United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

"الوعي العالمي بمآسي المهاجرين غير القانونيين في منطقة حوض المتوسط مع التركيز بصفة خاصة على ملتمسي اللجوء السوريين"

الجمعة, 18 (أيلول (سبتمبر 2015
المتحدث: 
د. بشار الجعفري
المكان: 
الجمعية العامة

السيد الرئيس،

       اسمحوا لي بدايةً أن أهنئكم على انتخابكم رئيساً للدورة الـ 70 للجمعية العامة، كما أتقدم بالشكر لسلفكم سام كوتيسا على إدارته أعمال الدورة الـ 69 بنجاح واقتدار.

السيد الرئيس،

       يود وفدي أن يتقدم ببيان مقتضب تعليقاً على الطلب المقدم من ممثل النظام التركي والمتعلق بإدراج بند تكميلي على جدول أعمال الدورة الـ 70 للجمعية العامة، وتحديداً البند المعنون وأقتبس "الوعي العالمي بمآسي المهاجرين غير القانونيين في منطقة حوض المتوسط مع التركيز بصفة خاصة على ملتمسي اللجوء السوريين".

السيد الرئيس،

        إننا في الجمهورية العربية السورية نشعر بالأسى والألم على كل سوري اضطر لترك بيته هرباً من الارهاب وسعياً للأمان وحياة أفضل، ونتمنى اليوم قبل الغد أن يتمكن كل سوري من العودة الى بيته وقريته ومدرسته وجامعته وعمله. لذلك فإننا نرحب بأي جهد مخلص حقيقي لمعالجة موضوع اللاجئين السوريين، ولكن تقديم البند الذي أمامنا من قبل النظام التركي تحديداً يدفعنا الى الريبة والشك والتساؤل عن الأهداف الكامنة وراء طرحه هذا البند على جدول أعمال الجمعية العامة.

السيد الرئيس،

       إن أزمة اللجوء مردها في المقام الأول الى الارهاب الذي يستهدف الشعب السوري وكافة مقومات الحياة على الأرض السورية، الارهاب الذي نشأ بسبب التدخل الخارجي في المشهد السوري سياسياً وعسكرياً واقتصادياً من قبل حكومات دول أعضاء أضحت معروفة للجميع، ومنها النظام التركي، حيث أدى التدخل الخارجي هذا الى نشوء وتغذية وانتشار ظاهرة الارهاب في سوريا والمنطقة، لا بل تجاوز المنطقة ليصبح آفة عالمية تهدد السلم والأمن الدوليين، وهو الأمر الذي حدا بالكثير من المواطنين السوريين الى الخروج من سوريا هرباً من الجرائم الوحشية التي ترتكبها المجموعات الارهابية على مدار الساعة، والتي تنقلها وسائل الاعلام كما تعرفون كل يوم، جرائم لم تسلم منها أيضاً البنى التحتية والخدمية والمرافق الاقتصادية الأمر الذي أدى بدوره  أيضاً الى القضاء على فرص العمل ومقومات الحياة اليومية، وجاءت الاجراءات الأحادية القسرية المفروضة من قبل بعض الدول على الشعب السوري، والتي تستهدف المواطن السوري في لقمة عيشه، لتكمل المشهد المؤلم الذي يدفع المواطن السوري الى الخروج من وطنه وليصبح ضحية لعصابات الاتجار بالبشر في تركيا وأوروبا والبحر المتوسط. 

السيد الرئيس،

       إن سياسات النظام التركي هي أحد الأسباب الرئيسية في نشوء أزمة اللاجئين السوريين واستمرارها وتفاقمها، والنظام التركي ضالع من رأسه حتى أخمص قدميه في سفك الدم السوري، حيث لم يألو نظام أردوغان جهداً في استقدام الارهابيين المرتزقة من شتى أصقاع العالم وتدريبهم على الأراضي التركية وارسالهم الى سوريا ليعيثوا قتلاً بالشعب السوري وتدميراً لممتلكاته وارثه الحضاري والانساني، والنظام التركي لم يتوانى عن تقديم الدعم العسكري واللوجستي والمالي للمجموعات الارهابية داخل سوريا، خاصةً تنظيم داعش الارهابي، فضلاً عن تدخله العسكري المباشر لمساعدتهم في بعض الحالات، والشواهد على ذلك كثيرة من عين العرب/كوباني الى حلب الى كسب في ريف اللاذقية على سبيل المثال لا الحصر.

       إن تنظيم داعش، أيها السادة، لم يأتِ من فراغ، فهناك من عمل على انشائه وتبناه وموله وساعده في ارهابه وفي تهريبه للنفط والغاز والآثار السورية والعراقية، وأول هؤلاء هو نظام اردوغان، والذي لم يكتفِ بذلك وبسرقته لـ 1441 معمل ومصنع في مدينة حلب، بل إنه يقوم بالمتاجرة الرخيصة بأزمة اللاجئين السوريين ودفع الموجودين منهم في مخيمات اللجوء في تركيا للهجرة الى أوروبا من أجل ابتزاز المجتمع الدولي وخلق أزمة انسانية واسعة النطاق يعتقد النظام التركي أنها ستدفع أوروبا والولايات المتحدة الى دعم مقترحه الهادف الى "انشاء منطقة عازلة حاضنة للارهاب" في شمال سوريا. وإن مطالبة النظام التركي بإدراج هذا البند على جدول أعمال الجمعية العامة إنما يأتي استكمالاً لهذا المسعى غير الأخلاقي وللتمهيد لاستغلال القمة الانسانية الدولية التي ستعقد في اسطنبول مطلع العام القادم لخدمة أغراضه الدنيئة والاتجار بمعاناة السوريين لتوسيع دائرة الضغط السياسي على الحكومة السورية.

       إن وفدي يطالب الأمم المتحدة بوضع حد لاستغلال "نظام أردوغان" القائم في تركيا لمعاناة اللاجئين السوريين، كما ندعو الجمعية العامة الى توخي الحذر من النوايا الخبيثة للنظام التركي والكامنة وراء طلب إدراج هذا البند.

ختاماً السيد الرئيس،

          إن أزمة اللاجئين هي جزء من المشهد المؤلم الذي يعاني منه الشعب السوري وحلقة في سلسلة الاتجار بآلامه... إذ أن الحكومات المتورطة في اذكاء أوار الأزمة وسفك دماء السوريين هي نفسها التي لم تترك سبيلاً للاساءة الى الشعب السوري الا واتبعته.. فمنذ البداية سعت هذه الحكومات وبعضها عربي للأسف واقليمي ودولي إلى عسكرة الأزمة ومن ثم تدويلها والتلاعب بها في أجندات هذه الحكومات في مجلس الأمن، وعندما فشلوا انتقلوا الى استخدام المحرمات كالسلاح الكيماوي ضد الشعب السوري بهدف اتهام الحكومة السورية والتشهير بها وشيطنتها.. وبشكل موازٍ تقوم نفس الحكومات بابتزاز المجتمع الدولي بالواقع الانساني في سوريا وصولاً الى استتثمار الارهاب كسلاح سياسي يهدف لاسقاط الدولة السورية وتحويلها الى دولة فاشلة كي يتم تشريع أبوابها أمام الفوضى الخلاقة التي أرادها البعض سلاحاً لتدمير آمال شعوبنا...

         إن هؤلاء الدول يبكون على اللاجئين بعين بينما يصوبون عليهم رشاشاً بالعين الأخرى من خلال دعم الارهابيين منذ بداية الأزمة.. وطالما استمرت هذه الدول في دعم الارهاب واستخدامه كسلاح سياسي سيكون هناك المزيد من اللاجئين.. فالمسألة لا تتعلق بقبول أو احتضان اللاجئين بل تتعلق بمعالجة سبب المشكلة...