United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

بيان السفير د.بشار الجعفري في جلسة مجلس الأمن حول القدس

الثلاثاء, 25 (تموز (يوليو 2017
المتحدث: 
المندوب الدائم د.بشار الجعفري
المكان: 
مجلس الأمن

رابط الفيديو

الســــيد الرئيـــس،

       بدايةً­ اسمحوا لي أن أهنئكم على رئاستكم لمجلس الأمن خلال هذا الشهر، وهي الرئاسة التي تميزت، مثلما هو معهود فيكم، بالحكمة والمسؤولية العالية.

الســــيد الرئيـــس،

       إن بلادي سوريا هي طرفٌ رئيسي في هذا البند باعتبار أن إسرائيل - القوة القائمة بالاحتلال – تحتل الجولان السوري منذ العام 1967، لذلك فإنني سألقي ببياني بصفتي طرفاً رئيسياً في هذا البند.

       يُعيد وفد بلادي تأكيده على موقف الجمهورية العربية السورية المبدئي والثابت في دعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس، مع ضمان حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وفقاً للقرار رقم 194 لعام 1948، وهو الحق الذي لا يخضع للتفاوض ولا للتنازل ولا يسقط بالتقادم ولا بالاستيطان ولا بالاستفراد الهمجي بالشعب الفلسطيني الأعزل..

       واليوم، وفي ظل ما تشهده مدينة القدس والحرم القدسي الشريف المُحتلَّين، من انتهاكاتٍ على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، ومن تدنيسٍ للمقدسات على يد قطعان المستوطنين المسلَّحين الذين يتمتعون بحماية هذه القوات، فإن مجلس الأمن بات مطالباً وأكثر من أي وقتٍ مضى بتجاوز بيانات الإدانة والتعبير عن القلق، وبالاضطلاع بمسؤولياته في التنفيذ الفوري لجميع قراراته المتعلقة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية، بما فيها القرار رقم 2334(2016) المتعلق بعدم شرعية الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن ضمنها القدس.

       أما فيما يخص موضوع الإحاطة التي قدَّمها السيد ملادينوف أمام مجلس الأمن اليوم، فإن حكومة بلادي لا ترى أي مبررٍ لاستمراره المتعمد في تجاهل طبيعة وحدود مهمته وولايته كمنسقٍ خاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، حيث ما زال السيد ملادينوف مصمماً - وفي نهجٍ غير مقبولٍ بعد الآن لا مهنياً ولا أخلاقياً - على تجاهل الحديث عن الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية غير القانونية المستمرة في الجولان السوري المحتل، وعلى إغفال إبراز موقف الأمم المتحدة من الاحتلال الإسرائيلي للجولان منذ الخامس من حزيران/يونيو 1967، وذلك على الرغم من عشرات القرارات الصادرة عن هذه المنظمة الدولية، ولا سيما عن مجلس الأمن، بهذا الخصوص.

       ففي ظل هذا الاحتلال الإسرائيلي العنصري البشع المستمر منذ ما يناهز النصف قرن، ما يزال المواطنون السوريون في الجولان السوري المُحتل يتعرضون لأبشع الجرائم نتيجة سياسات القمع والتمييز العنصري والاعتقال والتعذيب والمحاكمات الصورية، وحرمانهم من مواردهم الطبيعية، ومن حقهم في الدراسة وفقاً لمناهج التعليم الوطنية السورية، ومن حقهم في حمل هوية وطنهم سوريا، ومن حقهم في بناء مشاف وطنية سورية في بلداتهم المحتلة في الجولان..... أكثر من نصف قرن من حملات الاستيطان ومصادرة أراضيهم وممتلكاتهم.

       ويبدو أن السيد المنسق الخاص لم يكتفِ بتجاهل قيام إسرائيل بتقديم الدعم المباشر للجماعات الإرهابية المسلحة في منطقة الفصل في الجولان السوري المحتل، بما فيها تنظيما "جبهة النصرة" و"داعش" الإرهابيين، وبتسهيل عبور عناصرهما عبر خط وقف إطلاق النار، بل قرَّر السيد ملادينوف وبكل انحيازٍ وابتعادٍ عن الموضوعية أن يبرِّر اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي على مواقع الجيش العربي السوري، بالقول - كما سمعتم هذا الصباح - بأنها كانت تأتي رداً على سقوط قذائف من الجانب السوري على الجانب الإسرائيلي... وليسمح السيد المنسق الخاص لي بالقول قبل كل شيء أن ما يسميه "الجانب الإسرائيلي" هو أراضي سورية تحت الاحتلال الإسرائيلي، وأن جيش الاحتلال الإسرائيلي يقدم الدعم اللوجستي للمجموعات الإرهابية المسلحة عبر هذه الأراضي المحتلة، وأن جيش الاحتلال يسارع إلى ضرب مواقع الجيش السوري كلما حقَّق جيشنا إنجازاتٍ في مواجهة إرهاب هذه الجماعات في منطقة الفصل، وأن الطيران الحربي الإسرائيلي ضرب مواقع للجيش السوري كانت تتصدى لتنظيم "داعش" الإرهابي في تدمر البعيدة جداً عن الجولان المحتل... فهل ما يزال السيد ملادينوف مصراً الآن على تبرير دعم إسرائيل للإرهاب واستهدافها مواقع الجيش السوري الذي يحارب هذا الإرهاب!!

       لقد كان الأجدر بالسيد ملادينوف أن يُعبِّر، بحكم موقعه، عن قلق الأمم المتحدة من رفض رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي لاتفاق التهدئة الذي تم الإعلان عنه مؤخراً من هامبورغ بين الرئيسين الروسي والأمريكي، والذي يهدف إلى وقف الأعمال القتالية في المناطق الجنوبية من الجمهورية العربية السورية، تمهيداً للقضاء على الجماعات الإرهابية المُسلَّحة في تلك المناطق... نفس الجماعات الإرهابية التي ترعاها إسرائيل...

       وللتاريخ والتوثيق، أدعو السيد المنسق الخاص للاطلاع على التقارير الصحفية المتتالية والمدعمة بالأدلة المادية والوثائق والتسجيلات، والتي أعدتها مواطنته الإعلامية البلغارية "ديليانا غايتاندزييفا" ونشرتها صحيفة "ترود" البلغارية عن صفقات سلاحٍ متواترة بمئات ملايين الدولارات من بلغاريا إلى المجموعات الإرهابية المسلحة في سوريا، وتحديداً للمجموعات الناشطة جنوبي سوريا، وهي أسلحةٌ تمَّ نقلها من بلغاريا إلى ميناء جدَّة في السعودية على متن سفنٍ تحمل أعلام دولٍ أعضاء في هذه المنظمة الدولية، أو باستخدام الطيران المدني لحكومات بعض الدول الأعضاء، وتحت غطاء الحقائب الدبلوماسية لدولٍ أعضاء أخرى، وبتمويلٍ من دول خليجية!!!... وسأعود إلى هذا الموضوع بالتفصيل عندما نناقش البند المتعلق بمكافحة الإرهاب في جلسةٍ أخرى لهذا المجلس...

الســـيد الرئيـــس،

        يبدو أيضاً أن السيد المنسق لم يسمع بالقرار غير الشرعي الذي صدر مؤخراً عن سلطات الاحتلال الإسرائيلية بإجراء انتخاباتٍ لما يُسمىَّ بـ "المجالس المحلية" في قرى الجولان السوري المحتل وفقاً لما يسمى "القانون الإسرائيلي"، وهو القرار الذي يُشكِّل انتهاكاً صارخاً لميثاق وقرارات الأمم المتحدة وللقانون الإنساني الدولي ولاتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية المدنييــن فــي زمـن الحرب، ولقرارات مجلس الأمن، لاسيما القرار رقم 497(1981) الذي تمَّ اعتماده بالإجماع في 17 كانون الأول/ديسمبر 1981، وهو القرار الذي يرفض قرار إسرائيل ضم الجولان السوري المحتل، ويعتبر قرارها بفرض قوانينها وسلطاتها وإدارتها في الجولان السوري لاغياً وباطلاً، ولا يملك أي أثرٍ أو قوة أو فاعلية قانونية على الصعيد الدولي.

       إن الجمهورية العربية السورية إذ ترفض القرار الإسرائيلي الجديد رفضاً قاطعاً، فإنها تُعيد التأكيد على أن الجولان سيبقى جزءاً لا يتجزأ من الأراضي السورية وأنه سيعود إلى الوطن الأم سوريا، كما تؤكد بلادي أن حق سوريا السيادي على الجولان السوري المحتل حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967، هو حق لا يخضع للتفاوض أو التنازل من أي طرف كان، وأن أرضنا المحتلة وحقوقنا المغتصبة ستعود بكاملها إلى أصحابها الشرعيين، وأن المستوطنين الإسرائيليين سيغادرونها إن عاجلاً أم آجلاً..

       في ذات السياق، تطالب بلادي مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل للإفراج الفوري عن الأسرى السوريين، وفي مقدمتهم الأسير المناضل صدقي المقت - ما نديلا سوريا - الذي قضى سبعةً وعشرين عاماً في سجون هذا الاحتلال، وقد حُكِم عليه مجدداً منذ أيام بالسجن لمدة أربعة عشر عاماً، لأنه كشف بالصوت والصورة قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بتقديم الدعم اللوجستي للجماعات الإرهابية المسلَّحة في منطقة الفصل في الجولان وفي جنوب سوريا...

ختاماً السيد الرئيس،

       إن بلادي سوريا تؤمن بأن أمام مجلس الأمن اليوم مسؤولية تاريخية في تصحيح مسار البوصلة وفي إعادة الأمور إلى نصابها، فالغاية التي تجمعنا هنا كل شهر ومنذ عقود هي السعي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي البشع، وليس لإجراء نقاشٍ دوريٍ لا طائل منه يسعى البعض من خلاله إلى إقحام مواضيع بعيدة تماماً عن جوهر البند وهو "إنهاء هذا الاحتلال"... وتذكروا جميعاً أيها السادة أن إسرائيل قامت أساساً على تشويه التاريخ واحتلال الأرض وارتكاب المجازر والاستيطان على أراضيٍ يملكها الشعب الفلسطيني، وأنها الطرف الوحيد في الشرق الأوسط الذي يملك ترسانة أسلحة نووية وبيولوجية وكيميائية... وتذكروا أيضاً أيها السادة أن ما تشهده منطقتنا اليوم من إرهابٍ ودمار لا سابق لهما في العالم، إنما يتَّسق مع سعي البعض داخل مجلس الأمن إلى حرف بند "الحالة في الشرق الأوسط" عن جوهره وعن أهدافه، من أجل ضمان استمرار تأمين الحماية والغطاء لهذا الاحتلال الإسرائيلي البشع...