United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

جلسة الحوار التفاعلي غير الرسمي التي تعقدها الجمعية العامة حول: "المسؤولية عن الحماية"

الثلاثاء, 08 (أيلول (سبتمبر 2015
المتحدث: 
د. بشار الجعفري
المكان: 
الجمعية العامة

السيد الميسر،

يأخذ وفد بلادي علماً بتقرير الأمين العام الأخير حول "المسؤولية عن الحماية"، ويعرب عن أسفه لكون بعض الدول النافذة في هذه المنظمة لم تر في ما أقرته وفود الدول الأعضاء في القمة العالمية للأمم المتحدة قبل عشر سنوات بشأن "المسؤولية عن الحماية" إلا أداة جديدة وذريعةً مبتكرة للتدخل في شؤون دول بعينها بما يخدم المصالح الأنانية الضيقة للدول المتدخلة، وهو الأمر الذي أفقد هذه الفكرة، كما الكثير غيرها من الأفكار والمبادرات، جاذبيتها ومصداقيتها وإنسانيتها وأخلاقيتها . 

ويؤكد وفد بلادي على النقاط التالية:

  1. إن المسؤولية الأساسية عن الحماية من الجرائم الجسيمة هي من اختصاص الدولة المعنية.
  2. إن الغاية من "المسؤولية عن الحماية" هي تعزيز السيادة الوطنية وليس تقويضها. وإن فكرة الحماية لم يتم طرحها لتسمح لأي طرف دولي بفرض مطالب وحلول على الدول الأعضاء وتغيير أنظمة الحكم فيها عبر الغزو العسكري والاحتلال ودعم المجموعات الإرهابية المسلحة وإعادة تسميتها بـ "العناصر المسلحة من غير الدول".
  3. من غير المقبول تسييس القضايا المتعلقة بحماية المدنيين والتعامل معها بشكل استنسابي، أو استغلال معاناة المدنيين لتبرير انتهاك السيادة وإسباغ الشرعية على أفعال تناقض ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها.

واذا نظرنا إلى تطبيق المسؤولية عن الحماية خلال السنوات العشر الماضية لوجدنا انتقائية وتسييساً فاضحين، وتجاهلاً ممنهجاً للجرائم الجسيمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الأمريكي – البريطاني في العراق وسلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء الأراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان السوري، وكذلك الجرائم التي ارتكبتها القوات الأجنبية لدى تدخلها في ليبيا بذريعة حماية المدنيين، وجرائم النظام السعودي بحق المدنيين اليمنيين. وقد أبرزت هذه الممارسات خروجاً بالمسؤولية عن الحماية عن الهدف المرتجى منها، واستغلالها كمبرر للتدخل ولممارسة القتل "الإنساني" وتقويض الحكومات وتغيير الأنظمة وتحويل دول أعضاء في المنظمة الدولية إلى دول فاشلة وبؤر لتصدير الإرهاب. ونرحب بإقرار الأمين العام، ولو كان متأخراً، في تقريره بالمخاوف التي أثارها سوء تطبيق هذه الفكرة في ليبيا.

أما فيما يتعلق بالوضع في بلادي، الجمهورية العربية السورية، فلا تزال تقارير الأمين العام تغفل التطرق إلى "المساعدة" البالغة الأهمية التي قدمتها وتقدمها حكومات دول أعضاء تعرفونها جميعاً للحكومة الشرعية السورية من خلال إرسال تلك الحكومات لعشرات آلاف المقاتلين الإرهابيين الأجانب من أكثر من مئة دولة إلى سوريا ليرتكبوا بحق أبنائها أبشع الجرائم وأكثرها وحشيةً وليعملوا على تقويض مؤسسات الدولة السورية ومرافقها. وبالتأكيد فإن هذه ليست هي المساعدة التي توقعها قادة ورؤساء الحكومات في قمة عام 2005. كما تغفل تقارير الأمين العام عرقلة بعض الحكومات للحل السياسي السلمي للأزمة السورية وعملها على إطالة أمد الأزمة وتأجيج أوارها بما يزيد من معاناة السوريين ويهدد الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

وها هم أبناء بلدي يدفعون ثمن السياسات الخاطئة لما يسمى بـ "المجتمع الدولي"، ويقعون فريسة للإرهاب ولعصابات التهريب والإتجار بالبشر، ويغامرون بأرواحهم في قوارب الموت للفرار من وحشية التنظيمات الإرهابية المشغلة والمدعومة دولياً وللبحث عن لقمة العيش بعد أن سدت التدابير القسرية الأحادية الجانب التي تفرضها بعض الدول الأعضاء على بلادي سبل العيش والرزق أمامهم. وتوصد الكثير من الدول التي تتشدق بالمسؤولية عن الحماية وحقوق الإنسان أبوابها أمامهم لا بل تتوانى عن إنقاذهم من الغرق ليلقوا مصيرهم المؤلم في المتوسط. وهذا يدفعنا للتأكيد مجدداً بأن المشاكل التي تعترض عمل الأمم المتحدة لا تتعلق بالمفاهيم ولا بنقص الآليات وإنما بالتسييس والانتقائية وازدواجية المعايير التي أصبحت الطابع الغالب على عمل هذه المنظمة.

وشكراً.