United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية.

الخميس, 22 (تشرين اﻷول (أكتوبر 2015
المتحدث: 
د. بشار الجعفري
المكان: 
مجلس الامن

السيد الرئيس،

شكراً على عقد هذه الجلسة الهامة. واسمح لي أن أتحدث إليكم اليوم بصفتي طرفاً رئيسياً في هذا البند.

السيد الرئيس،

تحتفل الأمم المتحدة بعد يوم غد، أي بتاريخ 24 تشرين الأول، بالذكرى السبعين لتأسيسها؛ ولكن السؤال هنا هو: هل يحق لنا الاحتفال؟! وبماذا نحتفل؟!...

ربما لا يحق لنا أن نحتفل عندما نشهد طموحات الآباء المؤسسين للأمم المتحدة بالسلام والأمن والتنمية تذهب أدراج الرياح بفعل سياسات بعض الدول النافذة التي تضرب بمبادئ الميثاق والقانون الدولي عرض الحائط؟.... كيف يمكن لنا أن نحتفل ونحن نرى انتهاكات بالجملة لمقدسات أحكام الميثاق ذات الصلة بمنع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الاخلال بالسلم، وإنماء العلاقات بين الأمم على أساس احترام مبدأ المساواة في الحقوق بين الشعوب، والامتناع عن التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي والاستقلال السياسي لأي دولة؟.

ربما لا يحق لنا أن نحتفل عندما نرى البعض يتعامل مع الأمم المتحدة، بعد مضي سبعين عام على إنشائها وعلى معاناة الشعب الفلسطيني الموازية، وكأنها متحف لجمع القرارات، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية والجولان السوري المحتل. هل يمكن لنا أن نحتفل برؤية شعوبنا، ولا سيما الشعب الفلسطيني الذي يحمل قضية عادلة بامتياز، وهي تدفع ثمن فشل قوة القانون أمام قانون القوة؟. ثم هل يمكن لنا أن نحتفل؟ ونحن نشاهد دولاً تستخدم الأمم المتحدة كأداة لتبرير غزوها لدول أخرى عسكرياً وتقويض حكوماتها الشرعية وقتل قادتها وتحويلها إلى دول فاشلة تشكل حاضنة للإرهاب العالمي المُعدل وراثياً والذي يتم إعادة تدويره وتصديره إلى دول أخرى وفقاً لأجندات رعاته من محبي "الإرهاب المعتدل"؟.

ربما لا يحق لنا أن نحتفل عندما نرى كيف أفشل البعض الأمم المتحدة في الاضطلاع بولايتها الخاصة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأراضٍ عربية في فلسطين وسوريا ولبنان، وذلك على الرغم من مضي ما يقارب النصف قرن على هذا الاحتلال..... هل نحتفل باستمرار تحويل فلسطين إلى سجن جماعي مفتوح؟ أم نحتفل بسياسات الأبارتايد العنصرية التي تطبقها إسرائيل بحق الفلسطينيين، أصحاب الأرض الشرعيين، في القدس وغيرها من الأراضي المحتلة؟ هل نحتفل بتصاعد وحشية وعنف المستوطنين الغرباء تحت حماية ودعم الحكومة الاسرائيلية؟ أم نحتفل بالتوسع الاستيطاني السرطاني الذي يقوض أي إمكانية في إقامة الدولة الفلسطينية المنشودة؟.... ثم هل يجب أن نرفع القبعة لبعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن جراء دعمها غير المسؤول وحمايتها لإسرائيل كي تستمر في كل هذه السياسات الاستفزازية التي تنتهك كل المواثيق الدولية؟ لا بل أن هذه الدول مازالت تصر على عدم التعامل مع التطورات الراهنة في فلسطين في إطارها الحقيقي الواسع، حيث تحاول تصوير الوضع على أنه "عنف متبادل يجب تهدئته"، متناسية جوهر وجذر هذا النزاع ألا وهو الاحتلال والاستيطان والتهجير وغير ذلك من ممارسات الاحتلال الاسرائيلي.

السيد الرئيس،

سنحتفل بعد يوم غد بالذكرى السبعين لإنشاء الأمم المتحدة؛ ولكن ماذا يمكن أن تقول الأمم المتحدة في هذا المناسبة للسكان السوريين الرازحين تحت الاحتلال الاسرائيلي منذ ما يقارب النصف قرن؟ وذلك بعد أن عجزت عن اتخاذ أي اجراءات حقيقية تدفع اسرائيل لتنفيذ قراراتها ذات الصلة وفي مقدمتها القرار 497 لعام 1981.

يحق لمواطني بلدي الرازحين تحت الاحتلال في الجولان المحتل أن يتساءلوا عن مصداقية وفعالية الأمم المتحدة إزاء حلّ قضيتهم العادلة.... كيف لا؟! وهم لا يشهدون أي جهدّ دولي لوقف حملات الاستيطان الاسرائيلي في أرضهم، ولوضع حد لسياسات القمع والاضطهاد والتمييز العنصري الاسرائيلي بحقهم... كيف لا؟! وهم شهود عيان على دعم إسرائيل للمجموعات الإرهابية، بما في ذلك تنظيم داعش وتنظيم جبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة، في منطقة الفصل في الجولان، وذلك دون أن تحرك الأمم المتحدة ساكناً.... لا بل وصل الأمر بهم إلى حد رؤية إسرائيل تعتقل، من جديد، مانديلا سوريا الذي قضى في السجون الإسرائيلية 27 عاماً، المناضل صدقي المقت، لا لشيء سوى لأنه وثق وفضح هذا الدعم الإسرائيلي للإرهابيين.

السيد الرئيس،

نحن نريد فعلاً أن نحتفل بالذكرى السبعين لإنشاء الأمم المتحدة ولكننا نريد لهذا الاحتفال أن يكون ذا معنى.... نريد له أن يكون احتفالاً بالإنجازات والنجاحات وليس احتفالاً بالكلمات والبيانات والخطابات.... نريد أن نحتفل بتحقيق طموحات الآباء المؤسسين ببناء عالم يسوده الأمن والسلام والرخاء والعدل والتنمية، عالم يقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية... عالم خال من الاحتلال والاستعمار والتلاعب بمصير الشعوب وتغيير أنظمة الحكم فيها بالتدخل العسكري الأجنبي... عالم نحتفل فيه بولادة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

هذا ما نريده، سيدي الرئيس، وهذا ما يجب أن يكون وما يجب أن نعمل على تحقيقه سوياً وبشكل جماعي، حتى نستحق فعلاً أن تحتفل وحتى يكون لهذا الاحتفال معنى يرضي ضمائرنا ويرضي، قبل ذلك، ضمائر شعوبنا.

السيد الرئيس،

قبل أن أختم بياني، أود أن استنكر بأقسى العبارات استماتة بعض الوفود، التي لن أذكرها بالاسم، في الدفاع عن إسرائيل والتغطية على جرائمها، لا سيما عبر محاولتهم اليائسة لفتح جبهات دونكيشوتية وهمية أمام مجلس الأمن، جبهات لا علاقة لها بجوهر بند الحالة في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، ألا وهو مناقشة سبل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة وإقرار حق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره بنفسه فوق أرضه فلسطين. ففي كل مرة تصعد فيها إسرائيل من عدونها على الشعب الفلسطيني، نرى هذه الوفود بالذات تدلي ببيانات تضليلية وتصعيدية حول سوريا، وكل ذلك بهدف حرف الانتباه عن جرائم اسرائيل وتخفيف الضغط الدولي عنها. ولهذا السبب، فإنني لن أردّ على المزاعم الجوفاء التي ساقتها تلك الوفود ضد بلادي، سوريا، علماً بأنه لدينا الكثير الكثير ليقال لتفنيد ودحض هذه المزاعم التي ذكرتها وفود ذات الدول التي تدعم وتؤوي وتسلح الارهابيين وتنشر التطرف والتخريب في سوريا وتعمل جاهدة على إفشال أي حل سلمي لهذه الأزمة عبر تدخلها في الشأن الداخلي السوري، واستخدام شتات الإرهاب العالمي كسلاح ضغط سياسي على الحكومة السورية لإجبارها على تغيير مواقفها وخياراتها.