United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

تقرير الأمين العام حول تنفيذ القرارات 2139 و2165 و2191 الخاصة بالوضع الإنساني في سوريا

الخميس, 28 (آيار (مايو 2015
المتحدث: 
د. بشار الجعفري
المكان: 
مجلس الأمن

 

السيد الرئيس،

لقد أكدنا، مراراً وتكراراً داخل هذه القاعة وخارجها، بانه لا يمكن إنهاء الأزمة الإنسانية في سوريا دون معالجة السبب الرئيسي لنشوء هذه الأزمة ألا وهو بروز وانتشار ظاهرة الإرهاب المدعوم خارجياً، هذا إضافة إلى دعم الوصول إلى حلّ سياسي عبر الحوار السوري-السوري وبقيادة سورية ودون تدخل خارجي... هذا هو مضمون بيان جنيف ومضمون خطة النقاط الست لكوفي عنان ومضمون ما خلصنا إليه في جنيف 2 ولقائي موسكو 1 وموسكو 2. هذا هو الطريق الجدّي الوحيد لإنهاء ما يسمى بالأزمة في سوريا وتحسين الوضع الإنساني بشكل ملموس وحقيقي ومستدام؛ فالمعاناة الإنسانية لا يمكن لها أن تنتهي تماماً بمجرد تقديم بعض المساعدات الإنسانية في هذه المنطقة أو تلك، على الرغم من إدراكنا التامّ لضرورة تقديم هذه المساعدات وأهمّية دورها في تخفيف المعاناة في المناطق المتأثرة. وقد أثبتت تطورات الأحداث صحة طرحنا هذا، فعلى الرغم من اعتماد ست خطط استجابة إنسانية، بالتنسيق مع الحكومة السورية، إلا أن كل الإجراءات وقفت عاجزة عن إنهاء الأزمة الإنسانية، لا بل نشأت أزمات إنسانية جديدة في بعض المناطق الآمنة وذلك جراء اقتحامها من قبل المجموعات الإرهابية، كما حدث في تدمر وادلب وجسر الشغور مؤخراً واليوم في مدينة أريحا، وهو الأمر الذي تسبب في مقتل وتهجير عدد كبير من السوريين الأبرياء وحرمانهم من سبل العيش الكريم.... وهذا ما يؤكد من جديد أن الأزمة الإنسانيّة، بما في ذلك أزمة النزوح الداخلي واللجوء للخارج، لم تنشأ إلا في المناطق التي دخلت إليها التنظيمات الارهابيّة المسلّحة، وبالتالي لا بدّ من تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الارهاب، خاصة القرارات 2170 و2178 و2199 والقرار رقم 1624 للعام 2005 الذي يحرم التحريض على الارهاب، وذلك بالتنسيق والتعاون الكامليّن مع الحكومة السوريّة؛ وبالتالي وضع حد لممارسات التحالف الارهابي التركي- القطري- السعودي الداعم والممول والمسلح للمجموعات الارهابية، وهو تحالف يحظى بغطاء سياسي واعلامي من مشغليه ورعاته في الخارج. ولكن تبقى المشكلة في غياب أي جدية لدى بعض الدول النافذة في محاربة الارهاب، وعلى رأسه ارهاب داعش واخواتها، وهذا ما تثبته الضغوط التي تمارسها بعض الدول لمنع تعزيز التنسيق العراقي-السوري لمحاربة داعش، وهذا ما تكرس هذا الصباح في القرار الذي تم اعتماده في الجمعية العامة حول حماية التراث الثقافي العراقي وهو القرار الذي تبنته بلادي إلا أن الدول الغربية هددت العراق بأن القرار لن يمر إذا أتى على أي ذكر للأثار السورية وكأن الاثار في سوريا مختلفة عن الاثار في العراق! وكأن داعش في سوريا مختلف عن داعش في العراق! وكأن من يدمر وينهب الآثار في سوريا والعراق هما جهتان مختلفتان لا علاقة لإحداهما بالاخرى!...  وهذا ما يثبته، أيضاً، استمرار هذا التنظيم بالتمدد واستمرار حصوله على السلاح واستقدام ارهابيين جدد إلى صفوفه، حيث ازداد عدد أفراد داعش من المقاتلين الأجانب بنسبة 70% بعد صدور القرار 2178 وذلك بشهادة تقرير فريق الرصد والدعم التحليلي لمجلس الأمن حول ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وهو التقرير الذي أكد فيه خبرؤكم أنفسهم في الفقرة 33 منه بأن طريق التنقل الرئيسية للإرهابيين الأجانب إلى سوريا والعراق هو تركيا وبدرجة أقل الأردن ولبنان.

 

 

السيد الرئيس،

دائماً ما تؤكد الكثير من الدول الأعضاء في هذا المجلس وخارجه إضافة إلى الأمين العام وكبار موظفي الأمانة العامة، على أنه ما من "حلّ عسكري" للأزمة في سوريا بل "حل سياسي" فقط، ولكن من الواضح أن هذا الطرح لم يكن، بالنسبة للبعض، أكثر من شعار للاستهلاك السياسي والاعلامي. فكيف يستقيم الحديث عن الحل السياسي مع تصريحات وزير الخارجية التركي قبل يومين بان بلاده اتفقت مع الولايات المتحدة على تقديم دعم جوي للمجموعات الإرهابية في سوريا؟!.... وكيف يستوي الادعاء برفض "الحل العسكري" مع تقديم بعض الدول الدعم للإرهابيين وافتتاح معسكرات تدريب لهم في تركيا والسعودية وقطر والأردن، وذلك تحت مسمى دعم "المعارضة السورية المسلحة المعتدلة"؟. ولكن السؤال الكبير الموجه لهذه الدول ولمندوبيها الحاضرين هنا: أين هي هذه "المعارضة المسلحة المعتدلة" على خريطة الجغرافية السورية؟ هل هي في الرقة ودير الزور؟ وهل هي في تدمر وادلب وجسر الشغور أم في القلمون على الحدود مع لبنان؟!ّ..  وما هو مصير الأسلحة والأموال التي تقدم لهذه المعارضة المسلحة المعتدلة؟... لم يعد من الممكن، بعد اليوم، الاستمرار بمسلسل التضليل والتزوير، ولم يعد من الممكن التستر خلف شعار "المعارضة المسلحة المعتدلة" لتبرير دعم الإرهاب. حيث لا يمكن لإرهابي شيشاني أو استرالي او أمريكي أو فرنسي أو ليبي أو سعودي أن يكون معارضة سورية معتدلة.. لقد أمست الأمور جلية للعيان؛ فليس ثمة إرهاب "حلال" وإرهاب "حرام"، وليس هناك إرهاب "معتدل" وإرهاب "متطرف"! لدينا، على الأرض، تنظيمات إرهابية موصوفة تقوم بأبشع الجرائم وبدعم أو تغاضي بعض الدول النافذة داخل هذا المجلس وخارجه... هناك تنظيم "داعش" وتنظيم "جبهة النصرة"، إضافة إلى تنظيمات إرهابية أخرى متحالفة مع هذين التنظيمين وتتعاون معهما وتمارس ممارستهما. أليس تنظيم "داعش" من اقتحم مدينة تدمر؟.. أليس تنظيم "جبهة النصرة" من اقتحم مدينة ادلب ومدينة جسر الشغور مؤخراً ومدينة أريحا اليوم تحت مسمى "جيش الفتح المعتدل" وقبل ذلك تحت مسمى "الجبهة الشامية" و"الجبهة الإسلامية" و"حركة حزم" و"ثوار سوريا" وغير ذلك من التسميات التي تطلق في هذا المسلسل الهوليودي الممجوج؟ ألم تستضيف قناة الجزيرة القطرية على شاشتها يوم أمس زعيم جبهة النصرة الإرهابية ليبشر بإقامة ما يسمى "حكم الشريعة" في سوريا ولتبشرنا قطر، من خلال هذه المقابلة، بان جبهة النصرة الإرهابية هي إرهاب معتدل يمكن تبيضيه كما تبيض عصابات المافيا الأموال القذرة؟؟؟ وبعد كل ذلك هناك من مازال يتحدث عن "معارضة مسلحة معتدلة"!!!!! سنرى البعض غداً يقول بأنه يجب على مجلس الأمن رفع اسم جبهة النصرة من قوائم الإرهاب!!! وأنا أراهنكم أيها السادة بان هذا الأمر سيحدث قريباً...

السيد الرئيس،

من جديد تضمن تقرير الأمين العام الأخير حول تنفيذ القرارات 2139 و2165 و2191 العديد من الفجوات والمغالطات الخطيرة، وقد قمنا اليوم بتوجيه رسالتين متطابقتين إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام بهذا الخصوص. ولكنني سأكتفي الآن بالإشارة، فقط، إلى أن التقرير قد اعتمد في كل الاتهامات التي يوجهها للحكومة السورية على مصادر غير معلومة، حيث استخدم التقرير كلمة (Reportedly) 15 مرة لتوجيه اتهامات إلى الحكومة السورية، وذلك دون أي تبيان لمصدر هذه التقارير أو مدى مصداقيتها... ولكن الأخطر هنا أن التقرير قد ذهب أبعد من ذلك، عندما وجه اتهامات للحكومة السورية، مثل استخدام ما يسمى "البراميل المتفجرة" دون أن يستخدم حتى كلمة "Reportedly" وكأن هذا الأمر حقيقة واقعة، تماماً كما كان قد حدث بشان جرائم استخدام الإرهابيين بتسهيل تركي للمواد الكيماوية في خان العسل وغيرها وكذلك استخدامهم لغاز الكلور في مناطق أخرى. كيف يمكن لتقرير صادر عن الأمين العام أن يوجه اتهامات لحكومة دولة عضو في الأمم المتحدة دون أي اسناد ذي مصداقية ودون أن يقرأ ويستوعب أو يستند إلى تقارير ورسائل وبراهين وشهادات مقدمة من الحكومة السورية على امتداد أربع سنوات؟... هذه سوابق خطيرة ستقوض ما تبقى من مصداقية لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة في تعاملها مع الملف الإنساني في سوريا إذا لم يتم العمل على تلافيها بالجدية والسرعة اللازمتين.

ومن المهم الإشارة هنا أيضاً إلى أن التقرير لم يأتي على ذكر سماح الحكومة التركية بمرور آلاف الشاحنات بشكل غير مشروع إلى الأراضي السورية عبر معابر تسلكها قوافل الامم المتحدة لإدخال المساعدات الإنسانية، وتقوم بواسطتها بنقل عناصر إرهابية واسلحة ومواد خطرة إلى المجموعات الإرهابية المسلحة في سوريا مما يعرض قوافل الأمم المتحدة للخطر، وذلك بالضبط كما كنا قد حذرنا منه السيدة آموس عندما طلبت من مجلس الأمن اعتماد القرار 2165...

السيد الرئيس،

إضافة إلى ما سبق تبقى الإجراءات الاقتصادية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري سبباً إضافياً في معاناته الإنسانية؛ وبالتالي لا بدّ من وقف هذه الإجراءات الظالمة وغير الشرعية. ومن جهة أخرى، لا بد من معالجة ضعف تمويل الأنشطة الإنسانية في سوريا، حيث لم يبلغ مستوى التمويل المتاح لخطة الاستجابة الاستراتيجية لعام 2015 ما نسبته 17 في المائة فقط؛ وهذا الرقم إنما يثبت من جديد بأن بعض الدول، وعلى رأسها السعودية وقطر وتركيا وبعض الدول الغربية، لا تريد سوى استخدام المعاناة الإنسانية للسورية كسلعة للاتجار والابتزاز السياسي وتنفيذ أجنداتها التدخلية.

السيد الرئيس،

تابعت الحكومة السورية تعاونها مع الأمم المتحدة لتسهيل وتيسير إيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع المدنيين، حيث وافقت بتاريخ 9 نيسان على أغلب الطلبات المقدمة من قبل الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى، لإيصال المساعدات إلى مناطق ساخنة. وحتى تاريخ 27 أيار وبالرغم من موافقة الحكومة السورية على تحريك الأمم المتحدة لقوافل مشتركة بين الوكالات لإيصال مساعدات إنسانية إلى مناطق صعبة الوصول او ساخنة، فقد سيرت الأمم المتحدة 30% فقط من إجمالي الموافقات التي قدمتها الحكومة السورية. وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة السورية تقوم حالياً بدراسة طلبات تسيير قوافل مشتركة أخرى.

السيد الرئيس،

اخيراً، وردت على لسان وكيلة الأمين العام عبارة، وأمل أن تكون الترجمة غير دقيقة، وهي عبارة "بالأصالة عن الشعب السوري". وأنا باسم حكومتي أرفض أن تقدم السيدة أموس نفسها بأنها تتحدث أصالة عن الشعب السوري، فهي تمثل الأمانة العامة وهذا خروج عن ولايتها. وهي ليست سورية وليس لديها أي منصب في سوريا يخولها الحديث باسم الشعب السوري.