United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

الحالة في الشرق الأوسط

الثلاثاء, 25 (تشرين الثاني (نوفمبر 2014
المتحدث: 
د. بشار الجعفري
المكان: 
الجمعية العامة

السيد الرئيس،

أسمحوا لي في البداية أن أشكر زميلي مندوب مصر الدائم على تقديمه مشروعي القرارين المعنونين "الجولان السوري" و"القدس".

السيد الرئيس،

سأبدأ بياني بقراءة نص رسالة موجهة من مواطنة سوريا تقطن في القسم المحتل من الجولان السوري، وأقتبس:

"نحن العرب السوريون في الجولان المحتل متشبثون بأرضنا وبمواقفنا الوطنية وبوطننا الأم سوريا الحبيبة الجريحة والتي ندعو الله أن يخرجها من أزمتها الحالية منتصرة على كل اعدائها. نحن نرفع لكم آلامنا واوجاعنا التي يسببها لنا الاحتلال الاسرائيلي الغاصب بشكل يومي، فذنبنا الوحيد أننا نحافظ على أرضنا وأرض آبائنا وأجدادنا. نحن نتحمل الكثير من الانتهاكات منذ الأيام الأولى للاحتلال الذي بدأ في الخامس من حزيران 1967، وذلك بدءاً بسرقة مياهنا وسرقة أرضنا وادعاء ملكيتها، وصولاً إلى العقوبات الجماعية في المحاكم الاسرائيلية، حيث يقوم الكيان الاسرائيلي الغاصب بالتضييق علينا كمواطنين سوريين عبر فرض غرامات مالية جماعية وبمبالغ طائلة لمجرد أننا قمنا ببناء بيت أو منزل لنستتر به نحن وأبناؤنا على أرضنا وأرض أبائنا وأجدادنا، علماً بان هذا حقنا الطبيعي، وليس كما يدعي هذا الكيان الاسرائيلي بأن هذه الأرض هي ملكه ويحق له التصرف بها كما يشاء. إن ما يقوم به هذا المستعمر المغتصب من انتهاكات تفوق الوصف إنما تهدف إلى دفعنا إلى التخلي عن مواقفنا وأرضنا وتاريخنا. فهذا الكيان يقوم عبر محاكمه بفرض غرامات مالية ضخمة علينا أو الزج بنا في السجون أو التهديد بهدم منازلنا. هذا في حين يقوم هذا الكيان باستقدام شتات المستوطنين الغرباء من كافة دول العالم، ويقدم لهم التسهيلات المالية والإدارية، ويبني لهم المستوطنات على أراضينا، ويقدم لهم الأموال، ويشجعهم على القيام بأعمال تعسفية لا يمكن لأي منطق في العالم أن يقبل بها. ما نريده، فقط، هو العيش الكريم لنا ولأبنائنا من بعدنا. إن هذا الكيان، من جهة، يتبجح بالديمقراطية والحريات، ولكنه من جهة ثانية، يقوم بسلب وسرقة المياه والأراضي والأموال وغير ذلك. ومن يخالف "الديمقراطية" الاسرائيلية يصبح ارهابياً وتجب محاربته!. في النهاية نحن شعب سوري مسالم لا نريد سوى حقوقنا كشعب يعيش تحت نير الاحتلال، وما نطالب به هنا هو أبسطها ألا وهو العيش الكريم". انتهى الاقتباس.

إن هذه الرسالة تعكس بعضاً من معاناة أبناء شعبنا الرازحين تحت الاحتلال الاسرائيلي منذ العام 1967، حيث تمارس سلطات الاحتلال الاسرائيلي بحقهم أبشع انتهاكات حقوق الانسان، وسياسات القمع والاعتقال التعسفي والتمييز العنصري. والقائمة تطول هنا ولكني أود الإشارة أيضاً إلى أن اسرائيل قد اضافت، خلال الأزمة الحالية في سوريا، فصلاً جديداً إلى سجل انتهاكاتها، ألا وهو دعم الإرهابيين التكفيرين في منطقة الفصل في الجولان السوري، بما في ذلك عبر علاج جرحى هؤلاء الإرهابيين في المشافي الاسرائيلية. فالتطورات الأخيرة في هذه المنطقة والتي دفعت الأندوف إلى إخلاء بعض مواقعها بشكل مؤقت، لم تأتي بالصدفة وإنما جاءت لتؤكد ما دأبنا على التحذير منه من أن دعم أنظمة حكم معينة، بما في ذلك اسرائيل للمجموعات الارهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة في منطقة الفصل، لم يشكل انتهاكاً فاضحاً لاتفاق فصل القوات وللقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة فحسب؛ وإنما عرض حياة قوات الأمم المتحدة العاملة هناك للخطر وقوّض ولاية الأندوف وقدرتها على أداء مهامها. لقد كان هذا الدعم الذي أتحدث عنه سبباً في ازدياد حرية حركة المجموعات الارهابية، بما في ذلك تنظيم "جبهة النصرة" المرتبط بالقاعدة، في منطقة الفصل، وقيام هذه المجموعات، في عدة مناسبات، بإطلاق النار على قوات حفظ النظام السورية وخطف حفظة سلام تابعين للأندوف أو إطلاق النار عليهم أو استهداف مواقعهم ودفعهم إلى إخلاء بعض هذه المواقع تحت قوة السلاح، تحت أنظار القوات الاسرائيلية المنشرة في المنطقة المحتلة من الجولان. ولذلك فإن الأمم المتحدة مطالبة بتحمل مسؤولياتها في التعامل مع هذا الواقع الخطير بما يستحقه من جديّة واهتمام ودون أي إبطاء، وذلك بعد تجاهل غير مبرر وغير أخلاقي من قبل المعنيين في إدارة عمليات حفظ السلام لكل التحذيرات والمعلومات التي قمنا بنقلها في هذا الصدد إليهم على مدار السنوات السابقة وحتى الآن.

السيد الرئيس،

على الرغم من كل المطالبات الدولية والقرارات الأممية المرجعية الخاصة بإنهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967، لم يتحقق أي تقدم في هذا الصدد، لا بل على العكس فقد ازداد الوضع سوءاً على سوء وأصبحت إمكانية إقامة الدولة الفلسطينية المنشودة بعيدة المنال. فبدلاً من أن نشهد سعياً نحو السلام والاستقرار في المنطقة، شهدنا فصلاً جديداً من فصول العدوان الاسرائيلي على غزة ارتُكبت خلاله جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية؛ وشهدنا فلتاناً استيطانياً غير مسبوق، بما في ذلك في القدس الشرقية، حيث ازداد عدد المستوطنين الاسرائيليين منذ اتفاق أوسلو عام 1993 من 70 ألف مستوطن إلى 700 ألف مستوطن حالياً؛ وشهدنا، أيضاً، ازدياد عنف المستوطنين الإسرائيليين بحق المدنيين الفلسطينيين، وتصاعد الاعتداءات على المقدسات المسيحية والاسلامية وخاصة الحرم الشريف؛ وأخيراً وليس آخراً، شهدنا مندوب اسرائيل يتبجح في مجلس الأمن بالقول بأنه ليس هناك ثمة احتلال أو استيطان وأن القدس هي "عاصمة أبدية للشعب اليهودي فقط"، وذلك في تحد فظ لكل قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وللإجماع الدولي، بما في ذلك قرارات دول تعتبر صديقة لإسرائيل، لا بل أن الصلف الإسرائيلي قد وصل إلى درجة التهجم على الدول الأوروبية الداعمة تاريخياً لإسرائيل لمجرد انهم عبروا عن دعمهم لبعض الحقوق الأساسية المشروعة للشعب الفلسطيني.

والمثير للانتباه هنا أنه وبعد كل ذلك التصعيد الإسرائيلي مازال هناك من يدّعي بانه ضد الاستيطان ومع حل الدولتين، في حين لم نراه يوماً يتخذ ولو إجراءً واحداً لدفع إسرائيل لوقف هذا النشاط الاستيطاني المتصاعد والذي يقوض أي أمل في قيام الدولة الفلسطينية وفي الوصول إلى سلام عادل وشامل في المنطقة، لا بل هناك من أعاق حتى مجرد اتخاذ أي اجراء أو تحرك في هذا الشأن من قبل الأمم المتحدة. 

السيد الرئيس،

 ختاماً، اود أن أدعو الدول الأعضاء إلى التصويت لصالح مشروع القرار المعنون "الجولان السوري" رفعاً لشان القانون الدولي وتكريساً لأحكام الميثاق واتساقاً مع قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما في ذلك قرار مجلس الأمن رقم 497 لعـام 1981 الذي اعتبر قرار إسرائيل بضم الجولان السوري في العام 1967 لاغياً وباطلا وليس له أي أثر قانوني.

وشكراً السيد الرئيس،