United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

تقرير الأمين العام حول تنفيذ القرارات 2139 و2165 و2191 الخاصة بالوضع الإنساني في سوريا

الأربعاء, 16 (أيلول (سبتمبر 2015
المتحدث: 
د. بشار الجعفري
المكان: 
مجلس الامن

السيد الرئيس،

أشكر السيد أوبراين على إحاطته التي تقدم بها اليوم. وفي ضوء هذه الإحاطة الهامة أود أن أشاطركم الرأي حول بعض النقاط:

كان السيد أوبراين محقاً بقوله بضرورة معالجة الأسباب الجذرية للأزمة في سورية، وهي أسباب سياسية، بطبيعة الحال، وليست إنسانية. ولذلك سوف انطلق من هذا الكلام الهام الذي قيل. وأنا هنا لست بصدد انتقاد تقرير الأمين العام، ولا توجيه ملاحظات على ما تفضل بقوله السيد وكيل الأمين العام؛ إنما بصدد إيضاح الصورة الشمولية التي تحيط بالوضع الإنساني في بلادي سوريا.

كما تعرفون أيها السادة، هذا المجلس الموقر اعتمد سلسلة من القرارات الهامة لمكافحة الإرهاب، وقد نظمت الرئاسة الروسية، مشكورة، قبل يومين حدثا مهاما بمناسبة الاحتفال بالذكرة العاشرة لاعتماد القرار 1624.... القرار 1624 الذي تلاه القرار 1989 ثم القرار 2199، وهي كلها قرارات تمنع التحريض على الإرهاب وتمويل الارهاب ومساعدة الإرهاب. لكن قبل هذا وذاك، هي قرارات تلزم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بعدم تبني الإرهاب كسياسية ضاغطة على حكومات بعض الدول الأعضاء. هذا الكلام من الناحية النظرية رائع، ولكنه من الناحية العملية لا يطبق على الإطلاق؛ فهناك في شمال سوريا مجموعات إرهابية مسلحة خارجة عن القانون يطلق عليها اسم "جيش الفتح" وتمولها قطر وتركيا، وهي تلقي كل يوم آلاف القذائف على أهلنا في حلب فتقتل منهم المئات وتشوه الآلاف وتمنع استمرار الحياة اليومية. في الجنوب هناك جيش إرهابي أخر تموله السعودية والأردن، التي هي عضو في هذا المجلس وشقيقة مجاورة لسوريا. هذا الجيش يقوم بنفس الأفعال القذرة الإرهابية التي تستهدف أهلنا في جنوب سوريا بنفس الطريقة. ثم هناك جيش أخر من الإرهابيين يعمل في ضواحي دمشق في مدينة اسمها دوما تطرق اليها السيد أوبراين.... مجموعة من الإرهابيين تمولها السعودية ويطلقون على أنفسهم اسم "جيش الإسلام". هكذا على عجالة وخلال دقيقة واحدة، ذكرت لكم إرهابيين يشكلون ثلاثة جيوش، واحد يعمل بإمرة تركيا وقطر، والثاني بإمرة الأردن، والثالث بإمرة السعودية.... خلال دقيقة واحدة أوجزت لكم الصورة. وللأسف فإن تقرير الأمين العام يسمي هذه المجموعات الإرهابية بـ"الجماعات المسلحة من غير الدول"... لا يسميها مجموعات ارهابية أنما يسميها بـ"الجماعات المسلحة من غير الدول"، وهو كما تعرفون تعبير حيادي جداً لا ينسجم على الاطلاق مع حيثيات قراراتكم الخاصة بمكافحة الإرهاب. إذا المسألة سياسية بامتياز وهي التي أدت إلى استفحال المعاناة الإنسانية والتي تمثلت في حيز منها في ظاهرة اللجوء التي تحدث عنها السيد أوبراين والتي أضحت الشغل الشاغل للرأي العام وللصحافة والاعلام الدوليين.

إن مأساة شعب بلادي في سوريا هي مأساة كبيرة، لكننا للأسف في هذا المجلس الموقر لم نلامس بعد السبب الحقيقي الذي يؤدي بشرائح من الشعب السوري إلى الخروج من بلاده رغماً عنه..... الإرهاب أيها السادة هو السبب الرئيسي في خروج وهروب هذه الاعداد الغفيرة من السوريين من بلادي.... الإرهاب أولاً، وما يسمى بالإجراءات القسرية الأحادية الجانب، أو العقوبات الاقتصادية كما يقال خطأً، المفروضة على الشعب السوري، هي سبب رئيسي في شلل الحياة الاقتصادية وتدمير البني التحتية واغلاق مئات المصانع، إن لم يكن بالآلاف، والقضاء على فرص العمل وزيادة نسبة البطالة والعطالة... هذا هو سبب آخر للأزمة الإنسانية في بلادي. السبب الثالث هو استخدام هذا المد الهائل من الإرهابيين والمرتزقة من كافة أصقاع العالم إرهابيون، يأتون من مئة دولة عضو في هذه المنظمة الدولية... من استراليا وأمريكا وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا واسبانيا ولبيبا وتونس والسعودية وقطر والكويت... هذا تقرير من تقاريركم انتم.... أنتم الذين حددتم هذا العدد وقلتم أن هناك ارهابيون مرتزقة يأتون من 100 دولة وعددهم بعشرات الالاف، وهم يدمرون الاثار السورية والعراقية، ويقتلون ويسبون النساء في العراق وسوريا، ويهربون الآثار، ويبيعون النفط والغاز عبر وسطاء أتراك الى دول الاتحاد الأوربي... وهذا يمول الإرهاب.... الأثار السورية تباع في المزاد العلني في لندن!!! كيف وصلت هذا الاثار الى لندن؟ النفط والغاز السوري والعراقي يباع عبر وسطاء أتراك!!!

إن صورة الطفل ايلان السوري أدت خدمة كبيرة للشعب السوري. هذه الصورة أدت خدمة كبيرة لأنها سمحت بتسليط الضوء على زوايا لا يتطرق اليها الاعلام ولا السياسيون ولا الدبلوماسيون... لماذا لا يذهب الأطفال الى المدارس اليوم؟ أصبحت الصورة واضحة، لا يذهب الأطفال الى المدارس، لأن الإرهابيين مسيطرين على عدد كبير من المناطق التي فيها مدارس ويحرمون الأطفال من الذهاب الى هذه المدارس ويضعون مناهج إرهابية متطرفة مستوحاة من المناهج السعودية والخليجية لتعليم أطفالنا قطع الرؤوس وكراهية الأديان الأخرى والحقد على كل من يخالفهم الرأي. هل أتت داعش من الفراغ؟ لم تأتي من الفراغ بل هناك من تبنى داعش وساعد داعش ومول داعش وسهل تهريبها للنفط والغاز والأثار... ومع ذلك مازال البعض يدور في حلقة مفرغة، وهمه الأوحد هو التشهير بالحكومة السورية وبالرئيس السوري وبالجيش السوري، حتى أن أحد الوفود، كما تعرفون، دعا الى جلسة "اريا فورمولا" للحديث عن شاذين جنسياً، أحدهما عراقي والأخر سوري، وكأن هذا الأمر هو عمل مجلس الأمن بدلاً من حل الأزمة السورية حلاً سياسياً يقوده السوريون أنفسهم دون تدخل خارجي وفقاً لقرارتكم انتم....!

 اليوم أرسلت الى عناية رئيس مجلس الأمن مجموعة من الرسائل. الأولى هي رد الحكومة السورية على تقرير الأمين العام التاسع عشر بشأن تطبيق القرارات 2139 و2165 و2191، لكنني أرسلت ايضاً مجموعة من الرسائل الأخرى حول عدد الضحايا الذين سقطوا في دمشق وحلب جراء القذائف التي أطلقتها "الجماعات المسلحة من غير الدول"، كما يسميها تقرير الأمين العام، تلك الجيوش الإرهابية التي تحدثت عنها والتي تمولها تركيا وقطر والسعودية والأردن. هنا في هذه الرسالة لدي مئات الضحايا في دمشق وحلب بالأسماء... وهو أمر دأبنا على نقله الى عنايتكم على مدى السنوات الماضية. وكل هذه المسرحية تستمر حتى هذه اللحظة والبعض يتجاهلها ويسمي هؤلاء الإرهابيين بـ"الجماعات المسلحة من غير الدول"... لماذا يتم تخصيص سوريا فقط بهذه التسمية دون غيرها؟ لماذا فقط الارهابي الذي يعمل في سور يا والعراق يسمى بـ"الجماعات المسلحة من غير الدول"!!... اذا ظهر ارهابي في الولايات المتحدة الأميركية يسمى إرهابي... اذا ظهر في فرنسا يسمى إرهابي... وفي اسبانيا وبريطانيا وبلجيكا يسمى إرهابي... لماذا في سوريا لا يسمى إرهابي؟ ولماذا تتم التغطية عليه؟ وتبرير افعاله؟ وتسميته بـ"الجماعات المسلحة من غير الدول"؟.

 الحكومة السورية حكومة شرعية وواجبها حماية مواطنيها وتطبيق الدستور ومحاربة الإرهاب، لكننا لا نستطيع القيام بذلك وحدنا. نحن بحاجة لدعكم ومساندتكم وفهمكم وتفهمكم لحجم خطر الإرهابي الذي نواجه في سوريا والعراق والمنطقة، وهو خطر بدأ يصل الى دولكم أنتم. ارجو صادقاً أن يتم التعامل مع الأزمة السورية بعيدا عن الأجندات التدخلية السياسية لبعض الحكومات، ومن بينها بعض أعضاء مجلس الأمن. آلام الشعب السوري زادت... كفى... آلامنا ليست سلعة للاتجار ونحن لسنا في بازار للبزنس اللاأخلاقي الذي يتاجر بالآم شعبنا. لا نريد لشعبنا أن يهاجر ويخرج من بلاده، بل نريده ان يعود، لكن أوقفوا الإرهاب ودعم الإرهاب... أوقفوا العقوبات الاقتصادية.... أوقفوا التدخل التركي والسعودي والقطري والأردني بشؤون سوريا الداخلية.... أوقفوا تدريب ما يسمى بـ"المعارضة الإرهابية المعتدلة"، وعندها ستكون الأمور جاهزة للحل السياسي. الحكومة السورية منفتحة على هذا الكلام ومنفتحة على التفاهم مع المعارضة الوطنية المعتدلة وليس مع الإرهابيين.... أنتم أنفسكم لا تقبلون بالتحاور مع الإرهابيين.

 مرة أخيرة، آلامنا صارت كبيرة... أوجاعنا كبيرة.... وأسفنا كبير، جراء التدخل الخارجي في شؤوننا الداخلية وجراء القراءات السياسية الخاطئة لبعض الدول للوضع في سوريا. عندما يتم التغطية على اعمال "داعش" و"جبهة النصرة" و"جيش الفتح" و"جيش الإسلام" وكل هذه العصابات الإرهابية؛ فهذا يعني ان ما يقومون به مشروع وان هناك دول تحميهم، ولذلك يستمرون في ارهابهم، بينما نحن بحاجة لتطبيق فعلي للمبادرة التي تقدم بها الرئيس بوتين لإنشاء تحالف دولي حقيقي فعال لمحاربة الإرهاب.