شكرا السيدة الرئيسة، لعقدكم هذه المناقشة المفتوحة حول المرأة والسلام والأمن لبحث الموضوع الهام المتعلق بالنساء والفتيات المشردات. كما اود أن أهنئكم على رئاستكم الناجحة لمجلس الامن خلال هذا الشهر. إن دولة الامارات ترحب بالبيان الرئاسي الشامل الذي اعتمده المجلس بتوافق الآراء هذا الصباح، وتضم صوتها الى أصوات الاخرين في توجيه الشكر إلى الأمين العام على تقريره الأخير الذي تضمن معلومات هامة بشأن التقدم المحرز حتى الآن والتحديات الكبيرة التي لا تزال تعوق التنفيذ الكامل لجدول الأعمال المتعلق بالمرأة والسلام والأمن. كما نتوجه بالشكر أيضا إلى المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة لدعوتها الصريحة والشجاعة لاتخاذ إجراء إزاء هذه المسألة، وإلى من قدموا إحاطات هامة ومتعمقة هذا الصباح.
تركز المناقشة المفتوحة اليوم على موضوع النساء والفتيات المشردات وهو أمر في غاية الأهمية، إذ أن وقوع أزمات جديدة وتفشي العنف يؤدي الى ارتفاع مستويات النزوح القسري. فاليوم هناك أكثر من 51 مليون شخص من اللاجئين والمشردين وهو أكبر عدد من اللاجئين وطالبي اللجوء والمشردين داخليا منذ الحرب العالمية الثانية، وثلاثة أرباع هؤلاء النازحين هم من النساء والأطفال.
وقد اقر كثيرون هنا في بياناتهم بضرورة العمل من أجل مواجهة هذا الأمر. علينا أن نضمن وجود قيادة مثابرة تعمل بثبات على تعزيز المشاركة الفعالة وفرص القيادة للمرأة في معالجة الأسباب الجذرية للتشرد والآثار المترتبة عليه. إننا بحاجة لضمان ثبات الالتزام في تنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالمرأة والسلام والأمن. كما ينبغي علينا في إطار منظومة الأمم المتحدة أن نشجع إجراء المزيد من التحليل للصراع من المنظور الجنساني والوفاء بالتزاماتنا المتعلقة بالمرأة والسلام والأمن كي نفهم بصورة أفضل التقدم الذي تم إحرازه والتحديات التي لا تزال تعوق التنفيذ. ويمكننا من خلال هذه الإجراءات القيام بدورنا كدول أعضاء لضمان إبقاء جدول أعمال المرأة والسلام والأمن في مركز الجهود المبذولة لتحقيق هدفنا المشترك المتمثل في تحقيق السلام والأمن الدوليين.
سيدتي الرئيسة،،
لقد مضى أربعة عشر عاما منذ الاعتماد التاريخي لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325 والذي أقر المجتمع الدولي من خلاله بالدور الحيوي الذي تلعبه المرأة في منع وتخفيف آثار الصراعات وتسويتها، وأعترف بالعبء المتباين الذي تتحمله النساء والفتيات خلال أوقات الصراع.
وقد تم إحراز تقدم كبير في مجال المرأة والسلام والأمن، ويتم ادماج جدول أعمال المرأة والسلام والأمن بصورة متزايدة داخل منظومة الأمم المتحدة. إن البيانات الواردة بتقرير الأمين العام تظهر تقدما هاما في هذا الصدد. فمن حيث الوقاية من الصراعات، يتم خلال مداولات مجلس الامن إيلاء اهتمام ثابت بموضوع المرأة والسلام والأمن حيث أن ثلاثة أرباع قرارات الأمم المتحدة المعتمدة في عام 2013 تضمنت الإشارة الى المرأة والسلام والأمن. وبالنسبة لتدابير الحماية، طرأت تحسينات على ولايات حفظ السلام والرصد والتدريب، مع صدور توجيهات واضحة تدعو إلى زيادة مشاركة المرأة في شرطة الامم المتحدة والجيش. أما على مستوى الإغاثة والإنعاش، فقد زاد التركيز على التمكين الاقتصادي للمرأة في عمليات بناء السلام، مع وجود إدراك متزايد لأهمية الاستقرار الاقتصادي في مرحلة ما بعد الصراع كما جاء في قرار مجلس الأمن 2122 وفي الإعلان الذي اعتمدته لجنة بناء السلام في عام 2013 بشأن التمكين الاقتصادي للمرأة. هذه القرارات تعترف بأن تمكين المرأة اقتصاديا يخلق فوائد اجتماعية على المدى الطويل حيث اثبتت الدلائل أن النساء تميل إلى إعادة استثمار ما يصل إلى 90٪ من دخلهن على عائلاتهن. أن تمكين المرأة اقتصاديا في فترة ما بعد الصراع هو أمر أساسي لضمان استمرار السلام والاستقرار.
ورغم ذلك لا يزال هناك العديد من التحديات. إن البيانات التي أُلقيت اليوم تعترف بوجود تأخير غير مقبول في مجالات تنفيذ العديد من المعايير المقبولة على نطاق واسع. فعلى سبيل المثال، رغم تزايد الاهتمام العالمي بالعنف الجنسي في حالات الصراع، إلا أن هناك الكثير مما ينبغي عمله لضمان ترجمة هذا الاهتمام إلى أفعال، بما في ذلك تحقيق العدالة وتقديم المساعدة إلى الضحايا. كما لاتزال هناك انتهاكات واسعة النطاق للقانون الإنساني الدولي تحدث في جميع أنحاء العالم، وتحديات تواجه ضمان حماية المدنيين. إن ثقافة الإفلات من العقاب منتشرة على نطاق واسع. وقد أدرك الكثير من الدول الأعضاء بأننا نمر حاليا بمرحلة تحول في المشهد الأمني حيث أدى تصاعد التطرف العنيف إلى زيادة العنف ضد النساء والفتيات واستهدافهن، وهو أمر غير مقبول للإمارات العربية المتحدة ولجميع الدول الأعضاء التي تشعر بالمسؤولية.
ورغم أن ما يحدث هو واقع عالمي الآن، إلا أنه يعتبر مشكلة ملحة بصورة خاصة في منطقتنا. ففي العراق، والأردن، ولبنان، وسوريا، وتركيا، أربعة من كل خمسة لاجئين أو مشردين هم من النساء أو الأطفال. وداخل سوريا، هناك 4,25 مليون مشرد داخليا إلى جانب 6.8 مليون شخص في حاجة إلى المساعدات الإنسانية. وننوه في هذا الصدد إلى المعلومات الهامة التي سلط تقرير لجنة الإنقاذ الدولية الصادر في شهر سبتمبر 2014 الضوء عليها بشأن المحنة التي تواجهها النساء والفتيات السوريات. أن جمع المعلومات وتمويل الأبحاث يجب أن يظل أولوية لدى المجتمع الدولي، لتعزيز حججنا ولضمان تحقيق العدالة للجميع بلا استثناء.
إن أعداد المشردين قسرا مستمرة في الارتفاع بصفة يومية، مع فرار الكثيرين إلى الدول المجاورة وهو ما يتطلب اهتماما عاجلا. إن المشردين في لبنان يشكلون نحو خمس السكان في البلد. أما في الأردن، فيعتبر مخيم الزعتري للاجئين ثالث أكبر "مدينة" في الأردن من حيث الأرقام المطلقة. الضغوط هائلة على المجتمعات المضيفة وتمتد آثارها إلى الدول المجاورة.
لقد حاولت دولة الامارات القيام بدورها واتخذت تدابير لتلبية احتياجات النازحين قسرا ولحماية النساء من العنف على المستويين الدولي والإقليمي.
وفي هذا الصدد، قامت دولة الامارات ببناء مخيم “مريجيب الفهود” على الحدود الأردنية من أجل إيواء اللاجئين السوريين في الأردن وهو مخصص فقط للمتزوجين والأطفال والنساء. وقد ساعدت الطبيعة العائلية للمخيم على حماية المرأة من التحرش والعنف خارج نطاق الزوجية، والاستغلال، وساهمت في تخفيض مستوى العنف العام تجاه النساء والأطفال داخل المخيم.
كما أن دولة الامارات ملتزمة بحشد الدعم على مستوى الأمم المتحدة أيضا، حيث أطلقت سلسلة حلقات نقاشية عن المرأة والسلام والأمن بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة ومعهد جورج تاون للمرأة والسلام والأمن من أجل دعم الدراسة العالمية المعنية بتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325. وتهدف سلسلة المناقشات إلى بحث التحديات المرتبطة بتنفيذ القرار 1325، وتحديد القضايا الناشئة، وزيادة فرص تعزيز أهداف جدول الأعمال المتعلق بالمرأة والسلام والأمن.
وبالأمس ركزت حلقة النقاش على استكشاف الأدوار المختلفة التي تقوم بها المرأة لمواجهة التطرف العنيف وأحيانا كعنصر فعال في انتشاره. ورغم أن المناقشة كانت تفصيلية للغاية، إلا أنها خرجت بتوصيات وافكار. أولا، لابد من إشراك المرأة في عملية التغيير المفاهيمي عند وضع استراتيجيات فعالة لمواجهة التطرف العنيف. ثانيا: علينا أن نعترف أن النساء لا يشكلن مجموعة واحدة متجانسة وضرورة انعكاس ذلك على منهج تعاملنا معهن. ثالثا: نحتاج إلى اتاحة مساحة سياسية للنساء لسماع آرائهن المختلفة. ويمكننا عبر هذه المساحة ان نجد حلولا في سياقات محلية وثقافية محددة. رابعا: علينا ان نقر بأن النساء هن محركات التغيير وانهم لسن ضحايا فقط. خامسا: علينا مواجهة القول السائد بأن مكافحة التطرف العنيف تنحصر فقط في المنظور الأمني. أن حصر دور المرأة في استراتيجيات مواجهة التطرف العنيف من المنظور الامني فقط قد يزيد من خطر تهميش دور المرأة والمنظمات النسائية. إننا بحاجة إلى اتخاذ نهج أكثر شمولية تجاه التهجير القسري، بعيدا عن المقاربات الأمنية التقليدية، نهج يركز على احتياجات التنمية وتلبية الاحتياجات اليومية للمشردين قسرا. ويمكن من خلال تلبية هذه الاحتياجات اليومية خلق بيئة تسمح للنساء وأسرهم والمجتمعات المحلية بالمشاركة الكاملة في منع التطرف العنيف في مجتمعاتهم. وأخيرا، يجب أن نستمر في الدعوة إلى زيادة التمويل لجمع البيانات والمعلومات وإعداد التقارير لضمان ان ما يتم الاجماع عليه في مناقشاتنا حول محور المرأة والسلام والأمن يتم تعزيزه من خلال الأدلة.
إن الأمم المتحدة ستظل المنتدى الرئيسي لمناقشة جدول الأعمال المتعلق بالمرأة والسلام والأمن. ولقد تم إحراز تقدم كبير من خلال الجهود المتضافرة والمستمرة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تلبية احتياجات الجنسين من المشردين واللاجئين. إن دولة الامارات ستواصل التعاون مع شركائها في الأمم المتحدة والشركاء الدوليين في هذا المسعى الهام، وتأمل أن نتمكن خلال عام 2015 من تحقيق تقدم كبير في هذا الشأن.
شكرا سيدتي الرئيسة