شكراً السيدة الرئيس،

سأبدأ من حيث انتهى زميلي مندوب السعودية سأبدأ بالشعر باعتبار أنه يحب الشعر، يقول شاعرنا الكبير نزار قباني الذي كان ممنوعاً من زيارة كل دول الخليج يقول:

والشعر ماذا سيبقى من أصالته                            إذا تولاه نصاب ومداح ونواح؟

أما القرآن الكريم فقد قال كلاماً معبراً أكثر من ذلك عندما قال الله تعالى: "ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم، مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم."

السيدة الرئيس،

يُشكل تقديم الوفد السعودي، بالنيابة عن مجموعة من رعاته ومستخدميه، مشروع قرارٍ ينتقد مايسمى " حالة حقوق الإنسان في سوريا" مفارقة عجيبة بحد ذاته، لأن النظام السعودي هو آخر من يحق له التحدث عن حقوق الإنسان في هذه المنظمة الدولية، نظراً لسجل التخلف الانساني والقانوني الذي يتمتع به في هذا المجال تجاه مواطنيه أنفسهم، وتجاه الوافدين الأجانب. وهنا نسأل، ويتساءل معنا الحاضرون: هل النظام السعودي مستعد وجاهز لتطبيق الفقرات الواردة في مشروع القرار المقدم ضد بلادي على انتهاكاته المستمرة لحقوق الإنسان في السعودية؟ وذلك انطلاقاً من القاعدة الأخلاقية التي تقول: من ساواك بنفسه ما ظلمك!!

إن تورط آل سعود وآل ثاني ورعاتهما في الارهاب بات جلياً للجميع وهذا ما أكدته تسريبات "ويكيليكس"، وتحديداً ما أقرت به المرشحة هيلاري كلينتون، وكذلك نائب الرئيس جو بايدن حول انخراط النظامين السعودي والقطري بدعم وتمويل الارهاب في بلادي . ناهيك عن  التقرير الصادر عن شركة "تويوتا"، بناءً على طلب من حكومتي سوريا وروسيا الاتحادية اللتان زودتا الشركة بآلاف الصور الملتقطة بعدسات الأقمار الصناعية للسيارات التي تم تزويد داعش بها في سوريا والعراق، ويبين التقرير أن الشركة قد باعت /60/ ألف سيارة دفع رباعي لكل من :السعودية وقطر والإمارات والأردن وطبعاً هذه السيارات بحوزة داعش الآن...!!!

والإرهاب السعودي، كما يعرف القاصي والداني، ليس جديداً في المنطقة وفي العالم، وبصماته السوداء لاتزال في أفغانستان، ونيكاراغوا والعراق وليبيا، ودول منطقة الساحل والشيشان ونيويورك، واليمن والكويت والبحرين، وباريس ونيس وبوسطن وبلجيكا ولبنان، والمنطقة الشرقية والجنوبية في السعودية نفسها. وقد خاطب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب آل سعود قائلاً: "لا تعتقدوا أن المجموعات الوهابية التي خلقتموها في بلدان العالم وطلبتم منها نشر الظلام والوحشية وذبح الانسان وتدمير الحياة ستقف إلى جانبكم وتحميكم، فهؤلاء لا مكان لهم في كل مكان من الأرض إلا في حضنكم وتحت ظل حكمكم لهذا سيأتون إليكم من كل مكان وسينقلبون عليكم ويومها سيقومون بأكلكم ".

وهذا بالضبط ما قاله الشاعر العربي أيضاً:

وإذا تركت أخاك تاكله الذئاب       فاعلم بأنك يا أخاه ستستطاب

ويجيء دورك بعده في لحظة       إن لم يجئك الذئب تنهشك الكلاب

إن تأكل النيران غرفة منزل        فالغرفة الأخرى سيدركها الخراب

ولكن هيهات من يفهم هذا الكلام...

السيدة الرئيس،

إن مشروع القرار المطروح أمامنا اليوم يؤكد حالة الهيستيريا  والعجز السياسي لكيان آل سعود وشركائه إزاء الانتصارات التي يحرزها الجيش السوري والقوات الحليفة التي تساند الحكومة السورية بناءً على طلبها في القضاء على سرطان الارهاب السعودي - القطري الوهابي  الذي امتد إلى بقاع العالم أجمع. ويظهر الفشل الذريع للعدوان السعودي على اليمن وسوريا والعراق أن داء غرغرينا العدوان يأكل صاحبه من الداخل. ويحق لنا أن نسأل: كيف للسعودية، وهي دويلة بدائية غير طرف أصلاً في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية حتى الآن، أن تنبري لتقديم مشروع قرار ضد سوريا حول حقوق الإنسان؟

إن تقديم هكذا قرار يقوض بحد ذاته الجهود الجماعية المبذولة لتعزيز الحوار البناء والثقة المتبادلة بين الدول الاعضاء التي يسعى البعض منها وبشكل علني للتشويش والقرصنة على آليات التعامل مع حقوق الانسان لاسيما الاستعراض الدوري الشامل، وذلك في ظل النكسات التي ألمت بأجهزة الامم المتحدة، ومن أبرزها ترؤس اسرائيل للجنة القانونية في الأمم المتحدة هذا العام، وكذلك شراء السعودية مقعداً لها في مجلس حقوق الانسان وترأسها للمجلس ذاته في العام 2015.  ولا نستغرب، والحال هكذا، أن تترأس "داعش" مكتب الامم المتحدة لعمليات حفظ السلام في العام القادم! وأن تترأس "جبهة النصرة" أو "بو كو حرام أو حركة الشباب" أوتشا أيضا....!!!!!!

وما من شك في أنكم أطلعتم كلكم على الابتزاز السياسي والدور المافياوي الذي مارسه الكيان السعودي، عندما وجه تهديداً للأمين العام بوقف المساعدات المالية وقطعها عن برامج الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة لاسيما وكالة الانروا، وذلك لإجباره على سحب اسم مايسمى " التحالف" الذي تقوده السعودية ضد أبناء اليمن الشقيق من التقرير الذي أعدته المقرره الخاصة المعنية بالاطفال والنزاعات المسلحة. ومن المؤسف والمعيب أن يشبه سفير الكيان السعودي في واشنطن عبد الله آل سعود عدوان بلاده على اليمن بأنه مثل ضرب الزوج لزوجته لدى رده على سؤال مراسل "الانترسبت" الأمريكية ، وهو رد يشرح ذاته بذاته! ولا يحتاج إلى مفسرين وهابيين لشرح مدى تخلفه وعقمه الحضاري والفكري.

أما الكيان القطري فهو آخر من يحق له التحدث عن حقوق الانسان، كونه راعياً للارهاب التكفيري فلا دستور يحكمه ولا شعب يتمتع بحق الانتخاب، وما تسمى بالمؤسسة الحاكمة الديمقراطية القطرية تعتمد على انقلاب ابن العم على ابن العم، والابن على الأب بشكل يسمونه بالانتقال الديمقراطي الشفاف والمواطن القطري هو آخر من يعلم. أما رعاية الكيان القطري  للارهاب فقد أكدته حادثة السفينة " لطف الله" في العام 2011 التي حملت السلاح من ليبيا للارهابيين في سوريا عن طريق أحد المرافئ اللبنانية" وكذلك رعاية كل من قطر وإسرائيل لإرهابيي جبهة النصرة وداعش في الجولان السوري المحتل. ونظراً لإيمان دويلة قطر العظمى بأهمية حقوق الانسان فقد حكم الكيان الحاكم على الشاعر القطري محمد بن راشد العجمي  بالسجن المؤبد بسبب انتقاده للحريات في قطر في قصيدة...كما تنضم تركيا للسعودية وقطر ليس فقط في تبني مشروع القرار وإنما في رعاية الإرهاب وغض النظر عن إدخال عشرات الآلاف من الإرهابيين الذين عبروا الحدود إلى سوريا برعاية السلطات التركية دون أن تحرك هذه السلطات ساكناً، وهذه حقائق موثقة يتحدث عنها النائب التركي عن حزب الشعب الجمهوري المعارض آران أردم في وسط البرلمان التركي وليست مجرد إدعاءات أو اتهامات إعلامية لا قيمة لها.

ختاماً السيدة الرئيس، نناشد الدول الأعضاء عدم الوقوع في حبائل هذا الشذوذ الفكري السعودي القطري، الذي لايأخذ بعين الاعتبار موقف كتلة حركة دول عدم الانحياز الرافض لمناقشة قرارات بعينها حول أوضاع حقوق الانسان في الدول الأعضاء من ناحية المبدأ. وبناءً على كل ما سبق، ندعو الدول الأعضاء للتصويت ضد هذا القرار الآثم الذي يطيل أمد الحرب الإرهابية على بلادي ويقوض أي مسار سياسي، وينصب الإرهابي مدافعاً عن حقوق الانسان في بلادي.

شكراً السيدة الرئيس...

بيان المندوب الدائم-فيديو