United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

بيان السفير د.بشار الجعفري خلال جلسة الجمعية العامة حول تعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية

الخميس, 08 (كانون اﻷول (ديسمبر 2016
المتحدث: 
المندوب الدائم د.بشار الجعفري
المكان: 
الجمعية العامة

رابط الفيديو

السيد الرئيس،

    نلتقي في كل عام لنؤكد مجدداً على التزاماتنا الإنسانية والأخلاقية في تقديم المساعدات الإنسانية الصرفة  لكافة المحتاجين دون تمييز أو تسييس أو ابتزاز وذلك وفقاً للمبادىء الإنسانية التي نؤمن بها جميعاً، مع تشديدنا هنا على ضرورة أن لا يتذرع بعض المعنيين من دول ومنظمات وفاعلين آخرين بالعمل الانساني في خدمة أجندات سياسية واقتصادية غير إنسانية وتحقيق أهداف ومصالح  أخرى للتشهير بحكومات الدول الأعضاء، والإساءة إلى العمل الانساني نفسه ولاستقرار الدول ورفاهية الشعوب.

السيد الرئيس،

و أود في بياني هذا توضيح موقف بلادي سوريا، من القرارات المتعلقة بالشأن الانساني بمختلف مسمياتها، ولأوكد مجدداَ على التزام حكومة الجمهورية العربية السورية بموقفها المبدئي والثابت في تقديم المساعدات الانسانية إلى جميع المتضررين دونما تمييز وذلك  استناداً لواجباتها الدستورية ، مع التأكيد على استمرارها بالتعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها لإيصال هذه المساعدات، على أساس احترام مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية لتقديم المساعدة الانسانية في حالات الطوارئ،  والتي أرساها قرار الجمعية العامة رقم 46/182، وفي مقدمتها احترام السيادة الوطنية ودور الدولة المعنية في الاشراف على توزيع المساعدات الانسانية داخل أراضيها و مبادئ الحياد والنزاهة وعدم التسييس .

 وللأسف، فإن ما نشهده من بعض الدول المتبنية لمشروع هذا القرار و من بعض المسؤولين عن عمليات تنسيق المساعدات الانسانية، وفي مقدمتهم مكتب الأوتشا، من انشغالهم بتسييس الأزمات الانسانية والتغطية بشكل مخجل على الأسباب الرئيسية لهذه الأزمات ، لذلك لابد لنا من التشديد على أن الطريق لحل أي أزمة إنسانية يكمن أولاً وقبل أي شيء آخر، في معالجة أسبابها الحقيقية وجذورها وتداعياتها دونما تسييس أو تحوير للحقائق.

وفي ضوء ذلك، أسمحوا لي الإدلاء بالملاحظات التالية حول مشروع القرار:

أولاً- مكافحة الارهاب

يرى وفد بلادي بأن تضمين مشروع  القرار، وللمرة الأولى، إشارة إلى الإرهاب كأحد الأسباب الرئيسية للأزمات الانسانية، بعد أن كان يتم تجاهل ذلك لسنين طويلة، يعتبر خطوة  هامة في الطريق الصحيح ، حيث أقرت بعض الدول أخيراً ، وإن يكن بشكل خجول، بأن العنف والفقر والكوارث ليست الأسباب الوحيدة التي تؤدي إلى التهجير والنزوح والأزمات الانسانية،  وإنما هناك عامل أساسي يؤدي إلى كل ذلك ألا وهو الارهاب. ورغم أهمية هذه الخطوة إلآ أنها جاءت متأخرة جداً وغيركافية، لأنه لا بد من استخدام لغة أقوى تدين بشكل حازم لا لبس فيه الأعمال الارهابية ، وذلك على غرار ما تم في  مشروع القرار المعنون " سلامة وأمن العاملين في مجال تقديم المساعدة الانسانية وجماية موظفي الأمم المتحدة " .

 كما يبدو بأن البعض قد تناسى بأن الارهاب هو الآفة الرئيسية للأزمات الإنسانية سواء أكانت في بلادي، سوريا، أو العراق أو ليبيا أو غيرها من الدول، وخير دليل على ذلك ما يشهده العالم من هيستيريا إرهابية تقتل المدنيين الأبرياء في كل بقاع العالم ، الأمر الذي طالما حذرنا منه منذ زمن بعيد.

 إن الارهاب هو السبب الرئيسي لمعاناة الشعب السوري وخاصة الأطفال والنساء، وإن مكافحته تتطلب التعاون مع الحكومة السورية ، التي تحارب الإرهاب نيابة عن العالم شاء من شاء وأبى من أبى . لقد دعونا للضغط على الدول الداعمة للمجموعات الإرهابية المسلحة في بلادي، لوقف تسليح وتمويل وتدريب وايواء عناصر هذه المجموعات الإرهابية وذلك انسجاماً مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، إلا أننا لم  نجد آذاناً صاغية لنداءاتنا المتكررة بل تشويهاً لمواقفنا وتشكيكاً بها. نشدد، مرة ً أخرى أيها السادة، على أن معالجة السبب الرئيسي لنشوء الأزمة الإنسانية في بلادي، سوريا، يكمن في التعاون والتنسيق الدولي مع الحكومة السورية في مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله، وفي تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة والعودة إلى الالتزام بأهداف ومبادئ الميثاق .

ثانياً-الأثار الجسيمة التي سببتها التدابير القسرية الاقتصادية الأحادية الجانب:

لقد دأبت الأمم المتحدة على رفض وإدانة فرض التدابير القسرية الاقتصادية أحادية الجانب نظراً لعدم شرعيتها ولآثارها الكارثية على اقتصاد الدول ورفاهية الشعوب، إلا أن بعض الدول المتبنية لمشروع القرار هذا  ما تزال تعمل على عدم تضمينه أي إشارة لهذه التدابير، وهي تدابير مستمرة إلى يومنا هذا برغم النداءات والمطالبات الدولية المتكررة بضرورة إنهائها فوراً نظراً لتأثيرها الكارثي على الاقتصاد السوري وعلى معيشة السوريين وتسببها بهجرة  مئات الآلاف منهم من وطنهم ، بالإضافة لعرقلتها تنفيذ خطط الاستجابة الصحية والإنسانية في سورية، وذلك وفق ما جاء في تقرير صدر في شهر أيلول 2016 عن مكتب الممثل المقيم للأمم المتحدة في سوريا بالتعاون مع الأسكوا، وهو التقرير الذي أكد على أن التدابير الاقتصادية آحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على سوريا تؤثرعلى كافة شرائح المواطنين السوريين. ومن المفارقة أن يتضمن مشروع هذا القرارإشارة الى قرار الجمعية العامة حول أجندة التنمية المستدامة لعام 2030، في حين لا يتضمن مشروع قرارنا الانساني هذا  فقرة حول نفس الـتأثير السلبي لهذه التدابير! فكيف تتوقعون أن تنجح الدول بتنفيذ أجندة التنمية المستدامة وبنفس الوقت تفرضون عقوبات عليها!.

 كما لا بد لنا من التأكيد مجدداً على تحفظ وفد بلادي على تضمين هذا القرار إشارة إلى القمة الانسانية العالمية، وعلى كل ما صدر عنها ،لأن البلد المضيف تركيا  لهذا المؤتمر الأممي لم يسمح لوفد بلادي بالمشاركة، وبالتالي لسنا جزءاً منها ولا بما صدر عنها. كما نتحفظ أيضاَ علىى الاشارة إلى إعلان نيويورك بخصوص اللاجئين باعتباره وثيقة أممية من المفترض أن تعالج حالات عامة تشمل كل الدول وليس دولاً بعينها . حيث كنا نأمل أن يُسمع صوت أحكام الميثاق و القانون الدولي  وليس صوت الدول الممولة والنافذة، وألا تُستغل مثل هذه الاجتماعات لتسيس المبادئ الانسانية التوجيهية للأمم المتحدة المتفق على أهميتها في العمل الإنساني بين الدول الأعضاء.  

وختاماً أيها السادة، لا بد من قول كلمةٍ بحق ما ورد في بيان ممثل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، أنتم تعرفون أيها السادة أن العقيدة الإسرائيلية التي أُنشأت إسرائيل على أساسها في فلسطين المحتلة هي الصهيونية، والصهيونية هي شكل من أشكال التمييز العنصري وهي رديف لداعش، لأن هذه العقيدة تدعي أنها تريد أن تسرق فلسطين بكاملها لتقيم دولة لليهود فقط أي أن تستبعد كل المكونات الأخرى من مسيحيين ومسلمين، داعش يقول نفس الشيء يريد أن يُنشىء دولة لمن يؤمن به فقط من المسلمين ليس لكل المسلمين فقط لمن يؤمن بداعش، فهذه المقارنة البسيطة تُظهر لكم أن سبب مآسينا وكوارثنا في المنطقة هي إسرائيل، هي التي أدخلت التعصب الديني والتطرف العرقي والتطرف الديني إلى منطقتنا وهي التي أدخلت مفهوم الاحتلال، احتلال أراضي الغير، إلى منطقتنا، وهي التي يصدر بحقها على مدى سبعين عاماً من تأسيس هذه المنظمة الدولية قرارات بالمئات تدينها وتدين سياساتها الاحتلالية والعدوانية. إذاً نحن لا نكتشف سياسات إسرائيل العدوانية اليوم فقد اكتشفناها منذ زمن بعيد ونعرفها حق المعرفة وبالتالي لا ضرورة للرد على تخرصات وأوهام يريد ممثلو الوفد الإسرائيلي هنا تضليل السادة الحاضرين بها، أذكركم بأن سلطات إسرائيل تتعامل مع إرهابيي جبهة النصرة ومع داعش في الجولان السوري المحتل، وتحميهم وساعدتهم على طرد قوات حفظ السلام (الأندوف) المنتشرين على خط الفصل في الجولان السوري المحتل. إسرائيل بالأمس أيها السادة، أطلقت صواريخ على قلب دمشق، منطقة المزة، ولذلك لا يلومننا أحد عندما سنرد على هذه الوقاحة الإسرائيلية بنفس الطريقة في الوقت المناسب.

شكراً أيها السادة...