United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

بيــــــان السفير بسام صبّاغ المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية أمام مجلس الأمن حول الشأن السياسي والإنساني في سورية

الأربعاء, 14 (أيلول (سبتمبر 2022
المتحدث: 
بسّام صباغ
المكان: 
مجلس الأمن

السيد الرئيس،

    في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة السورية جاهدة لاستعادة الأمن والاستقرار، والقضاء على البؤر الإرهابية، تتواصل ممارسات العدوان الإسرائيلية ضد بلادي، وتتصاعد وتيرة اعتداءاتها على سيادة الجمهورية العربية السورية، واستهدافها الممنهج والمتعمد للمرافق والبنى المدنية في سورية. فخلالَ أسبوعٍ واحدٍ استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي مطارَ حلب الدولي مرتين بعددٍ من الصواريخ مما تسبَّب بخروجِ المطار عن الخدمةِ جرّاءَ الأضرارِ في المهبط والأجهزة الملاحية فيه.

    إن جرائم العدوان وجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل في سورية باتت تأخذُ شكلاً تصعيدياً ومنهجيّاً خطيراً، وتستوجب الشجبَ والإدانةَ من قبل مجلس الأمن، ومحاسبة اسرائيل على أفعالها. لهذا تجدد بلادي مطالبتها مجلس الأمن، والمعنيين في الأمانة العامة للأمم المتحدة بممارسة الولايات المعقودة لهم بموجب الميثاق، وإدانةِ هذه الاعتداءات الإسرائيلية التي تزيدُ من تصعيد الأوضاع المتوترة أصلاً في المنطقة، وتهددُ السلم والأمن الدولي. إن النزاعات والخلافات بين المسؤولين الإسرائيليين لا يمكن أن تكون مبرراً لهم لشن مثل هذه الاعتداءات.

    إن قيام مجلس الأمن بإدانة الاعتداءات الإسرائيلية لن يكون ممكناً ما لم ترفع الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيين مظلة الحماية التي توفرها لإسرائيل في هذا المجلس، وما لم يتوقف هؤلاء عن ممارسة سياسة المعايير المزدوجة، والأهم الإدراك بأنه ما لم تستجب الأمم المتحدة عاجلاً لوضع حدٍ لهذه الاعتداءات فإنها تخلق مخاطر قد يصعب احتواؤها مستقبلاً.

    وفي تكاملٍ واضحٍ مع الاعتداءات الإسرائيلية على سورية، تواصل قوات الولايات المتحدة الأمريكية المتواجدة في سورية بشكل غير شرعي انتهاكاتها لسيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها، وذلك من خلال دعمها المستمر للميلشيات الانفصالية، والمجموعات الإرهابية، وامعانها في نهب النفط السوري والثروات الطبيعية والزراعية الأخرى للشعب السوري، إلى جانب استمرارها بفرضِ تدابيرَ قسريةٍ انفراديةٍ لاشرعية ولا إنسانية عليه تفاقم من حجم معاناته.

السيد الرئيس،

    لقد شهدنا خلال السنوات العشر الماضية لجوء بعض الدول الغربية بما في ذلك ما يسمى بالتحالف الدولي إلى إساءة تفسير وتطبيق نص المادة (51) من الميثاق، واستخدام ذرائع واهية وتفسيراتٍ مضللةٍ لا أساس لها من الصحة، لتبرير ما ترتكبه من اعتداءاتٍ على سيادة واستقلال ووحدة أراضي دولٍ أخرى. في هذا المجال أود أن ألفت عناية أعضاء المجلس إلى الرسالة التي وجهتها لكم يوم 6 أيلول الجاري نيابة عن حكومة بلادي، رداً على ما ورد في رسالة المندوبة الدائمة للولايات المتحدة بشأن تبرير عدوانها ضد بلادي باستخدام المادة (51) من الميثاق. لقد أكدتُ في رسالتي على أن "التوصيف القانوني والواقعي الوحيد الذي ينطبق على أفعال وأنشطة القوات الأمريكية المتواجدة في سورية بشكلٍ غير شرعي هو "جريمة العدوان".

السيد الرئيس،

    ما تزال جهود الحكومة السورية وشركاؤها في منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية والتنموية للارتقاء بالوضع الإنساني والمعيشي للشعب السوري تواجه تحديات حقيقية وصعوبات كبيرة وذلك جراء تسييس المانحين الغربيين للعمل الإنساني، والتدابير القسرية الانفرادية اللاشرعية التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الشعب السوري، واستمرار تواجد القوات الأجنبية غير الشرعية، وعرقلة التنظيمات الإرهابية لوصول المساعدات الإنسانية لمحتاجيها.

    إن التنفيذ الكامل لمندرجات قرار مجلس الأمن ٢٦٤٢، بما في ذلك إحراز تقدم في مشاريع التعافي المبكر سيعني أننا نسير في الاتجاه الصحيح، إلا أن عرقلة وصول المساعدات إلى الشعب السوري، وامتناع الدول المانحة عن الوفاء بالتزاماتها حيال تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في سورية لا يبشران بذلك. لهذا فإن وفدي يتطلع إلى انعقاد الحوار التفاعلي غير الرسمي قبل نهاية هذا الشهر والذي سيمكننا من الوقوف على التقدم المحرز في تنفيذ متطلبات هذا القرار، وتحديد الفجوات، وتقييم سبل تجاوزها.

    جانبٌ آخر للمعاناة الإنسانية يتمثل في الانقطاع المتكرر للمياه في شمال شرق سورية، إذ يتم مرة أخرى استهداف محطة تل تمر للكهرباء بالصواريخ من قبل الجماعات الإرهابية المدعومة من قبل تركيا مما أثر سلباً على عمل محطة علوك للمياه، وكان قد سبقه أيضاً قيام تركيا بخفض مستوى تدفق المياه إلى نهري الفرات ودجلة. إن المياه هي شريان حياة بالنسبة للمواطنين في محافظة الحسكة، لكننا لم نسمع أية شجبٍ أو إدانةٍ للمتسببين في الانقطاع المتكرر للمياه عن السكان المدنيين، ونعبّر عن استهجاننا لتجاهل هذه المعاناة باستمرار.

    أما المعاناة الإنسانية في مخيم الركبان فيتحمل مسؤوليتها الجانب المحتل وهي الولايات المتحدة الأمريكية، وإن إنهاء هذه المعاناة يتم من خلال اغلاق هذا المخيم. كذلك الأمر بالنسبة لمخيم الهول في الشمال الشرقي الذي تسيطر عليه ميليشياتٍ انفصالية بدعمٍ من قوات الاحتلال الأمريكي، والذي يتوجب اغلاقه بعد تسهيل استعادة رعايا الدول الثالثة المحتجزين فيه إلى بلدانهم الأصلية. وسورية تقومُ بدورها بتسهيل كل السبل لتحقيق هذا الهدف.

السيدات والسادة،

    لقد قامت بعض الدول الغربية بحملةٍ منظمة لإثارة مسألة المفقودين في الجمهورية العربية السورية، وذلك في سعيٍ منها لإطلاق آلية دولية لكشف مصير هؤلاء المفقودين.

    إنّ الهدف الحقيقي لتلك الدول ليس معرفة مصير أولئك الذين فُقدوا على أيدي المجموعات الإرهابية المسلحة من تنظيم داعش إلى النصرة إلى هيئة تحرير الشام وغيرها من التنظيمات الإرهابية على مرّ سنوات الأزمة، أو كشف مصير أولئك الذين اختفوا أو فقدوا حياتهم جرّاء أعمال ما يسمى بـ "التحالف الدولي" وقصفه الهمجي والوحشي الموثق على مناطق سورية كالرقة، ودير الزور وتحديداً منطقة الباغوز. لكن الهدف الحقيقي لتلك الدول الغربية هو العمل على إطلاق آلية جديدة، كغيرها من الآليات الدولية المنحازة والمسيّسة المتعلقة بسورية، وذلك لممارسة المزيد من الضغوط عليها وعلى شعبها.

ختاماً، إن استعادةَ الأمن والاستقرار في سورية سيبقى مرهوناً بوضع حدٍ لتدخلاتِ الدول الغربية ولسياساتها العدائية في الشؤون الداخلية لسورية، وبإنهاء الحصار الاقتصادي اللاأخلاقي المفروض على سورية، والتوقف عن دعم الإرهاب، وإغلاق ملف الإرهابيين الأجانب وتابعيهم بشكل نهائي ودون قيدٍ أو شرط، وإخراجِ القوات الأجنبية المحتلة وغير الشرعية من الأراضي السورية.   

شكراً السيد الرئيس.