعاً أن نضع الأليات التي ستحكم طرائق عملنا. وسأتطرق لهذه النقاط كلٌ على حدة:

أولاً- تشخيص سبب المشكلة:

لقد حان الوقت للبعض، بعد إنكار طويل، للإقرار بأن السبب الرئيسي لنشوء الأزمة الإنسانيّة في عدد من المناطق السورية، إنما يعود إلى بروز وانتشار ظاهرة الإرهاب المدعوم خارجيّاً؛ حيث يمكن لأي متابع موضوعيّ أن يلاحظ بسهولة أن الأزمة الإنسانيّة، بما في ذلك أزمة النزوح واللجوء، لم تنشأ إلا في المناطق التي دخلت إليها التنظيمات الارهابيّة المسلّحة، وخير مثالٍ على ذلك ما حدث في مدينة حلب التي حافظت على استقرارها وازدهارها لأكثر من عام ونصف بعد بدء الأزمة، دون أي مشاكل تُذكر إلى أن  قرّرت بعض الدول الإيعاز لمجموعاتها الارهابية العابرة للحدود والمتعدّدة الجنسيات بالدخول إلى المدينة واتخاذ مدنييها دروعاً بشريّة. إذاً علينا أن نتّفق على أن جميع الإجراءات، مهما كانت، ستبقى تجميليّة وقاصرة عن رفع المعاناة الإنسانيّة للسوريين المحتاجين ما لم تُنفذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الارهاب، خاصة القرارات 2170 و2178 و2199، وذلك بالتنسيق والتعاون الكامليّن مع الحكومة السوريّة؛ وبالتالي وضع حد لممارسات التحالف الارهابي التركي- القطري- السعودي- الاسرائيلي الداعم والممول والمسلح لـ"داعش" و"جبهة النصرة" و"الجيش الحر" وباقي التنظيمات الارهابية التي تتبنى فكر وممارسات تنظيم القاعدة. وهذا ما أكده، مؤخراً، الجنرال الأمريكي، ويسلي كلارك، القائد العامّ السابق لحلفِ الناتو، عندما أوضح بأن "داعش" قد ظهرت عبر تمويل من قبل أصدقاء وحلفاء الولايات المتّحدة المقربين. كما أنه لا يمكن الحديث عن تحسين الوضع الإنساني مع استمرار تقديم السلاح والتدريب للارهابيين تحت مسمى "المعارضة المعتدلة" التي أقرّ السفير الأمريكي السابق إلى سوريا، بعد صحوة متأخرة، بأن هذه "المعارضة المعتدلة"!! تتعاون مع "جبهة النصرة" وتدافع عنها.

ثانياً- تحديد الهدف المُبتغى:

 لابدّ من الإجابة على السؤال التالي: هل الهدف هو فعلاً تحسين الوضع الإنساني في سوريا أم أنّ الهدف يقتصر، لدى البعض، على استخدام معاناة وآلام السوريين كوسيلة للضغط  على الحكومة السورية. وإذا اتفقنا بأن الهدف هو تحسين الوضع الإنساني فيجب القيام بما يلي:

  1. العمل على معالجة ظاهرة الارهاب وفقاً لما أوضحته آنفاً.
  2. الرفع الفوري للاجراءات القسرية أحادية الجانب التي اتخذتها بعض الدول، ومنها دول أعضاء في هذا المجلس، بحق الشعب السوري الذي يتشدق متخذي تلك الاجراءات بالحرص عليه. ويكفي أن نذكر هنا بأن الاتحاد الأوربي قد فرض عقوبات على الطيران المدني السوري. الطيران المدني السوري لا يحق له الحصول على الوقود!! كما فرض عقوبات على وزيرة الإغاثة وعلى وزير الكهرباء وعلى وزير المصالحة الوطنية.
  3. التوقف عن تسييس الشأن الإنساني في سوريا، بما في ذلك التقارير التي تقدمها الأمانة العامة. وقد نقلنا إلى مجلسكم الموقر ملاحظات الحكومة السورية على التقرير المعروض أمامنا، ولكنني سأضرب هنا مثاليّن فقط على هذا التسييس:

المثال الأول: يتعلق بالادعاءات حول محاصرة الحكومة السورية لبعض المناطق ومنعها لدخول المساعدات إليها؛ وأسأل هنا: كيف يمكن القول بأن هذه المناطق هي مناطق محاصرة في ظل استمرار تدفق الأسلحة والذخائر إليها من الدول الداعمة للارهاب، ومن ثمّ استخدام هذه الأسلحة لشن هجمات صاروخية عشوائية وتنفيذ تفجيرات انتحاريّة في الأحياء الآمنة في دمشق وحلب وحمص؟ وهو الأمر الذي أودى حتى تاريخ 22/2/ 2015 بحياة /17186/ مدني سوري من بينهم /1867/ طفلاً. واللافت هنا أن البعض، بما في ذلك معدي التقارير آنفة الذكر، قد ابتدَع لنا مصطلحاً جديداً لوصف المجموعات الإرهابية وهو "المعارضة السوريّة المسلّحة"؛ على الرغم من أن الجميع يعرف بأن المعارضة في أي بلد من بلداننا جميعاً لا يمكن أن تكون إلا معارضة سياسيّة سلميّة، أما المجموعات التي تحمل السلاح خارج سلطة الدولة وتضم في صفوفها عشرات الآلاف من المقاتلين الإرهابيين الأجانب وتقتل وتدمر وتخرب فلا يمكن تسميتها إلا بأسمائها الحقيقيّة وهي "المجموعات الإرهابية"، حسب توصيف قرارات مجلس الأمن لها. وحقيقة الأمر، السيد الرئيس، أنه لا يوجد فقط 220 ألف محاصر كما أشار البعض، بل هناك 23 مليون سوري محاصر من قبل الدول التي تدعم الإرهاب وتفرض العقوبات على الشعب السوري.

المثال الثاني: يتعلق بادعاءات استخدام ما يسمى "البراميل المتفجرة" بهدف شيطنة الحكومة السورية وتشويه صورتها؛ مع أن ما يقوم فيه الجيش السوري هو مكافحة الإرهاب وحماية المدنيين وفقاً للقوانين والأعراف الدوليّة مع الحرص الكامل على عدم تعريض حياة المدنيين المتواجدين في مناطق انتشار الارهابيين للخطر، لا بل أن التزام الجيش الصارم بسلامة هؤلاء المدنيين قد أعاقه، في الكثير من الأحيان، من القضاء على هؤلاء الإرهابيين مما أطال أمد الأزمة أربع سنوات. 

ثالثاً- تحديد الأسس القانونية التي ستيم الاستناد إليها في إطار تقديم المساعدات الإنسانية:

 يُفترض هنا أن نتّفق على ضرورة أن يتمّ العمل وفقاً لمبادئ الأمم المتّحدة التوجيهيّة للمساعدة الإنسانيّة في حالات الطوارئ، التي أرساها قرار الجمعيّة العامة رقم 46/182، وفي مقدّمتها احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها.

رابعاً- الأليات التي ستحكم طرائق العمل:

في ضوء أوجه القصور التي اعترت طريقة تقدّيم المساعدات الإنسانية، لابد من من القيام بما يلي لتلافي هذه الأوجه:

  1. تعزيز التعاون والتنسيق مع الحكومة السورية وذلك لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها الفعليين من المدنيين في كافة المناطق السورية دون تمييز؛ وضمان عدم وقوع هذه المساعدات تحت أيدي المجموعات الإرهابية المسلحة، كما حدث في العديد من الأحيان والتي كان أخرها استيلاء "داعش"، مطلع هذا الشهر، على مساعدات برنامج الغذاء العالمي التي تمّ إدخالها من تركيا.
  2. لا بد من التركيز على إيصال المساعدات الإنسانية من داخل الأراضي السورية، ففي الوقت الذي تم فيه إيصال المساعدات من الداخل السوري إلى 3.4 مليون مستفيد خلال شهر كانون الثاني 2015 فقط، بفضل جهود وتعاون الحكومة السورية وآلاف المتطوعيين من منظمة الهلال الأحمر السوري، شهدنا ضآلة في حجم المستفيدين من المساعدات التي تم إدخالها عبر الحدود، وهذا ما يؤكد عدم نجاعة الاجراءات المتخذة من قبل الأمم المتحدة في تطبيق القرارين 2165 و2191. هذا ناهيك عن أن البعض كان يهدف من وراء الإصرار على إدخال "المساعدات عبر الحدود" إلى تنفيذ أجندات سياسية خفيّة لانتهاك السيادة السورية والترويج لإقامة ما يسمى "ممرات إنسانية"، خاصة إذا ما علمنا بأن تركيا والسعودية تستغلان هذين القرارين لإدخال الأسلحة والإرهابيين إلى سوريا عبر ذات المعابر التي تستخدمها الأمم المتحدة سواء مع تركيا أو الأردن.
  3. يجب الالتفات بشكل جديّ لمعالجة نقص التمويل؛ ففي الوقت الذي تتحمل فيه الحكومة السورية الجزء الأكبر من حجم المساعدات الإنسانية الموزعة في سوريا، لم تتجاوز نسبة تمويل خطة الاستجابة للمساعدة الإنسانية 48 في المائة فقط في العام 2014؛ إلا أن "خطة الاستجابة لتمويل الأعمال الارهابية في سوريا" قد بلغت 100% أو ربما أكثر وذلك بفضل المساهمات القطرية والتركية والسعودية السخيّة.

السيد الرئيس،

اسمح لي أن أغتنم تواجد السيد غوتيريس بيينا اليوم، للتطرق إلى مسألة اللاجئين السوريين. لقد أسلفت بأن جرائم المجموعات الإرهابية المسلحة هي التي دفعت السوريين في بعض المناطق إلى مغادرة بيوتهم والتحول إلى نازحين أو لاجئين في مخيمات نصبت لهم على أراضي دول مجاورة، بهدف استخدامهم كورقة للضغط السياسي وتبرير المخططات التدخليّة، واستجداء المساعدات المالية. وما يزيد الوضع ضغثاً على إبالة، تحويل بعض هذه المخيمات إلى معسكرات لتدريب الإرهابيين وتجنيد الأطفال لإرسالهم إلى سوريا، وذلك وفقاً لما أكدته العديد من التقارير الدولية.  إن من يريد مساعدة اللاجئين السوريين حقاً، يجب أن يعمل، أولاً وقبل كل شيىء، على مساعدتهم على العودة إلى وطنهم سوريا، وذلك بالتعاون مع الحكومة السورية التي أكدت مراراً على استعدادها لتأمين كل احتياجاتهم الأساسية، بما في ذلك المأوى، في انتظار عودتهم إلى بيوتهم التي هجروا منها. 

السيد الرئيس،

ختاماً أكرر تأكيدنا على أن حلّ الأزمة في سوريا هو حل سياسي سوري بامتياز، استناداً على قرارات مجلس الأمن والقانون الدول وميثاق الأمم المتحدة، أساسه الحوار السوري-السوري وبقيادة سورية حصراً وبعيداً عن أي شكل من أشكال التدخل الخارجي في شؤوننا الداخلية. ونحن نشكر كل من يساهم في التخفيف من المعاناة الإنسانية لشعبنا بشكل نزيه بعيداً عن أي أجندة سياسية تدخلية أو ابتزازية لهذه المسألة الإنسانية الهامة.