United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

الجعفري: سورية تجدد دعوتها للضغط على كيان الاحتلال الإسرائيلي لإخضاع جميع منشآته وأنشطته النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية

الجمعة, 16 (تشرين اﻷول (أكتوبر 2020
المتحدث: 
السفير د. بشار الجعفري
المكان: 
اللجنة الأولى المعنية بنزع السلاح والأمن الدولي

 

 

السيد الرئيس،

أتوجه بداية لكم وللمكتب الموقر بالتهنئة بمناسبة انتخابكم لإدارة أعمال هذه اللجنة الهامة، وأؤكد لكم التزام وفد بلادي بالتعاون معكم لإنجاح أعمال هذه الدورة. وينضم وفد سوريا الى البيان الذي أدلى به ممثل إندونيسيا الموقر نيابةً عن دول حركة عدم الانحياز.

السيد الرئيس،

لا تزال ترسانة إسرائيل من الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية تمثل التهديد الأكبر للسلم والأمن في منطقة الشرق الأوسط. وهي مسألة شكلت على مدى عقود وما تزال تُشكل تحدياً جسيماً لمنظومة نزع السلاح ومنع الانتشار.

فعلى الرغم من مطالبة غالبية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار كطرف غير نووي، واصلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعنتها مستفيدةً في ذلك من الدعم الذي توفره لها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكندا وألمانيا ودول أعضاء أخرى ورعايتهم للبرنامج النووي الإسرائيلي والبرامج الإسرائيلية العسكرية والبيولوجية والكيميائية والمساهمة في تطويرها وتعزيزها، لا بل والتغطية على رفض إسرائيل تطبيق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بعدم انتشار الأسلحة النووية، وهو أمر ظهر جلياً للجميع من خلال إفشال كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا لمؤتمر مراجعة المعاهدة في عام 2015. الأمر الذي شجع إسرائيل على زيادة تحديها للإرادة الدولية وعدم الانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار واتفاقيات أسلحة الدمار الشامل الأخرى، لا بل وتعزيز ترسانتها من أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها، ورفضها المشاركة في الدورة الأولى لمؤتمر إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط الذي عقد في نيويورك في تشرين الأول 2019. وبالمقابل يعرف الجميع أن بلادي طرف في معاهدة عدم الانتشار النووي NPT منذ العام 1968، وموقعة على معاهدة حظر الأسلحة البيولوجية منذ العام 1972، وطرف في معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية منذ العام 2013، كما أن بلادي رحبت بمؤتمر إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل الأخرى في الشرق الأوسط  وشاركت في أعماله مع بقية دول المنطقة على الرغم من رفض الولايات المتحدة كدولة نووية ووديعة لمعاهدة عدم الانتشار حضور المؤتمر، وكذلك رفض إسرائيل المشاركة فيه الأمر الذي يدل على شيء وحيد وهو رفض كليهما إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل الأخرى وهو ما يثبت وجاهة ما نقوله دائماً من أن هذا السلوك هو النفاق النووي بحد ذاته.

ولقد قرنت بلادي القول بالفعل إذ تقدمت، في نهاية العام 2003، خلال عضويتها في مجلس الأمن، بمشروع قرار يهدف لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من كافة أسلحة الدمار الشامل ولا سيما الأسلحة النووية، إلا أن وفد الولايات المتحدة هدّد آنذاك باستخدام الفيتو في حال تم عرض مشروع القرار للتصويت، فبقي المشروع باللون الأزرق حبيس أدراج مجلس الأمن. وفي هذا السياق، تجدد بلادي دعوتها الدول الأعضاء للعمل على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل، كما ندعو للضغط على إسرائيل وإلزامها بالانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار كطرف غير نووي، وأن تخضع جميع منشآتها وأنشطتها النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

السيد الرئيس،

تجدد بلادي الإعراب عن إدانتها الشديدة لأي استخدام لأسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة الكيميائية من قبل أي كان وتحت أي ظرف كان وفي أي مكان. وتؤكد أنها لم ولن تستخدم الأسلحة الكيميائية لأنها لم تعد تمتلكها أصلاً. فقد انضمت سوريا في العام 2013 إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية، وقامت بالوفاء بالتزاماتها الناتجة عن هذا الانضمام وأنجزت التزاماتها رغم الظروف الصعبة التي تمر بها والتحديات الهائلة التي يفرضها الإرهاب والاحتلال وأعمال العدوان. وقد أكدت رئيس اللجنة المشتركة للأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، السيدة سيغريد كاغ، في تقريرها المقدم إلى مجلس الامن في شهر حزيران عام 2014 أن الجمهورية العربية السورية أوفت بكامل التزاماتها، وأنه تم إتلاف مخزوناتها من هذه الأسلحة على متن السفينة الأمريكية MV-RAY وغيرها. كما أكدت ذلك منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي أشرفت على تدمير كافة المواقع الخاصة بإنتاج الأسلحة الكيميائية. وتواصل بلادي التعاون مع الأمانة الفنية لمنظمة الحظر وفريق تقييم الإعلان بما يكفل تسوية المسائل العالقة التي أشبعت نقاشاً وإغلاق هذا الملف بشكل نهائي.  

لقد قوبل هذا التعاون السوري بمواصلة الدول الغربية استهدافها السياسي لسوريا، وذلك من خلال الترويج لآليات غير شرعية تم تمريرها على نحو مخالف للقانون ولأحكام اتفاقية الحظر مثل "فريق التحقيق وتحديد الهوية ITT" وتقديم الإدارة الأمريكية لمشروع قرار تصعيدي في مجلس الأمن يهدف لتسويق الأكاذيب وفرضها بالضغط والتهديد، وهو الأمر الذي يفضح مجدداً الازدواجية التي تتعامل بها الإدارة الأمريكية مع موضوع الأسلحة الكيميائية لاسيما وأنها الدولة الوحيدة الطرف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية التي لا تزال تمتلك مخزونات هائلة من هذه الأسلحة منذ الحرب العالمية الثانية وترفض تدميرها.

السيد الرئيس،

لقد وجهت الجمهورية العربية السورية أكثر من 200 رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمة الحظر ولجنة القرار 1540، واللجان المعنية بمكافحة الإرهاب، وتضمنت هذه الرسائل معلومات دقيقة حول حيازة التنظيمات الإرهابية لمواد كيميائية سامة واستخدامها ضد المدنيين والعسكريين، وذلك بدعم من حكومات دول معروفة وأجهزة استخباراتها. هذا علاوةً عن قيام تلك الحكومات بتزويد تنظيمات إرهابية كداعش وجبهة النصرة بالمواد الكيميائية السامة لاستخدامها فعلاً أو فبركة استخدام مزعوم لها بالتعاون مع ما يسمى بـ "تنظيم الخوذ البيضاء" الإرهابي، الذي يمثل الذراع الإعلامي لتنظيم جبهة النصرة، والتقاط الصور والفيديوهات واستغلالها لكيل الاتهامات للحكومة السورية وتبرير أي عدوان ثلاثي أو فردي تنفذه حكومات الدول المعادية على بلادي، كما نقلنا للأمم المتحدة بالوثيقة رقم A/67/628-S/2012/917 تاريخ 10 كانون الأول 2012 ما كشفت عنه صحيفة "يورت" التركية لناحية قيام تنظيم جبهة النصرة الإرهابي بتصنيع أسلحة كيميائية وإجراء اختبارات بغازات كيميائية سامة على الأرانب في مختبرات بمدينة غازي عينتاب التركية. كما أعلمنا الأمم المتحدة برسالة رسمية تحمل الرقم S/2014/195، تتعلق بإرهابي سوري يُدعى "هيثم قصاب"، قام بنقل مواد كيميائية من ليبيا إلى تركيا على متن طائرة ركاب مدنية لصالح ما يسمى "حركة أحرار الشام الإرهابية"، الموجودة الآن في ادلب، يعني "جبهة النصرة"، وقامت السلطات التركية بتاريخ 31 أيار 2013، بإطلاق سراحه بعد أن ضُبط متلبساً بحيازة /2/ ليتر من السارين داخل تركيا....

السيد الرئيس،

من المؤسف أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي نالت جائزة نوبل للسلام في العام 2013 تقديراً لعملها في التخلص من الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك مساعدة الحكومة السورية في التخلص من مخزوناتها من السلاح الكيميائي، قد تحولت إلى مجرد أداة بيد حفنة من الدول الغربية لاستهداف دول بعينها ومنها بلادي والإبقاء على ما يسمى بـ"الملف الكيميائي" كورقة ضغط على الحكومة السورية وحلفائها، وهو ما يفقد هذه المنظمة الكثير من مصداقيتها ومهنيتها وطابعها الفني ويدفعنا كدولٍ أعضاء للعمل على إعادة تصحيح مسار تلك المنظمة للوفاء بالدور المأمول منها. في هذا السياق، تجدد بلادي الإعراب عن دعمها لروسيا الاتحادية في مواجهة المزاعم الغربية بخصوص ما يسمى بقضية نافالني ومن قبله سكريبال.

إننا نطالب الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وفي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بإعلاء الصوت ضد تسييس الدور التقني الحساس لمنظمة الحظر والعمل على معالجة ما شاب عملها من تسييس وعيوب جسيمة من شأنها تقويض مكانة ومصداقية المنظمة.

ختاماً، السيد الرئيس، تطالب بلادي الدول الأعضاء كافةً بتحمل مسؤولياتها لوقف تهريب الأسلحة والذخائر، بجميع فئاتها وأنواعها، إلى التنظيمات الإرهابية لما يمثله ذلك من تهديد لأمن وسلامة دولنا جميعاً.

شكراً السيد الرئيس،