United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

صبّاغ: وجوب إنهاء تسييس العمل الإنساني في سورية ودعم جهودها في المجالين الإنساني والتنموي بما يتيح عودة المهجرين

الخميس, 25 (شباط (فبراير 2021
المتحدث: 
المندوب الدائم السفير بسّام صبّاغ
المكان: 
مجلس الأمن

 

 

 

السيدة الرئيس،

       إن اجتماع المجلس اليوم هو الأول الذي أشارك فيه كمندوبٍ دائمٍ جديد للجمهورية العربية السورية، ولهذا أود أن أعرب عن شكري للزملاء الذين رحبوا بي، وتطلعي للانخراط مع أعضاء مجلس الأمن في مناقشات بنّاءة وموضوعية حول المسائل المتعلقة بسورية.

السيدة الرئيس،  

لقد استمعتُ باهتمام للإحاطة التي قدّمها السيد مارك لوكوك، وكيل الأمين العام حول تنفيذ القرارات المتعلقة بالشأن الإنساني، كما أطلع وفدي على تقرير الأمانة العامة الحادي والسبعين ذي الصلة. إلا أننا نشعر بخيبة الأمل إزاء الاستمرار في التجاهل الممنهج والمتعمد للكثير من الحقائق الهامة المرتبطة بالوضع الإنساني في سورية، وكنا نأمل من السيد لوكوك أن يبدد هذا الشعور لدينا في إحاطته التي قد تكون الأخيرة.

السيدة الرئيس،

       لقد انخرطت الحكومة السورية على مدى سنوات الأزمة في تعاونٍ جديٍ وبنّاء مع الأمم المتحدة والدول الصديقة والشركاء الإنسانيين وفي مقدمتهم الهلال الأحمر العربي السوري، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأكثر من خمسين منظمةً أجنبية غير حكومية مرخص لها بالعمل في سورية أصولاً. وقد أسهم هذا التعاون والتسهيلات الكبيرة التي قدمتها الحكومة السورية في تحقيق إنجازات ملموسة لا يمكن إنكارها، وذلك على الرغم من التحديات الجسيمة التي فُرضت عليها، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب، والآثار السلبية للتدابير القسرية الأحادية الجانب، وأعمال العدوان والاحتلال. إن الحقيقة التي ستبقى ماثلة أمامنا مهما حاول البعض التعتيم عليها، هي: أنه ما كان للأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة تحقيق أي إنجازات في المجال الإنساني في سورية لولا الدعم والتسهيلات الكبيرة التي توفرها لها الحكومة السورية.

       والحقيقة الثانية، السيدة الرئيس، هي أن التسييس البالغ لقضايا الشأن الإنساني في سورية قد أدى عملياً إلى زيادة حجم المعاناة الإنسانية، والتقارير المقدمة إلى هذا المجلس- التي لا تتفق مع معايير العمل الواجب اتباعها في الأمم المتحدة - قد سمحت لبعض الدول الأعضاء باستخدام هذه التقارير كأداةٍ لتسييس الشأن الإنساني، ولحرف الانتباه عن التناول الجدي والموضوعي للعوامل المسببة لتراجع الوضع الإنساني في سورية.

السيدة الرئيس،

إن أي إحاطات أو تقارير تقدم لمجلسكم ستبقى قاصرةً ومشوبةً بعيوب جسيمة طالما استمرت في تجاهل التحديات الأساسية التي سأوجزها بالتالي:

أولاً: الجرائم التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها تنظيمي "داعش" و"هيئة تحرير الشام / جبهة النصرة" الإرهابيين والكيانات الأخرى المرتبطة بهما. إلى جانب التجاهل المتعمد لاستغلال تلك التنظيمات الإرهابية للمساعدات الإنسانية – وخاصةً تلك الواردة عبر الحدود - لتمويل أنشطتها الإرهابية، وتجنيد أعضاء جدد في صفوفها، واستغلال حاجة المدنيين الذين تحتجزهم كدروعٍ بشرية في مناطق سيطرتها. فمنذ عدة أيام وحتى الآن، تمنع المجموعات الإرهابية المسلحة المسيطرة على محافظة إدلب، الأهالي من التوجه إلى معبر سراقب – ترنبة الإنساني الذي افتتحته الحكومة السورية لتيسير خروج المدنيين من إدلب وللتخفيف من معاناتهم الإنسانية جرّاء الحصار الذي تفرضه عليهم تلك المجموعات الإرهابية. ولترهيب المدنيين ومنعهم من التوجه إلى ذلك المعبر الإنساني، قامت تلك المجموعات بإطلاق عدة رشقات من القذائف من مواقعها في بلدة النيرب باتجاه بلدة سراقب. كما تواصل احتجاز أكثر من ثلاثة آلاف طالب في المرحلة الثانوية ونحو 3300 طالب تعليم أساسي موجودين في مناطق سيطرتها ومنعهم من تقديم امتحاناتهم العامة في المراكز الامتحانية الرسمية التابعة لوزارة التربية السورية.

ثانياً: الآثار الكارثية للتدابير القسرية الأحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري، والتي تمثل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي وعقاباً جماعياً للشعوب وذلك بإقرار الأمم المتحدة ذاتها. إن هذه التدابير تحول دون حصول السوريين على احتياجاتهم المعيشية الأساسية بما فيها الغذاء، والدواء، والتجهيزات الطبية، والكهرباء، والوقود، وتحد من قدرة مؤسسات الدولة السورية على الاستجابة للتحديات الإضافية التي فرضتها جائحة كوفيد– 19، كما تعيق أيضاً جهود المنظمات الدولية العاملة في سورية.

ثالثاً: الاحتلال العسكري التركي لمساحات واسعة من الأراضي السورية في شمال وشمال غرب سورية، وممارسته لسياسة التتريك من خلال تغيير أسماء البلدات والقرى، والمناهج التعليمية، وفرض التعامل بالليرة التركية، ومصادرة أراضي المزارعين السوريين لبناء ما يسمى بالجدار الفاصل عليها. إلى جانب توفيره مظلةً للتنظيمات الإرهابية، بما فيها تلك المصنفة في قوائم مجلس الأمن كمنظماتٍ إرهابية، لاستباحة الممتلكات العامة والخاصة، وتسهيل نهب النفط، والممتلكات الثقافية، والمحاصيل الزراعية، فضلاً عن استخدامه لمياه الشرب كسلاحٍ ضد المدنيين من خلال قيامه، وبشكل متكرر ثماني عشرة مرة، بوقف ضخ المياه من محطة علّوك وحرمان أهلنا في مدينة الحسكة وجوارها من الماء. إن هذه الانتهاكات الجسيمة تستدعي حقيقةً الإدانة، وليس الإشادة.

رابعاً: الاحتلال الأمريكي لأجزاء من شمال شرق سورية، وقيام قوات هذا الاحتلال والميليشيات الانفصالية العميلة له بنهب الممتلكات الثقافية والنفط والمحاصيل الزراعية بشكل ممنهج، وتهريبها إلى الخارج من خلال معابر غير شرعية خاضعة لسيطرته، علاوةً على قيام تلك الميليشيات الانفصالية مؤخراً بفرضِ حصار خانق على مدينة الحسكة نجم عنه نقصٍ كبيرٍ في المواد الغذائية والوقود، ووصل بهم الأمر إلى حد إطلاق النار على المدنيين العزل الذين تظاهروا احتجاجاً على هذا الحصار وطالبوا بالعودة الكاملة لمؤسسات الدولة السورية إلى شمال شرق سورية. هذا بالإضافة إلى قيام قوات الاحتلال الأمريكي المتواجدة في منطقة التنف جنوب شرق سورية، ويقع ضمنها مخيم الركبان، بعرقلة الوصول الإنساني إلى هذا المخيم، ومنع عودة قاطنيه وإنهاء معاناتهم.

خامساً: المماطلة في معالجة أوضاع الموجودين في مخيم الهول، والتي تستلزم الضغط على حكومات بعض الدول الغربية الرافضة لاستعادة رعاياها من الإرهابيين الأجانب وذويهم، والكف عن محاولاتها الرامية للتنصل من مسؤولياتها والتزاماتها القانونية بهذا الخصوص.

السيدة الرئيس،

إن الإرتقاء بالوضع الإنساني في بلادي يقتضي أيضاً الالتزام القوي باحترام سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة وسلامة أراضيها والتي أكدت عليها جميع قرارات مجلسكم ذات الصلة.ويشمل ذلك التوقف عن إرسال الوفود بشكل غير شرعي عبر الحدود لعقد اجتماعات مع تنظيمات إرهابية أوميليشيات انفصالية وكيانات غير شرعية.

إن الجمهورية العربية السورية تجدد دعوتها لإنهاء تسييس العمل الإنساني، ووضع حد للكيدية السياسية، وفرض الإملاءات، وتكرار إطلاق اللاءات لمنع دعم جهود مؤسسات الدولة السورية في المجالين الإنساني والتنموي، بما في ذلك إقرار والشروع بتنفيذ البرامج المدرجة ضمن الإطار الإستراتيجي ومنها تأهيل المدارس، ويتيح العودة الطوعية للمهجرين داخلياً وخارجياً.

       ختاماً، يجدد وفدي التأكيد على أن مركز العمل الإنساني الخاص بسورية هو العاصمة السورية دمشق وليس أي عاصمة أو مدينة أخرى. أما ما يعقد هنا أوهناك بما في ذلك ما يسمى بـ"مؤتمر بروكسل للمانحين" فليس سوى أداةً استعراضية غير فعّالة.

شكراً السيدة الرئيس.