United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

بيــــــان السفير بسام صبّاغ المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية أمام مجلس الأمن حول "الشأن الإنساني" في سورية

الجمعة, 20 (آيار (مايو 2022
المتحدث: 
بسّام صباغ
المكان: 
مجلس الأمن

السيدة الرئيس،

    أود أن استهل بياني بالإشارة إلى حدثٍ استثنائي بالغ الأهمية يتمثل في منح السيد رئيس الجمهورية العربية السورية عفواً عاماً – بموجب المرسوم التشريعي رقم (7) المؤرخ 30 نيسان 2022 – وذلك عن الجرائم الإرهابية التي ارتكبها أشخاص سوريون قبل تاريخ صدوره، باستثناء تلك الجرائم التي أفضت إلى موت إنسانٍ، والمنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب وقانون العقوبات السوري.

        ونؤكد هنا على أن هذا المرسوم لا يشمل الإرهابيين الأجانب، وستبقى دولهم الأصلية مسؤولة عن استعادتهم وعائلاتهم من سورية.

        إن صدور هذا المرسوم الاستثنائيٌ بطبيعته القانونية والاجتماعية والسياسية يأتي في إطار الإجراءات التي تتَّخذها الدولة السورية منذ سنوات للارتقاء بالوضع الإنساني في سورية، وتكريس المصالحات الوطنية، وترسيخ قيم التسامح، وتوفير الظروف الملائمة لعودة المهجَّرين واللاجئين إلى وطنهم، وإعادة إدماج جميع المواطنين السوريين في مجتمعاتهم المحلية، واستعادة الأمن والاستقرار في الجمهورية العربية السورية.

        لقد باشرت وزارة العدل والجهات القانونية والقضائية المختصة في ســــورية، فور صدور هذا المرسوم التشريعي، تنفيذ مضمونه في جميع أنحاء البلاد، وذلك من خلال الإفراج عن دفعاتٍ كبيرة من الموقوفين، وطي وإلغاء جميع مذكرات الملاحقة والبحث والتوقيف والإحضار الغيابية، وأحكام القضاء الغيابية الصادرة بحق أي مواطن سوري داخل البلاد أو خارجها، وبمفعولٍ فوري، ودون الحاجة للرجوع لأي جهة قضائية أو قانونية أو أمنية.

        أذكّر هنا بأن السيد رئيس الجمهورية كان قد منح منذ العام 2011 وحتى اليوم عشرين مرسوم عفوٍ عام، استفاد منها عشرات الآلاف من المواطنين السوريين داخل البلاد وخارجها، حيث تم إطلاق سراح (28،864) موقوف من محكمة قضايا الإرهاب.

        كما انخرط أكثر من (272،000) مواطنٍ سوري في عمليات التسوية والمصالحات الوطنية في مختلف المحافظات السورية والتي مكنتهم من العودة إلى حياتهم الطبيعية.

        إن حكومة الجمهورية العربية السورية تدعو إلى النظر في الخطوات التي اتخذتها بشكلٍ موضوعي ومتوازن، وتحث بعض الدول على العدول عن سياساتها الخاطئة واعتماد مقاربةٍ سياسيةٍ إيجابية وبنَّاءة، وذلك من خلال العمل المسؤول مع الحكومة السورية، بمنأى عن أية اعتباراتٍ سياسية لا تنسجم ومصالح السوريين وأمنهم ورفاههم.

السيدة الرئيس،

       إن الجهود التي تبذلها الحكومة السورية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وتحسين الأوضاع المعيشية للسوريين، تصطدم بإمعان بعض الدول الغربية وحلفائها في ممارساتها العدائية وانتهاكاتها المتواصلة لمبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة.

هذا ما يتجلى في استمرار الوجود العسكري الأجنبي غير الشرعي للقوات التركية والأمريكية على الأراضي السورية، ورعايتهما لتنظيمات إرهابية وميليشيات انفصالية، ونهب الثروات الوطنية بما فيها النفط والغاز والمحاصيل الزراعية. ناهيك عن ممارسة الإرهاب الاقتصادي من خلال فرض الإجراءات القســـرية أحـــاديــــة الجـــانب على الشــعب السوري.

إن القرار الصادر مؤخراً عن الإدارة الأمريكية بخصوص منح ترخيص للقيام بأنشطة اقتصادية في مناطق محددة في شمال شرق وشمال غرب سورية تسيطر عليها ميليشيات انفصالية وتنظيمات إرهابية، يمثلُ دعماً مباشراً من قبل الإدارة الأمريكية لتلك الكيانات اللاشرعية، وانتهاكاً فاضحاً لسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها أرضاً وشعباً، ومخالفةً جسيمة لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومسعاً لفرض وضعٍ لا شرعي ونهجٍ تمييزي ضد المواطنين السوريين يستند إلى دعم من يواليها ويخضع لنفوذها، مقابل معاقبة قاطني المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة السورية.

        من جهة أخرى، فقد شهدنا هذا الشهر عقد نسخة مكررة لما يسمى "مؤتمر بروكسل لدعم مستقبل سورية والمنطقة". إن عقد هذا المؤتمر في ظل مواصلة تغييب منظميه للحكومة السورية عن أعماله، واستبعادهم مشاركة روسيا، وفقدانه للرعاية الأممية، يعني أنه بات تجمعاً لدولٍ غربية معروفة بتسييسها للقضايا الإنسانية وخروجها عن المبادئ الإرشادية المعتمدة دولياً للعمل الإنساني.   

       إن هذه المؤتمرات ليست إلا ستار دخان يطلقه منظموها للتغطية على ممارساتهم ضد بلادي، في الوقت الذي يفرضون فيه عقاباً جماعياً وحصاراً خانقاً ولا إنساني على الشعب السوري يحرم كل سوري من الحصول على احتياجاته المعيشية الأساسية، إلى جانب إصراهم على ربط العمل الإنساني والتنموي بشروط مسيسة تعيق عملية تنفيذ مشاريع الصمود والتعافي المبكر، وتأهيل البنى التحتية المتضررة التي تتيح العودة الكريمة، والطوعية والآمنة للاجئين والمهجّرين.

السيدة الرئيس،

    لقد واكبت تلك السياسات العدوانية ضد بلادي أعمال عدوانٍ عسكري مباشرة نفذتها قوات الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي السورية وكان آخرها إطلاق الصواريخ على بعض أرجاء المنطقة الوسطى مساء يوم الجمعة 13 أيار 2022، وأسفر هذا العدوان عن استشهاد خمسة أشخاص بينهم مدني واحد، وجرح سبعة مواطنين بينهم طفلة، ووقوع خسائر مادية جسيمة واندلاع عدة حرائق في أحراج ريف منطقة مصياف.

     لقد تزامن هذا العدوان الإسرائيلي مع هجومٍ إرهابي شنته التنظيمات الإرهابية في شمال غرب سورية ضد وحداتٍ للجيش العربي السوري، مما أدى إلى استشهادِ عشرة جنودٍ وجرح آخرين. وهذا ما يؤكد مجدداً التنسيق المستمر بين سلطات الاحتلال الإسرائيلية وأدواتها من الإرهابيين.

     لقد وضعت حكومة الجمهورية العربية السورية الأمين العام للأمم المتحدة، وأعضاء مجلس الأمن بصورة تلك الاعتداءات وطالبتهم بالاضطلاع بمسؤولياتهم، ووضع حدٍ للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة التي تهدد على نحو خطير السلم والأمن الإقليمي والدولي.

السيدة الرئيس،   

    لقد يسرت بلادي عبور قافلة رابعة للأمم المتحدة من حلب إلى شمال غرب سورية هذا الأسبوع، ضمت 14 شاحنة من المساعدات الإنسانية، وهي تتطلع إلى تعزيز الوصول من الداخل وإزالة العراقيل التي يفرضها النظام التركي وأدواته من التنظيمات الإرهابية. كما تجدد سورية تأكيد موقفها إزاء ما يسمى بـ "آلية إيصال المساعدات عبر الحدود" نظراً لما تمثله من انتهاكٍ مستمر لسيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها وللعيوب الجسيمة التي تغلب عليها ويحاول البعض التغطية عليها.

    تشدد سورية على أن إنهاء الوجود العسكري الأجنبي اللاشرعي، والرفع الفوري وغير المشروط للتدابير الأحادية القسرية، وزيادة مشاريع التعافي المبكر والتنمية كمّاً ونوعاً هو السبيل الوحيد للارتقاء بالوضع الإنساني في سورية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وضمان عدم تخلفها عن الركب.

السيدة الرئيس،

    قبل أن أختم بياني أود أن أشير إلى تصريحات النظام التركي حول إنشاء منطقة آمنة في شمال بلادي. نحن نؤكد بأن مثل هذا المسعى يندرج في إطار المشاريع المعادية لسورية وتحقيق هدف استعماري تقسيمي، وإنشاء بؤرة تساعد على تنفيذ المخططات الإرهابية ضد الشعب السوري.

    إن حكومة الجمهورية العربية السورية تدين مثل هذه التصريحات والمشاريع التي تمس بوحدة وسيادة الأراضي السورية، وتطالب المجتمع الدولي بعدم مساومة نظام أردوغان على أراضي دول الغير والعالم، وعدم دعم أو تمويل مثل هذه المشاريع القائمة على التطهير العرقي، وتغيير البنية الديمغرافية، والمساس بحقوق السوريين، والتي سيكون لها آثار كارثية على السلم والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.    

     شكراً السيدة الرئيس