United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

بيــــــان السفير بسام صبّاغ المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية أمام مجلس الأمن حول الشأن السياسي والإنساني في سورية

الاثنين, 29 (آب (اغسطس 2022
المتحدث: 
بسّام صباغ
المكان: 
مجلس الأمن

السيد الرئيس،

    شكراً على إعطائي الكلمة، وباعتباري أتحدث للمرة الأولى خلال رئاستكم لمجلس الأمن لهذا الشهر، أود أن أهنئكم على إدارتكم الناجحة والمميزة لأعماله، وأن أشكر سلفكم سعادة سفير البرازيل على إدارته الناجحة لأعمال المجلس خلال الشهر المنصرم.

السيد الرئيس،

    استمع وفدي إلى إحاطتي السيد غير بيدرسون، والسيدة جويس مسويا، ويود أن يؤكد على النقاط التالية:

    إن حكومة الجمهورية العربية السورية تبذلُ جهوداً كبيرةً على صعيد ترسيخ المصالحة الوطنية، وتوفير ظروف الحياة الكريمة لمواطنيها، وإعادة تأهيل البنى التحتية والخدمات الأساسية لهم، وإعمار ما دمره الإرهاب، وتوفير ظروف العودة الطوعية والآمنة والكريمة للاجئين إلى أماكن إقامتهم.    

  إن اعتماد مجلس الأمن للقرار ٢٦٤٢ مثّل خطوةً إضافيةً نحو تحسين وتعزيز إيصال المساعدات الإنسانية لمحتاجيها وتقديم الدعم للخدمات الأساسية، وتوسيع نطاق الأنشطة الإنسانية بما في ذلك من خلال مشاريع التعافي المبكر لاسيما الكهرباء والتي تشكل قطاعاً حيوياً لا غنى عنه بالنسبة لكافة الخدمات الأساسية الأخرى كالصحة والتعليم والمياه.

   اليوم، ومع مضي ما يقارب الشهرين على اعتماد مجلس الأمن للقرار ٢٦٤٢، يتطلّعُ وفدي إلى ضمان المجلس للتنفيذ الكامل لهذا القرار، وإلى الحوار التفاعلي غير الرسمي الذي سيستعرض ويتابع تنفيذه، بما في ذلك التقدم المحرز في مشاريع التعافي المبكر. كما يأملُ وفدي بأن تتمكّنَ هذه الآلية من تحديدِ العيوب والثغرات التي تشوب تنفيذ القرار، وبيان أسبابها، وأن تَتحمّلَ الدول مسؤولياتها بما يضمن المضي وفق نهجٍ بنّاء في تنفيذ أحكام هذا القرار.

   إن الحكومة السورية وشركاؤها من منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها الإنسانية ما يزالون يواجهون تحدياتٍ وصعوباتٍ كبيرةٍ للارتقاء بالوضع الإنساني والمعيشي للشعب السوري وذلك جرّاء:

  • استمرار تسييس الدول الغربية للعمل الإنساني والتنموي، وانتهاكها الواضح للمبادئ التوجيهية الناظمة لهما.
  • تنكّر بعض الدول المانحة لتعهداتها بدعم العمل الإنساني والتزاماتها بتوفير التمويل اللازم له، بما في ذلك تنفيذ مشاريع التعافي المبكر التي نص عليها قرار مجلس الأمن ٢٦٤٢، إذ أن نسبة تمويل خطة الاستجابة لسورية حتى اليوم لا تشكل إلا جزءاً قليلاً من التمويل المطلوب.
  • استمرار الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين في فرضِ وتوسيع التدابير القسرية الانفرادية اللاشرعية واللاإنسانية التي تتسببُ بمعاناة الشعب السوري جرّاء النقص الحاد في الغذاء والدواء والوقود وغيرها من الاحتياجات الأساسية التي تؤثر على مختلف مناحي حياته.
  • إمعان قوات الاحتلال الأمريكي في نهب ثروات الشعب السوري من قمحٍ ونفط وغاز وقطن، إذ تبلغُ كمية النفط السوري المنهوب نحو 66 ألف برميل يومياً. وخلال الأيام القليلة الماضية خرجت أكثر من 500 شاحنة معبأة بالنفط السوري المسروق من سورية إلى القواعد الأمريكية في العراق.

السيد الرئيس،

    إن حكومة الجمهورية العربية السورية وانطلاقاً من حرصها على ضمان وصول المساعدات الإنسانية لمحتاجيها في كافة أنحاء سورية دون تمييز، تقدّم كل التسهيلات للأمم المتحدة لتحسين وتعزيز إيصال المساعدات الإنسانية، إلا أن التنظيمات الإرهابية المنتشرة في شمال غرب سورية ومن يقف وراءَها تُعرقل عملية إيصال هذه المساعدات. فمنذ اعتماد القرار 2642 وحتى اليوم بقي الاهتمام منصبّاً على آلية عبر الحدود، إذ عبرت أكثر من ألف شاحنة الحدود، وذلك بهدف تبرير استمرارية عمل هذه الآلية، وضمان تدفق الإمدادات للتنظيمات الإرهابية في تلك المنطقة.

السيد الرئيس،

    إن الألغام والذخائر المتفجرة التي خلفتها التنظيمات الإرهابية ماتزال تشكلُ تهديداً كبيراً لحياة السوريين وخاصة الأطفال، إذ أن عدم تحقيق تقدم في عملية إزالة تلك الألغام والذخائر المتفجرة تمنع السوريين من العودة لبيوتهم، وأراضيهم الزراعية، وأعمالهم، ومدارسهم، كما أنها تعيق إيصال المساعدات الإنسانية الحيوية. إن سورية – وفقاً لتقرير الأمين العام - هي من بين البلدان التي أبلغت عن أكبر عدد من الضحايا المباشرين للألغام والذخائر المتفجرة في جميع أنحاء العالم.     وفدي يدعو الأمم المتحدة لإيلاء هذه المسألة الأهمية التي تستحقها، والانتقال من مرحلة التوعية بمخاطر هذه الألغام والمتفجرات إلى وضع خطةٍ شاملةٍ للعمل الميداني وفق جدولٍ زمني واضح لتطهير جميع المناطق في سورية من هذه الألغام والذخائر المتفجرة، بما يساهم في إنقاذ أرواح السوريين، وتوفير ظروف العودة الآمنة للاجئين والنازحين لمناطقهم، وممارسة حياتهم الطبيعية. في هذا المجال أود أن أشير إلى أن الحكومة السورية نجحت بفضل جهودها ودعم حلفائها وأصدقائها في إعادة ما يزيد عن 2,400,000 مواطناً سورياً إلى أماكن إقامتهم الدائمة. 

السيد الرئيس،

    لقد جددت روسيا الاتحادية وجمهورية إيران الإسلامية في قمة طهران بتاريخ 19 تموز 2022، التزامهما الراسخ بسيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، وبمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ورفضهما المخططات الانفصالية الهادفة إلى تقويض سيادة سورية، وإدانتهما للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة. كما تم الإعراب في قمة طهران عن التصميم على مواصلة العمل لمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره. وأكدت القمة بأن الحل الوحيد في سورية هو من خلال العملية السياسية التي يقودها ويملكها السوريون وتيسّرها الأمم المتحدة.

السيد الرئيس،

    إن إنهاء الوجود الأجنبي اللاشرعي على الأراضي السورية وما يرتبط به من تنظيماتٍ إرهابيةٍ وميليشياتٍ انفصاليةٍ، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة والممنهجة على سيادة سورية، والإنهاء الفوري وغير المشروط لسياسات الإرهاب الاقتصادي والعقاب الجماعي التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على الشعب السوري، وحده الكفيل بضمان احترام سيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، والقضاء على بقايا التنظيمات الارهابية وما يرتبط بها من كيانات ومجموعات، ويُنهي جميع أشكال التهجير والتغيير الديمغرافي، ويُعيد للسوريين مواردهم الاقتصادية الوطنية.

    تطالب سورية الدول الراعية للمجموعات المسلحة والمليشيات الانفصالية التي تنهب الثروات السورية بدفع تعويضاتٍ للشعب السوري، لأن نهب هذه الموارد الوطنية يُعدّ مخالفةً للقانون الدولي.  

السيد الرئيس،

    قبل أن أختمَ بياني، أودُّ أن أردَّ على ما ورد في بيان ممثل الولايات المتحدة الأمريكية بشأن محاولته تبرير الهجمات التي قامت بها قوات بلاده في محافظة دير الزور. وأود أن أوضّح لعناية السيدات والسادة أعضاء المجلس بأن القوات الأمريكية تتواجد بشكلٍ غير شرعي على الأراضي السورية، وبدون طلبٍ أو موافقةٍ من الحكومة السورية. وبالتالي فإن تواجدها اللاشرعي يمثلُ انتهاكاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة التي تشددُ على احترام سيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها.

    إن تذرُّعَ ممثلِ قوات الاحتلال الأمريكي بأحكام المادة /51/ من الميثاق، وما أسماه "حق الدفاع عن النفس" يمثلُ تضليلاً قانونياً ووقاحةً سياسية. إن التبرير الأمريكي ينطبقُ عليه المثل القائل "عذرٌ أقبحَ من ذَنب".  

           شكراً السيد الرئيس.