United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

حماية المدنيين في النزاعات المسلحة: حماية الصحفيين

الأربعاء, 27 (آيار (مايو 2015
المتحدث: 
د. بشار الجعفري
المكان: 
مجلس الأمن

السيدة الرئيس،

في هذه اللحظات التي أتحدث فيها، تستضيف قناة الجزيرة القطرية الإرهابي المدعو "أبو محمد الجولاني"، قائد التنظيم الإرهابي المسمى "جبهة النصرة" المدرج على قائمة لجنة مجلس الأمن المعنية بالقاعدة، في لقاء إعلامي للترويج للإرهاب ولتوجيه المزيد من التهديدات للحكومة والشعب في بلادي سوريا. ولا يخفى عليكم جميعاً أن إجراء مثل هذا اللقاء هو انتهاك فاضح لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، لا سيما القرار 1624 المتعلق بمنع التحريض على الإرهاب. ومن الواضح أن النظام القطري ومشغليه يسعون، من خلال إجراء هذه المقابلة مع رئيس كيان إرهابي مدرج على قوائم مجلس الأمن، إلى تبييض صفحة "جبهة النصرة"، تماماً كما تبيض المافيا الأموال القذرة، وإعادة تقديمها كمعارضة معتدلة. علماً أن الإرهابي "الجولاني" وجّه خلال اللقاء تهديدات مباشرة إلى العديد من حكومات الدول الأعضاء.

السيدة الرئيس، 

لقد دأبت الحكومة السورية على التعامل مع الإعلام بانفتاح، وأصدرت، منذ الأسابيع الأولى للأزمة، قانوناً جديداً للإعلام في خطوة إصلاحية تهدف إلى تعزيز العمل الإعلامي وتحقيق المزيد من الحرية والشفافية. والتزمت الحكومة السورية بالتعاون مع المبعوث الخاص الأسبق للأمم المتحدة السيد "كوفي عنان" وتنفيذ خطته ذات النقاط الست ومن بينها البند الخامس المتعلق بدخول وعمل الصحفيين. وقد تجلى هذا الالتزام السوري في منح تراخيص دخول وعمل لمئات الإعلاميين العرب والأجانب، وهو الأمر الذي أكده في حينها السيد "عنان" الذي أشار إلى أن مكتبه تحقق من دخول الإعلاميين إلى سوريا وأن الطلبات التي كانت ترده من الصحفيين، آنذاك، كانت تقتصر على طلب تمديد مدة الزيارة حصراً. ومازالت الحكومة السورية ترحب وتستقبل الإعلاميين الراغبين بالدخول إلى سوريا ولكن بطرق قانونية وعبر المعابر الحدودية الرسمية لتمكينهم من العمل بحرية.

لقد أولت الحكومة اهتمامها لسلامة الصحفيين وأمنهم، وطالبتهم بعدم الدخول إلى الأراضي السورية بطرق غير شرعية تعرضهم للخطر، كما طالبتهم بتجنب أماكن تواجد المجموعات الإرهابية وفي مقدمتها "داعش" و"جبهة النصرة". وكان من المؤسف أن طالت يد الإرهاب بعض الإعلاميين الأجانب الذين تعرضوا، أسوة في ذلك بنظرائهم السوريين، للاعتداءات والخطف والاحتجاز والقتل. وقد بذلت الحكومة السورية جهوداً كبيرة، بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر العربي السوري، لتحرير الإعلاميين المختطفين وإخلاء الجرحى وجثامين القتلى منهم من المناطق التي تتواجد فيها المجموعات الإرهابية المسلحة ومن ثم إعادتهم إلى ديارهم.

بالرغم من ذلك، يواصل بعض الإعلاميين، للأسف، التسلل إلى الأراضي السورية عبر حدودنا المشتركة مع دول الجوار بطرق غير مشروعة وبمساعدة من مجموعات مسلحة حيناً ومن سلطات دول مجاورة أحياناً أخرى، مما يؤدي إلى تعرض بعضهم للخطر الشديد، وتوقيف بعضهم الآخر ومن ثم إطلاق سراحهم والسماح لهم بمغادرة الأراضي السورية. وكنتُ قد وجهت، بالنيابة عن حكومة بلادي، رسائل رسمية متطابقة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء مجلس الأمن المتعاقبين تتضمن تأكيد حرصنا على أمن وسلامة الإعلاميين الراغبين بالعمل في سوريا ودعوتنا إياهم لاتباع الإجراءات الرسمية المعمول بها والابتعاد عن تعريض أنفسهم للخطر أو وضع أنفسهم في أوضاع لا تتمكن السلطات السورية من ضمان أمنهم فيها.

السيدة الرئيس،

للسنة الخامسة على التتالي تواصل الآلة الإعلامية غير المسبوقة عملها الدؤوب للتحريض على الإرهاب والعنف ولنشر الفتنة واختلاق الأكاذيب بشأن ما يجري في بلادي في انتهاك سافر ولقرار مجلس الأمن 1624(2005) ولأخلاقيات العمل الإعلامي، أو ما تبقى من هذه الأخلاقيات إن وجدت. وتم حشد العديد من القنوات الإعلامية والمواقع الإلكترونية للترويج للإرهاب وجذب وتجنيد المقاتلين الإرهابيين الأجانب واستقدامهم من شتى أنحاء العالم إلى سوريا في انتهاك متعمد لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة والصكوك الدولية الأخرى المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وذلك وسط شلل مثير للشبهات في أوساط مجلس الامن ولجانه الفرعية.

ترافق ذلك مع محاولاتٍ لإسكات الإعلام السوري من خلال استهداف مؤسساته بأعمال إرهابية تخريبية، والتعرض لكوادره خطفاً واغتيالاً. وقد أسفرت هذه الإعمال الإرهابية عن استشهاد /33/ صحفياً وعاملاً في المؤسسات الإعلامية السورية، علاوة عن تعرض العشرات غيرهم لإصابات واعتداءات وعمليات خطف واحتجاز من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة، تلك المجموعات التي تتفاخر دول نافذة في مجلس الأمن علناً بأنها تدربها على الأراضي التركية والأردنية وغيرها.

وشكراً.