United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

بيان المندوب الدائم أمام مجلس الأمن خلال مناقشة بند الحالة في الشرق الأوسط

الأربعاء, 18 (تشرين اﻷول (أكتوبر 2017
المتحدث: 
المندوب الدائم السفير د.بشار الجعفري
المكان: 
مجلس الأمن

رابط الفيديو

السيد الرئيس،

لقد صدّر في الثاني من شهر تشرين الثاني لعام 1917، أي قبل 100 عام بالضبط قرار استعماري بريطاني من طرف واحد ومن دون استشارة رأي الفلسطينيين أصحاب الأرض، وهذا القرار يُدعى: وعد بلفور، والذي وافقت عليه عصبة الأمم فحاولت شرعنته من خلال اقحامه في صك ما يسمى بالانتداب البريطاني على فلسطين في العام 1922. وقد استمعنا الى الزميل سفير بريطانيا هذا الصباح يُعبر عن افتخار حكومات بلاده بإصدار هذا الوعد المعروف قانونياً على المستوى الدولي بأنه وعدٌ ممن لا يملك الى من لا يستحق. لقد عملت عصبة الأمم آنذاك كشركة استعمار استيطاني، فاستنسخت في فلسطين تجربتيّ شركة الهند الشرقية والشركة البريطانية-الجنوب أفريقية، وهما التجربتان اللتان وُلد منهما نظامان عنصريان في كل من جنوب أفريقيا وفيما  كان يسمى آنذاك روديسيا الجنوبية.

وبدلاً من أن تراجع الأمم المتحدة نفسها وتصحح أخطاء عصبة الأمم، كما فعلت في أكثر من ملف، إلا أنها استمرت في نفس النهج المتعلق بفلسطين، اذ اعتمدت الجمعية العامة القرار رقم 181 لعام 1947، القاضي بتقسيم فلسطين وخلق الكيان الإسرائيلي. وحظي هذا الكيان آنذاك بعده بعضوية الأمم المتحدة بضغط من الدول الكبرى.

إن الدعم والمساندة والحماية التي تقدمها بعض الدول لإسرائيل، بما فيها دولٌ دائمة العضوية في مجلس الأمن، والتعطيل الممنهج والمقصود لتنفيذ عشرات القرارات القاضية بإنهاء هذا الاحتلال الغاشم، قد جعل من اسرائيل تتغطرس في المنطقة وفي قاعة مجلس الأمن، جعل إسرائيل تتوسع وتبتلع المزيد من الأراضي الفلسطينية والعربية، وترتكب جرائم واعتداءات وانتهاكاتٍ مُمنهجة وموثقة للقانون الإنساني الدولي ولقانون حقوق الإنسان، وهي كلها ترقى لأن تُشكِّل جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.

أيها السادة،   

لقد حدد القرار رقم 273 لعام 1949 شروط  قبول عضوية اسرائيل في الأمم المتحدة بأن تلتزم بالقرار 181 القاضي بإنشاء الدولة الفلسطينية، وأن تلتزم بأحكام القرار 194 لعام 1948 القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم. لكن ما حدث بعد ذلك كان، للأسف، العكس تماماً، فقد نفذت الأمم المتحدة نصف قرارها رقم 181 من حيث الترخيص بإنشاء الكيان الإسرائيلي فقط في فلسطين، في حين أنكرت على الفلسطينيين حقهم في انشاء دولتهم، كما تخلت تماماً الأمم المتحدة عن تنفيذ قرارها رقم 194 القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين الى وطنهم، وهو الأمر الذي جعل الظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني مضاعفاً، وبقي مصيره رهن احتلال استيطاني وعنصري لا مثيل له في التاريخ الحديث.

أيها السادة،

إن بلادي طرف أساسي، كما تعرفون، في بند "الحالة في الشرق الأوسط"، ونحن نؤكد، مجدداً، بأن حق سوريا السيادي على الجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967، هو حق لا يخضع للتفاوض أو التنازل، وأن أرضنا المحتلة وحقوقنا المغتصبة ستعود بكاملها إلى أصحابها الشرعيين، وعلى المستوطنين الإسرائيليين أن يغادروا أرضنا في الجولان عاجلاً أم آجلاً. لن نتخلى عن حقنا باستعادة أرضنا المحتلة وتحرير مواطنينا الرازحين تحت الاحتلال الإسرائيلي في الجولان السوري بكافة الوسائل التي يضمنها الميثاق ومبادئ القانون الدولي وقراراتكم أنتم.

ان استمرار الصمت الدولي والأممي المريب عن سياسات وممارسات إسرائيل شجّعها على التمادي في انتهاك اتفاقية فصل القوات وقرارات مجلس الأمن، من خلال تقديم جميع أشكال الدعم للجماعات الإرهابية المسلحة في منطقة الفصل في الجولان السوري بما فيها "جبهة النصرة" و"داعش"، وتسهيل استيلاء هذه المجموعات على مواقع الاندوف، بشكل عرّض حياة أفراد القوة للخطر، لا بل خطف مجموعات من الوحدة الفيجية والوحدة الفليبينية كما تذكرون. وتمادت في اجرامها من خلال تقديمها الدعم بشكل مباشر وغير مباشر لتنظيم "داعش" الإرهابي وشنها لغارات غادرة متكررة على أراضي الجمهورية العربية السورية دعماً للمجموعات الإرهابية. إن إسرائيل لا تساعد المجموعات الإرهابية فقط في الجولان السوري المحتل وإنما داخل سوريا تقوم بمساندة شراذم ارهابيي داعش داخل سوريا.

أيها السادة،

إن بلادي تؤمن بأنه كان ومازال أمام مجلس الأمن مسؤولية تاريخية في تصحيح مسار البوصلة وفي إعادة الأمور إلى نصابها، فالغاية التي تجمعنا هنا كل شهر ومنذ سنوات عديدة ينبغي أن تتمثل في أن يتخذ مجلس الأمن، إن كان حريصاً فعلاً، على تحقيق الأمن والسلم في المنطقة وازدهارها، الإجراءات الفورية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، بما فيها الجولان السوري المحتل، والانسحاب منها، من هذه الأراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان السوري المحتل وأجزاء من جنوب لبنان، أن ينسحب منها إلى خط الرابع من حزيران لعام 1967، وتطبيق قرارات المجلس ذوات الأرقام 242 و338 و497.