United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

الحالة في الشرق الأوسط

الثلاثاء, 12 (تموز (يوليو 2016
المتحدث: 
دز بشار الجعفري
المكان: 
مجلس الأمن

 

السيد الرئيس،

تتبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة كل عام عشرات القرارات حول القضية الفلسطينية، وكانت المنظمة الدولية قد اعتمدت عدداً من القرارات المحورية مثل القرار 194 حول الحق بالعودة للاجئين الى وطنهم والقرار 242 والقرار 478 والقرار 338 أيضاً، وهي كلها قرارات ترفض الاحتلال وتؤكد على الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وحق العودة وسيادته على موارده الطبيعية، كما تعتبر هذه القرارات كلها قرار إسرائيل ضم القدس المحتلة لاغياً وباطلاً وغير شرعي. كما أنها قرارات تؤكد عدم شرعية الاستيطان وتدين الانتهاكات الإسرائيلية لقانون حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وتطالب بوقفها.

الآن وبعد اعتماد كل تلك القرارات وبعد مرور ما يقارب النصف قرن على احتلال اسرائيل للأراضي العربية، يحق لنا أن نتساءل عن مصداقية مثل هكذا جلسات في التعامل مع هذا الملف الهام بعد أن انتقل الملف من مجلس الأمن الى الرباعية الدولية، وعن جدية بعض الدول النافذة في حل القضية الفلسطينية حلاُ عادلاً ودائماً وشاملاً وفقاً لقرارات الأمم المتحدة التي اشرت إليها آنفاً. والسؤال هو الآتي: متى سينعم الشعب الفلسطيني في الحياة بشكل كريم في دولته المستقلة المنشودة؟ سؤال دأبنا على طرحه منذ 70 عاماً، أي منذ تأسيس الأمم المتحدة ، ومتى سيعود أهلنا في الجولان السوري المحتل إلى حضن وطنهم الأم سوريا بعد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا في الجولان منذ العام 1967؟ سؤال دأبنا على طرحه منذ 50 عاماً تقريباً. ومتى ستنسحب إسرائيل من بقية الأراضي اللبنانية المحتلة؟ سؤال دأبنا على طرحه منذ عشرات السنين. أما آن الاوان لكل هذه القوى الدولية الفاعلة أن تجد الصيغة الملائمة لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالنزاع العربي-الإسرائيلي؟ هذه أسئلة نطرحها على حكومات الدول الحريصة حقاً على سمو القانون الدولي وعلى بقاء مصداقية الأمم المتحدة.

السيد الرئيس،

أتحدث اليوم أمامكم بصفتي طرفاً رئيسياً في هذا البند، باعتبار أن جزءاً من بلادي وهو الجولان لا يزال تحت الاحتلال الإسرائيلي.

في نفس السياق ما زالت إسرائيل تتجاهل كل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالجولان السوري المحتل، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن رقم 497 (1981)، وهو القرار الذي اعتبر قرار إسرائيل بفرض قوانينها وسلطتها وإدارتها على الجولان السوري المحتل لاغياً وباطلاً ولا قيمة قانونية له، حيث تواصل سلطات الاحتلال الاسرائيلي انتهاكاتها الممنهجة لحقوق الانسان، وتستمر بنشاطات الاستيطان وسياسات القمع بحق المواطنين السوريين، وتسرق موارد الجولان الطبيعية، بما في ذلك المياه والنفط، حيث بدأت شركة ”إفيك“ الأمريكية بالتنقيب عن النفط في الجولان السوري المحتل بالقرب مما يسمى بـ ”مستوطنة ناطور“. أضف إلى ذلك أن قوات الاحتلال الإسرائيلي قد قامت مؤخراً بمصادرة آلاف الدونمات من أراضي الجولان السوري المحتل، بغرض توزيعها على مستوطنين سيتم استقدامهم للاستيطان على الأراضي المصادرة بغرض إقامة مشاريع زراعية. وتحت مسمى ”مشروع المزارع“، شرعت قوات الاحتلال الإسرائيلية بإقامة 750 مزرعة جديدة في الجولان السوري المحتل. وقد تم استقدام 90 عائلة مستوطنة هذه السنة للاستيطان في هذه المزارع، وعلى أن يتم استقدام 150 عائلة جديدة كل عام ليصل مجموع هذه العائلات إلى 750 عائلة. إن كل تلك الإجراءات الإسرائيلية تشكِّل انتهاكا صارخا للقوانين الدولية، ولاتفاقيات جنيف، ولقرار مجلس الأمن رقم 497 (1981)، ويجب وقفها فوراً، وهي لا تترك لنا خياراً آخر لمواجهتها الا مقاومة هذا الاحتلال بكل الوسائل القانونية التي يكفلها الميثاق. أضف إلى كل ذلك اعتقال إسرائيل للكثير من السوريين الرازحين تحت الاحتلال، بما في ذلك إعادة اعتقال مانديلا سوريا، المناضل صدقي المقت، الذي اعتقلته إسرائيل لمدة 27 عاماً وهي نفس الفترة التي قضاها نيلسون مانديلا في سجن الأبارتايد. والأمر الذي قد لا يعرفه البعض هنا هو أن إسرائيل قد أعادت اعتقال المناضل المقت لأنه عمل على توثيق وفضح دعم اسرائيل لـ"جبهة النصرة" المرتبطة بالقاعدة وما يسمى "لواء اليرموك" التابع لـ"داعش"، في منطقة الفصل في الجولان السوري بالصوت والصورة. إن كل هذه المعلومات، بالإضافة الى الاجتماع الذي عقدته الحكومة الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل لم تكن كافية لإثارة قلق الأمانة العامة والإدارة السياسية ومنسق الأمين العام الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط.

تؤكد حكومة الجمهورية العربية السورية بأن استقرار منطقة الشرق الأوسط ومصداقية الأمم المتحدة يستوجبان من الأمم المتحدة ومجلس الأمن المبادرة إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة، خاصة القرار رقم 497 (1981)، وذلك من خلال إلزام الاحتلال الإسرائيلي بوقف ممارساته العدوانية، والانسحاب من كامل الجولان السوري المحتل إلى خط الرابع من حزيران لعام 1967.

السيد الرئيس،

لم تكتف إسرائيل بكل تلك السياسيات العدوانية التي أشرت إليها لتوي، بل وصل بها الأمر إلى حد التعامل مع الإرهابيين، بما في ذلك مجموعات تابعة لتنظيم القاعدة في منطقة الفصل، مثل جبهة النصرة، حيث تقدم لهم مختلف أشكال الدعم وتعالج مصابي هؤلاء الإرهابيين في المشافي الإسرائيلية ويتكفل القطريون بدفع الفواتير، وفقاً لما أكدته تقارير الأمين العام الأخيرة حول الأندوف، وذلك في انتهاك لاتفاق فصل القوات لعام 1974 وبشكل عرض حياة قوات الأندوف للخطر وأدى إلى ازدياد حرية حركة المجموعات الارهابية في منطقة فصل القوات في الجولان، ومكن تلك المجموعات من خطف حفظة سلام تابعين للأندوف أكثر من مرّة من كل من فيجي والفلبين. ولذلك أكرر دعوتي إلى ضرورة التعامل مع هذا الواقع الخطير بما يستحقه من جديّة واهتمام ودونما أي إبطاء.

وأخيراً، فإنني أربأ بنفسي عن الرد على بعض التعليقات غير اللائقة التي صدرت عن بعض المتحدثين بحق بلادي سوريا، لا سيما من قبل المندوبة الدائمة للولايات المتحدة ومندوب الاتحاد الأوروبي والتي هدفها الأساسي حرف الانتباه عن مضمون هذا البند بغرض تخفيف الضغط عن إسرائيل والدخول في عروض دونكيشوتيه لمحاربة طواحين الهواء بدلاً من العمل بجدية ومسؤولية لحل النزاع العربي- الإسرائيلي والقضية الفلسطينية حلاً عادلاً وشاملاً.

لقد فات على مندوب الاتحاد الأوروبي أن البند قيد النظر يُعنى بشكل حصري واساسي بالنزاع العربي-الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، وليس بالوضع في سوريا، وهو وضع شاركت دول أوروبية في خلقه منذ البداية وتورطت في سفك دماء السوريين منذ البداية عبر تصدير الإرهاب الأوروبي التكفيري الى بلادي سوريا، وهو إرهاب أطلقت عليه بعض هذه الدول الأوروبية اسم "الجهاديين" و "المعارضين المعتدلين" قبل أن يرتد هذا الإرهاب على عواصم تلك الدول الأوربية نفسها لتطلق عليه حينئذ وصف الإرهاب. والكل يعرف أن وزير خارجية فرنسا السابق فابيوس قال في اجتماع مراكش الذي انعقد في 12/12/2012 لخلق جسم معارض سوري، كما قالوا آنذاك، وكذلك وزير داخلية فرنسا الذي أصبح رئيساً للوزراء الآن، أن الإرهابيين الفرنسيين الذين يتم ارسالهم الى سوريا هم جهاديون طالما أنهم يقتلون السوريين. ولكن عندما عاد هؤلاء الجهاديون التي ارسلتهم فرنسا الى بلادهم ليسفكوا دماء الفرنسيين اصبح اسمهم ارهابيون، وكل ذلك بسبب اهمال الحكومة الفرنسية للإرهاب ورعايتها له، الأمر الذي أدى الى ارتداد هذا الإرهاب عليهم في عاصمتهم باريس، ونفس الشيء قامت به بعض الدول الأوربية الأخرى عندما صدرت إرهابا الى سوريا فعاد اليها لاحقاً.

                   شكراً السيد الرئيس، 

فيما يلي رابط لمشاهد البيان.

https://www.facebook.com/SyrianNewsCenter/videos/1190269041007412/