United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

الجلسة رفيعة المستوى حول "تعزيز التسامح والمصالحة: تقوية المجتمعات المسالمة والمنفتحة ومكافحة التطرف العنيف"

الثلاثاء, 21 (نيسان (أبريل 2015
المتحدث: 
د. بشار الجعفري
المكان: 
الجمعية العامة

السيد الرئيس،

  أود أن أتوجه إليكم بدايةً بالشكر على المبادرة لتنظيم هذه الفعالية الهامة من حيث مضمونها وتوقيتها.

السيد الرئيس،  

طوال سنوات أربع استهدفت المجموعات الإرهابية المسلحة والإرهابيون العابرون للحدود والمرتزقة الأجانب استهدفوا الحضارة السورية العريقة، ومؤسسات الدولة وبناها التحتية. واعتدوا على السوريين في مدارسهم وجامعاتهم ومشافيهم ومساجدهم وكنائسهم ومعابدهم، واستهدفوا مكونات المجتمع السوري الدينية والعرقية. وحاول هؤلاء الإرهابيون فرض تفسير رعاتهم ومموليهم ومسلحيهم المشوه للدين الإسلامي الحنيف وتشريع ممارسات وهابية لا إنسانية كالسبي والرجم والنخاسة وقطع الرؤوس. ممارسات همجية مخجلة أكثر من الجاهلية نفسها.

 إلا أنه على الرغم من الأوضاع المؤلمة التي تمر بها بلادي سوريا حالياً، وعلى الرغم من جرائم المجموعات الإرهابية المسلحة، فإن مآذن المساجد وأجراس الكنائس لا تزال وستبقى تصلي للسلام والمحبّة في مهْد الحضارات والأديان، سوريا، التي جمعت على ترابها الطاهر، لآلافٍ من السنين، نسيجاً اجتماعياً متنوّعاً حيِكَ بخيوط المحبّة والاحترام المتبادل والتآخي والعيش المشترك، بشكل قلّ نظيره في تاريخ الإنسانيّة. وإذا كان من هدفٍ لما يُحاك من مشاريع ضد سوريا فهو تمزيق هذا النسيج الفريد وتحويل البلاد إلى كيانات ودويلات يفتك بها وباء الانتماءات الإثنية والطائفية والمذهبية لتبرير وتسهيل تحقيق هدف إسرائيل العنصري المتمثل في إقامة دولة فوق أراضي الغير يقتصر مواطنوها على اتباع دين واحد فقط، أي ابتلاع كامل فلسطين وقتل حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني، وإغراق المنطقة في حروب عبثية، حروب تقوم على الاختلافات العرقية والدينية الوهمية التي لم تكن أبداً جزءً من ثقافة شعوب منطقتنا.

السيد الرئيس،

من المؤسف أنه بالرغم من الصكوك الكثيرة التي تم اعتمادها لتعزيز التسامح والتعايش بين الأديان والثقافات ومكافحة التطرف العنيف، وعلى الرغم من  الفعاليات المتنوعة التي تم تنظيمها في هذا الإطار، فإن ظاهرتي التطرف والإرهاب لا تزالان تتناميان مستفيدتين من الدور التخريبي الهدام الذي تقوم به حكومات بعض الدول وفي مقدمتها الحكومة السعودية التي تقوم بالترويج للفكر الوهابي التكفيري المتطرف وتعمل على نشره وبث خطاب الكراهية من خلال مناهجها التعليمية وبعض القنوات الفضائية التابعة لها وعبر ملحقياتها الثقافية في الدول الأعضاء في هذه المنظمة. وبالتالي لا بد من أن يترافق عقد الجلسات والاجتماعات حول التسامح بين الأديان ومكافحة التطرف العنيف مع وضع حد لممارسات النظام السعودي في دعم الإرهاب ونشر الفكر التكفيري الوهابي والتعاليم الهمجية التي لا تمت لأي دين ولا للحضارة الإنسانية بأي صلة. وعلاوة على ذلك، فإن رئاسة قطر لمنتدى حوار الحضارات لا يجب أن تكون مجرد رئاسة إسمية بل ينبغي أن ترتقي السياسات القطرية إلى مستوى الآمال المعقودة على أعمال وأنشطة هذا المنتدى الهام. لقد تركت سياسات قطر الداعمة للإرهاب في بلادي سوريا وفي العراق جروحاً عميقة لن تندمل بسهولة، ويحتفظ الشعب السوري بحقه في مساءلة أولئك في قطر وتركيا ممن ساهموا في سفك دماء السوريين وتدمير البنى التحتية للبلاد وفقاً لمبادئ القانون الدولي والقواعد القانونية ذات الصلة.   

السيد الرئيس،

 واهمٌ أو مُتعامٍ من يعتقد بأن التنظيمات الإرهابية كداعش وجبهة النصرة وبوكو حرام والجماعة الإسلامية حركة الشباب وغيرها برزت واشتدّ عودها من فراغ أو بالمصادفة، فهناك مُقدمات موضوعية أدت إلى ذلك، ولعلّ أبرزها الصهيونية والفتاوى الجاهلية ومناهج التعليم المتطرفة والسماح لبعض الحكومات باستخدام الارهاب والتطرف كأداة لتنفيذ أجنداتها السياسية المشبوهة سواء في سوريا أو في دول أخرى، وذلك بما لا يتعارض، فقط، مع القانون الدوليّ وقرارات مجلس الأمن ذات الصلّة، بل وبما يتعارض مع أبسط القيم الإنسانيّة والحضاريّة والتعاليم الدينية السمحاء.

السيد الرئيس،

 علينا بذل كافة الجهود الممكنة لمواجهة التطرف والإرهاب وخطاب الكراهية بسبل شتى من بينها الالتزام الصادق بتطبيق الصكوك الدولية الخاصة بمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف وتشجيع ونشر ثقافة التسامح والحوار والاحترام والتعايش بين الأديان والثقافات، وكذلك الحيلولة دون استخدام الأديان كسلاح سياسي ومنع الجماعات المتطرفة وتجار الفتنة والكراهية من استخدام تقانات الإعلام والاتصال الحديثة، وفي مقدمتها شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، لنشر التطرف وخطاب الكراهية وللتغرير بالشباب وتمجيد الإرهاب تحت مسميات جاهلية شتى.

 ختاماً السيد الرئيس، إننا نعتقد أنه لا ينبغي أن يكون أمام الشباب أحد خيارين إثنين لا ثالث لهما: إما الإنضواء في تجمعات إرهابية أو الغرق في لجة البحر الأبيض المتوسط وهم يسعون للعيش بطريقة أفضل. كل ذلك يتم في الحالتين بفعل عصابات إجرامية ترعاها أنظمة معينة وحكومات محددة.