United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

جلسة غير رسمية حول الوضع في سوريا

الثلاثاء, 21 (حزيران (يونيو 2016
المتحدث: 
د. بشار الجعفري
المكان: 
الجمعية العامة

السيد الرئيس،

يقول المثل الشعبي "إذا عرف السبب بطل العجب"، وجل ما أصبو إليه اليوم هو أن أبين لكم سبب ما يحصل في سوريا من أزمة إنسانية خانقة، وأزمة سياسية لا تخفى على الحاضرين.

من جديد أجد نفسي في اجتماع جديد آخر عن الأزمة في بلادي سوريا... اجتماعات باتت أسبوعية وفي بعض الأحيان شبه يومية... اجتماعات في مجلس الأمن وأخرى في الجمعية العامة... أحداث جانبية هنا وجلسات غير رسمية هناك وإحاطات طارئة في مكان آخر... اجتماعات بداعي وأخرى بدون داعٍ، لمجرد الاستعراض من قبل بعض الدول وتسجيل نقاط إعلامية... اجتماعات متكررة لا طائل تحتها في كثير من الأحيان، لدرجة تدفعك إلى الاستنتاج بأن الهدف أضحى مجرد عقد الاجتماعات فقط وليس ما يمكن أن ينتج عنها أو كيفية مساعدة الشعب السوري للخروج من أزمته بطريقة موضوعية تحترم عقول الدبلوماسيين والناس وتنسجم مع أحكام القانون الدولي والقرار46\182 الخاص بتقديم المساعدات الإنسانية في أوقات الطوارئ.

ربما يعتقد البعض واهماً باننا ضد عقد مثل هذه الاجتماعات في الأمم المتحدة وخارجها...والجواب هو: لا ؛ فنحن مع التركيز على الوضع في بلادي سوريا لأننا نحن من يعاني وليس أي أحد آخر، ولكننا نريد أن يكون الهدف من هذه الاجتماعات هو فعلاً المساعدة على حل الأزمة في سوريا بطريقة صادقة وناجعة بعيداً عن أي تسييس أضحى فاضحاً، وليس مجرد استخدام تلك الاجتماعات من جانب حكومات دول مسؤولة عن سفك دماء السوريين واستباحة البلاد بالإرهاب العابر للقارات والعابر للقوانين والعابر للحدود والعابر لميثاق الأمم المتحدة، كوسيلة لشيطنة الحكومة السورية وتحويل الوضع الإنساني المسبق الصنع إلى استعراض دعائي مسرحي من قبل بعض تلك الحكومات لممارسة الضغط السياسي على الحكومة السورية.

السيد الرئيس،

إن ما يزيد الوضع ضغثاً على إبالة كما يقال، هو أن يتم عقد تلك الاجتماعات بناء على طلب دول منخرطة كلياً في دعم الإرهاب في سوريا... دول بات واضحاً لكل ذي بصيرة بانها كانت سبباً رئيسياً في الأزمة وفي معاناة السوريين.... تأملوا معي، أيها السادة، هذا المشهد السريالي: إن السعودية التي دفعت إلى عقد هذا الاجتماع للاستماع إلى إحاطات حول الوضع الإنساني والسياسي ووضع حقوق الانسان في سوريا، هي نفس السعودية التي هددت الأمين العام للأمم المتحدة واستخدمت المال لابتزازه بغية سحب اسمها من القائمة المرفقة بتقرير الأمين العام حول الأطفال والنزاعات المسلحة... وهي نفس السعودية التي تستخدم الإرهاب كوسيلة لتحقيق أجنداتها السياسية والتي تموّل وتسلح الإرهابين في سوريا والعراق دون مواربة... نفس السعودية التي بات الجميع يدرك، حقيقة، بأنها مصدر وجذر الفكر المتطرف الوهابي الإرهابي الذي يتنشر كالسرطان في مختلف انحاء العالم فحمل لنا ظواهر مقززة مثل داعش والقاعدة وجبهة النصرة وبوكو حرام والشباب والجماعة الإسلامية وغيرها.... وهي نفس السعودية التي تملك أسوأ سجل في مجال حقوق الإنسان... نفس السعودية التي تقصف اليمن منذ أكثر من سنة وتقتل المدنيين وتحاصر شعباً كاملاً دون أن يحرك ما يسمى المجتمع الدولي ساكنا... وبطبيعة الحال، فإنه عندما يتم انتخاب السعودية لعضوية مجلس حقوق الانسان ورئاسة مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وعندما يتم إعطاء منتدى تحالف الحضارات لقطر، ومنح تركيا استضافة القمة الإنسانية الأولى، وعندما يتم انتخاب إسرائيل رئيساً للجنة القانونية في الأمم المتحدة، فهذا يعني أن هذه المنظمة الدولية بدأت تعمل ضد نفسها....

السيد الرئيس،

إننا، كحكومة في الجمهورية العربية السورية، لا ننكر بأن هناك أزمة إنسانية في البلاد، وأن هناك نازحين ومهجرين ومتضررين، ولكننا نستهجن الطريقة الخاطئة للتعامل مع هذه الأزمة منذ بدايتها وحتى الآن؛ ونستغرب النظر إليها بطريقة سطحية بمعزل عن خلفيات التدخل السياسي والعسكري والاقتصادي الخارجي في المشهد السوري، ودون معالجة أساس الأزمة الإنسانية ألا وهو نشاطات المجموعات الإرهابية المسلحة المدعومة خارجياً، أو دون التعامل بشكل جدي مع الأثر السلبي الذي تخلفه الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي فرضتها دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وغيرها على الشعب السوري. لقد أمسى واضحاً أن تحسين الوضع الإنساني في سوريا بشكل ملموس وحقيقي ومستدام، يستتبع تخلي الحكومات عن هذا النهج الخاطئ الذي ثبت فشله المرة تلو الأخرى وعلى مدى ما يقارب الخمس سنوات، فالأزمة الإنسانية لا تنتهي بمجرد الاعلان عن جمع بعض المساهمات المالية في مؤتمرات استعراضية أو الإعلان عن تقديم بعض المساعدات المالية الوهمية هنا أوهناك، ويعرف السيد أوبراين أن 19% فقط من الوعود التي أطلقت في مؤتمر لندن قد تم الوفاء بها. من يريد إنهاء الأزمة الإنسانية في سوريا لا يعقد قمة إنسانية في إسطنبول تحت رعاية نظام أردوغان الذي منع وفدنا من المشاركة في أعمال هذه القمة... نفس النظام الذي يستخدم المعابر الإنسانية على الحدود لتزويد الإرهابيين في سوريا بالسلاح والعتاد... ومن يريد إنهاء الأزمة في سوريا لا يتغاضى عن دعم إسرائيل للمجموعات الإرهابية، بما في ذلك جبهة النصرة، في منطقة الفصل في الجولان السوري المحتل، وقيامها بعلاج مصابيهم في المشافي الإسرائيلية على نفقة النظام القطري.

السيد الرئيس،

إن الحكومة السورية هي الأحرص على تقديم كافة أنواع المساعدات الإنسانية لكل السوريين المتضررين من الأزمة أينما تواجدوا على كامل الأراضي السورية، وهذا واجب عليها وهي ملتزمة به؛ ولذلك فقد حرصت الحكومة السورية على التعاون والتنسيق مع الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية الـ 17 العاملة في سوريا للقيام بذلك. وبعيداً عن البروباغاندا التي يحاول البعض تسويقها بان الحكومة السورية تعيق وصول المساعدات الإنسانية، تثبتت الوقائع على الأرض، من جديد، عكس ذلك تماماً، حيث وافقت الحكومة مؤخراً على 16 طلباً من أصل 17 طلباً قدمتها الأمم المتحدة لإدخال قوافل مساعدات إنسانية مشتركة إلى "المناطق الساخنة" في إطار خطة شهر حزيران فقط. والحكومة السورية ملتزمة بالاستمرار في هذا النهج المتعاون مع الأمم المتحدة طالما أنه يتفق والمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة الخاصة بإيصال المساعدات الإنسانية وفقاً لقرار الجمعية العام رقم 46/182 وطالما أنه يضمن سلامة وأمن العاملين الإنسانيين ووصول المساعدات إلى مستحقيها فعلاً، وليس الى الإرهابيين والمرتزقة.

السيد الرئيس،

إلى جانب التزام الحكومة السورية بمكافحة الإرهاب كشرط أساسي لتحسين الوضع الإنساني بشكل مستدام في البلاد، فإنها مازالت ملتزمة بدفع المسار السياسي قدماً، حيث شارك وفد الجمهورية العربية السورية في محادثات جنيف وأبدى جدية والتزاماً بهذه المحادثات، شهد عليها السيد دي مستورا نفسه؛ إلا أن المشكلة كانت بفرض بعض الدول لما يسمى "وفد الرياض" كمحاور وحيد، وقدوم هذا الوفد إلى جنيف بشروط مسبقة وبهدف وحيد هو إفشال المحادثات، وهو الأمر الذي بدا واضحاً في انسحاب هذا الوفد من المحادثات أكثر من مرة بتعليمات مباشرة من المشغلين الخارجيين له....   

السيد الرئيس،

إن الحكومة السورية تحارب الإرهاب التكفيري الوهابي نيابة عن كل دول العالم، ويقف معنا أصدقاء وحلفاء ممن يدركون هذه الحقيقة ..... وإذا سمحتم للإرهاب أن يفرض صوته في سوريا، فإن الإرهابيين سيصلون الى عواصمكم وبلادكم كلها .... اعطونا اسم حكومة واحدة فقط من بين حكومات الدول الأعضاء تعتبر أن محاربة الإرهاب فوق أراضيها هي مسألة إنسانية بحتة.