United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

تقرير الأمين العام حول تنفيذ القرارات 2139 و2165 و2191

الخميس, 26 (آذار (مارس 2015
المتحدث: 
د. بشار الجعفري
المكان: 
مجلس الأمن

السيد الرئيس،

دائماً ما تؤكد مُداخلات الدول الأعضاء في هذا المجلس وخارجه إضافة إلى الأمين العام نفسه، على أنه ما من حلٍّ عسكري أوحلٍّ إنساني للأزمة في سوريا. ونحن نتفق مع هذا الطرح من حيث المبدأ، لأن المعاناة الإنسانية لا يمكن لها أن تنتهي تماماً بتقديم بعض المساعدات الإنسانية في هذه المنطقة أو تلك، على الرغم من إدراكنا التامّ لضرورة تقديم هذه المساعدات وأهمّية دورها في تخفيف المعاناة الإنسانية في المناطق المتأثرة. ولكننا نختلف هنا مع بعض الدول الأعضاء، من حيث أننا نؤمن بأن هذا الطرح يجب ألا يقتصر على الأقوال فقط بل يجب أن تقترن هذه الأقوال بأفعالٍ جادّة ومسؤولة وأن يتمّ النظر إلى المسألة في إطار شمولي. وهذا الأمر يستتبع حُّكماً:

أولاً- معالجة السبب الرئيسي لنشوء الأزمة الإنسانية في بعض المناطق السورية ألا وهو بروز وانتشار ظاهرة الإرهاب المدعوم خارجياً؛ إلا أننّا، وللأسف، نشهد، بدلاً عن ذلك، محاولاتٍ من قبل بعض الدول لفصل ملف الإرهاب عن ملف الوضع الإنساني، وذلك بهدف إطالة أمد هذين الملفين لابتزاز الحكومة السورية بتداعياتهما، هذا إضافة إلى تهرّب هذه الدول من مسؤولياتها في هذا الصدد ولا سيما تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وعلى رأسها قرارات مجلسكم الموقر 2170 و2178 و2199. هل يمكن أن نسمي صرف بعض الدول مثل قطر والسعودية وتركيا، مليارات الدولارات على دعم وتمويل الإرهاب المُدان من مجلس الأمن، بأنه حرصٌ من هذه الدول على الوضع الإنساني في سوريا؟! أليس هذا نفاقاً ما بعده نفاق، خاصة إذا ما علمنا بأن نسبة تمويل خطة الاستجابة في سوريا لعام 2015 لم تتجاوز حتى الآن 9%، في حين لم تتجاوز نسبة تمويل خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين 6%!. واتصالاً بهذه المسألة، أود أن ألفت عناية أعضاء المجلس إلى أن تكاليف الموظفين الدوليين ورواتبهم الباهظة وعطلهم في بيروت وعمّان أصبحت تأتي على حساب المواطنين المستفيدين من المساعدات الإنسانية في سوريا؛ ولذلك فإننا نطالب الأمين العام بأن يقدّم تقريراً للمجلس عن هذا الموضوع.

ثانياً- دعم الحلّ السياسي عبر الحوار السوري-السوري وبقيادة سورية. وانطلاقاً من ذلك، فإن الحكومة السورية مستمرة في حربها على الإرهاب، وبالتوازي مع ذلك تسعى بجدّ لتحقيق الحلّ السياسي، حيث شاركت بكل انفتاح وإيجابية في لقاء موسكو التشاوري الذي عقد في شهر كانون الثاني، وستشارك في لقاء موسكو الثاني قريباً. كما تعاملت الحكومة بإيجابية أيضاً مع مقترح المبعوث الخاص، السيد دي مستورا، وفقاً لما نقله، شخصيّاً، لعنايتكم خلال اجتماعه معكم الشهر الماضي، وذلك أملاً من الحكومة السورية في أن يسهم هذا المقترح في تحسين الوضع الإنساني هناك؛ إلا أن المجموعات الإرهابية ومُشغِليها من الدول هي من رفضت تنفيذ مقترح السيد دي مستورا، ومع ذلك فإن البعض في هذا المجلس يرفض التعامل مع هذه السلّبية بما تستحقه من اهتمام ومتابعة.

السيد الرئيس،

لقد تضمن تقرير الأمين العام المعروض أمامنا الكثير من الفجوات والمغالطات الخطيرة، وسأذكر فيما يلي بعضاً منها على سبيل المثال لا الحصر:

1- من الملاحظ أن التقرير قد اعتمد في الكثير من الاتهامات التي يوجهها للحكومة السورية على ما يسميه "تقارير" ولكن تقرير الأمين العام، لم يفصح عن مصدر هذه التقارير أو مدى مصداقيتها وموثوقيتها.

2- أشار التقرير إلى أن الأمم المتحدة قد طلبت الوصول إلى 33 منطقة "محاصرة" أو "يصعب الوصول إليها"، إلا أن 31 منطقة منها قد رفض الوصول إليها أو أنها بانتظار الحصول على الموافقة" وقد كررت السيدة آموس للتو هذه الأراقام. وهنا أود الإيضاح بان طرح الأمر بهذه الطريقة المسمّمة هو طرحٌ مُسيسٌ وتضليليٌ ولا ينقل الصورة كاملةً؛ فواقع الحال هو الآتي: في النصف الثاني من شهر شباط المنصرم، أرسلت المكاتب الفرعية للأمم المتحدة في كل من حمص وحلب وطرطوس تلك الطلبات الـ33 إلى المحافظين المعنيين في هذه المحافظات بشكل مباشر ودون أن يرسل مكتب المنسق المقيم في دمشق أي شيئ بهذا الخصوص إلى نقطة الاتصال الرئيسية وهي وزراة الخارجية، والتي علمت بهذا الموضوع لاحقاً من الجانب الأممي بتاريخ 9 آذار الجاري، أي بتاخر شهر تقريباً، وذلك خلافاً للاجراءات المتبعة؛ فإيصال المساعدات إلى المناطق الساخنة يتطلب، باتفاق مسبق بين الحكومة السورية والأمم المتحدة، اجتماعاً للجنة المشتركة بين الطرفين لمناقشة مختلف الحيثيات المتعلقة بطلبات الأمم المتحدة لإيصال هذه المساعدات، لا سيما الطرق الواجب سلّكها وفقاً للوضع الأمني إضافة إلى الاحتياجات وأعداد المستفيدين ونقاط التوزيع وذلك لضمان التسليم الآمن لهذه المساعدات للمدنيين. وعلى الرغم من ذلك، فإن الجانب السوري مستعد لتقديم التسهيلات اللازمة لتيسيير هذه القوافل أينما كان ذلك ممكناً وذلك بشرط عدم وصول هذه المساعدات إلى المجموعات الإرهابية وضمان أمن وسلامة العامليين الإنسانيين.

3- أشار التقرير، محقاً، إلى أن الحكومة السورية تهاجم داعش في عدد من المدن والبلدات، وهذا ما يدحض الادعاءات الساذجة لبعض زملائي في هذا المجلس من أن الحكومة السورية لا تحارب داعش! وقد استمعنا إلى هذا الأمر عدة مرات في هذا المجلس؛ إلا أنه، وعلى الرغم من ذلك، فإن التقرير قد ادعى بأن هذه الهجمات قد أدت إلى مقتل مدنيين وإلى دمار في البنى التحتية، ولكن السؤال هنا هو: كيف استطاع معدو التقرير التأكد من صحة ذلك في مناطق يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي؟ إلا إذا كان مصدر هذه التقارير هو "أبو خزامة الشيشاني" أو "أبو مصعب السعودي" أو أبو صهيب الليبي أو "أبو جون البريطاني" أو "أبو عبد الله الأردني". وما يزيد الطين بلة، أن التقرير لم يتحدث لا من قريب ولا من بعيد عن الخسائر التي تتسبّب بها غارات ما يُسمى بالتحالف الدولي في البنى التحتية وفي الأرواح البشرية في سوريا. وهنا أرغب بأن أنقل إلى عناية السيدة آموس أن إحدى غارات هذا التحالف قد دمّرت مدرسة للصم والبكم عن بكرة أبيها في مدينة الرقة.

4- أشار التقرير إلى أن الحكومة السورية أعلنت ثلاثة موظفين أممين أشخاصاً غير مرغوب بهم. ولكن السؤال الموجّه لأصحاب الانتقادات المتسرعة لقرار الحكومة السورية هو: ما علاقة ولاية وعمل موظف يعمل لدى اليونيسف في مدينة حلب بالاتصال مع مختلف المجموعات المسلحة من دون علم الحكومة السورية؟ وهل هناك من تبرير للاستفسار الدائم عن مواقع الجيش السوري ونوع الأسلحة ومرابض المدفعية، من قبل موظف أخر يعمل في المجال الإنساني؟! ألم يشرح رؤساء هذين الموظفين لهما أن الفقرة 35(d) من مرفق القرار 182/46 تفرض على موظفي الأمم المتحدة العاملين في المجال الإنساني الحصول على موافقة الحكومة السورية، وهي الطرف الأساسي المعني، عند انخراطهم مع أطراف أخرى لضمان الوصول إلى المناطق التي تواجه حالات الطوارئ.

5- ما زال معدو التقرير يصرون على الادعاء بأن الحكومة السورية تحاصر بعض المناطق وتمنع دخول المساعدات إليها؛ ولكن التقرير يقف قاصراً أمام تفسير كيفية استمرار تدفق الأسلحة والذخائر إلى هذه المناطق؟ ومن ثمّ استخدام هذه الأسلحة من هناك لشن هجمات صاروخية عشوائية وتنفيذ تفجيرات انتحاريّة في الأماكن الآمنة. ولكن الحقيقة هي أن هذه المناطق هي مناطق محاصرة من الداخل من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة وهي من تمنع دخول المساعدات الإنسانية أو تستولي عليها وتعيد بيعها أو توزيعها بعد دمّغها بشعاراتها الخاصة.....

6- لم يتطرق التقرير من جديد إلى الآثار السلبية على الوضع الإنساني في سوريا جراء الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري، وهو أمر أقرّت به تقارير DESA  وESCWA.

السيد الرئيس،

أعيد التأكيد على أن الحكومة السورية ملتزمة بواجباتها ومسؤولياتها في تخفيف العبء الإنساني عن شعبها، كما نعبر عن استعدادنا لاتخاذ كل ما يلزم من إجراءات وطنية في سبيل تحقيق ذلك. وفي هذا الصدد نشير إلى أننا سنتابع التعاون مع الأمم المتحدة وتسهيل مهامها؛ ولكن هذا التعاون ليس طريقاً باتجاه واحد، بل على الأمم المتحدة بالمقابل أن تلتزم بالمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة لتقديم المساعدة الإنسانية، وأن تتعاون مع الحكومة السورية وتنسق وتتحاور معها في مختلف القضايا الإنسانية بدلاً من اللجوء إلى التشكيك والانتقادات التي لا تؤتي أكلها؛ فالأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى نجحت في تقديم مساعدات إنسانية إلى ما يقارب 4 مليون سوري شهرياً من داخل الأراضي السوري بفضل التعاون والتسهيلات الحكومية السورية.

وأخيراً أودّ أن أشير إلى أنه عدد المحاصرين في سوريا ليس 440 ألفاً كما ذكرت السيدة آموس بل هناك 23 مليون سوري محاصرين بفعل الإجراءات الأحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى.

شكراً السيد الرئيس،