United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

الجعفري: التصويت على مشروع القرار الكندي يعني استمرار المتاجرة بمعاناة الشعب السوري وتقديم الدعم للإرهابيين

الجمعة, 09 (كانون اﻷول (ديسمبر 2016
المتحدث: 
المندوب الدائم د.بشار الجعفري
المكان: 
الجمعية العامة

رابط الفيديو

شكراً السيد الرئيس،

بدايةً، لفت انتباهي أن مشروع القرار المطروح أمامكم قد نصَّ في فقرته التمهيدية الثانية على ما يلي، واقتبس: "وإذ تؤكد من جديد التزامها القوي بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية" انتهى الاقتباس. وهي جملة وردت في كافة القرارات التي تم اعتمادها حول ما يجري في بلادي سوريا. غير أن ممارسات الوفد الدائم لكندا، والوفود التي انضمت لمبادرته قد أثبتت الفجوة الهائلة بين النظرية والتطبيق لنص هذه الفقرة، من حيث أن هذه الوفود قد انتهكت سيادة الجمهورية العربية السورية، عندما عملت على الدعوة لهذه الجلسة، وقدمت مشروع القرار دون التشاور مع وفد حكومة الجمهورية العربية السورية، وهو المعني الأول والأخير بالتعامل مع كافة أوجه وتداعيات الحرب الإرهابية المفروضة على بلادي في هذه المنظمة الدولية.

 وفي هذا السياق، أود أن أشير إلى المخالفة الجسيمة التي ارتكبها الوفد الدائم لكندا وشركائه للميثاق، لا سيما للفقرة الأولى من المادة (12)، والتي تنص على، واقتبس: "عندما يباشر مجلس الأمن بصدد نزاع أو موقف ما الوظائف التي رسمت في الميثاق، فليس للجمعية العامة أن تقدم أية توصية في شأن هذا النزاع أو الموقف إلا إذا طلب منها ذلك مجلس الأمن" انتهى الاقتباس. وفي الحالة السورية فإن مجلس الأمن ما زال مضطلعاً بمسؤولياته كما تعرفون، مما يجعل التحرك الكندي مخالفاً للميثاق.

وأجد نفسي مضطراً هنا، لتذكير الدول الأعضاء، أن الوفد الكندي الذي يدّعي حرصه على مصلحة الشعب السوري، قد صوت كعادته منذ أيام، وفي هذه القاعة بالذات، ضد القرار المعنون "الجولان السوري" والذي يعتبر أن احتلال إسرائيل للجولان باطل ولاغ. كما صوت الوفد الكندي ايضاً، ضد القرار المعنون "المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية والجولان السوري المحتل"، وهو قرار يعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الجولان السوري المحتل غير شرعية وتُشكل عقبة في وجه السلام والنمو الاقتصادي. اذاً، كيف يستوي الادعاء الكندي بالحرص على مصلحة الشعب السوري مع تصويته ضد مشاريع قرارات تدافع عن حق الشعب السوري باستعادة أراضيه المحتلة في الجولان السوري المحتل، وعن مصلحة الشعب السوري الذي يعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل؟ أليس هذا فاضحاً بما فيه الكفاية لكي يكشف النوايا السيئة لمقدمي مشروع القرار، وفي مقدمتهم الوفد الكندي.

أجد نفسي مضطراً هنا أيها السادة، لتذكير الدول الأعضاء، أن حكومة الوفد الكندي، لاحظوا انني لم أقل "النظام الكندي" لأنني أحترم الميثاق وأحترم القواعد الإجرائية التي تنظم عملنا في هذه المنظمة الدولية، ولذلك لن أستخدم عبارة النظام الكندي، وإنما سأقول حكومة الوفد الكندي، أجد نفسي مضطراً لتذكير الدول الأعضاء أن حكومة الوفد الكندي التي تدّعي حرصها على مصلحة الشعب السوري، قد شاركت ومنذ اليوم الأول فيما يسمى "التحالف الدولي" ضد داعش في سوريا، هذا التحالف الخارج عن الشرعية الدولية والذي ينتهك بشكل يومي السيادة السورية، ويدمّر بشكل ممنهج البنى التحتية السورية من جسور ومحطات كهرباء ومياه وصوامع الحبوب، وهي كلها بنى تحتية بناها الشعب السوري بجهده وماله وطاقات أبنائه على مدى عقود طويلة، حتى جاءت الطائرات الكندية والأمريكية والفرنسية والبريطانية والدنماركية فسوَّتها بالأرض، بدلاً من استهداف قواعد وخطوط امداد وقيادات "داعش" في سوريا والعراق. ولم تكتف بذلك بل استهدفت عن عمد مدارس ومشاف وقرى آمنة فقتلت الآلاف من المدنيين، كما قصفت باعترافها هي دول هذا التحالف وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، اعترفت بقصف مواقع للجيش السوري كانت تشكل حاجزاً لمنع تمدد إرهابيي داعش من العراق باتجاه مدينة دير الزور في سوريا. وطبعا كان القصد من هذا القصف هو منع الجيشين العراقي والسوري من إحكام الخناق على الإرهابيين في منطقة الحدود المشتركة السورية – العراقية. هؤلاء يقدمون مشروع قرار حول المساعدات الإنسانية للشعب السوري في حلب!!

السيد الرئيس،

إن ممارسات هذا التحالف تُثبت أن اسمه الحقيقي ليس "التحالف الدولي" ضد داعش، وإنما "التحالف الدولي ضد الشعب السوري". ويبدو بحكم التجربة - والأمثلة على ذلك عديدة في ذاكرتنا - أن أي تحالف دولي تُنشِئه الولايات المتحدة إنما يقود حتماً إلى الخراب والدمار، وإلى خلق كيانات إرهابية كـ"داعش". الأمر الذي أقر به الرئيس الأمريكي أوباما بنفسه مؤخراً، ولكن يبدو أن الإدارة الأمريكية لا تتعلم من أخطائها، وتصر اليوم على تزويد الجماعات الإرهابية المسلحة بمختلف صنوف الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ المضادة للطائرات، ثم يحدثوننا عن أمن الطائرات المدنية! يزودون الإرهابيين بصواريخ مضادة للطائرات ثم يحدثوننا عن اهتمامهم بسلامة الطيران المدني! ولا ندري ما هو الكيان الإرهابي الجديد الذي ستعترف الإدارات الأمريكية القادمة بمسؤولية من سلفها عن نشوئه.

وأجد نفسي مضطراً أيضاً أيها السادة، لتذكير الدول الأعضاء، أن حكومة الوفد الكندي التي تدّعي حرصها على مصلحة الشعب السوري، بالإضافة الى عدد كبير من متبني مشروع القرار، يفرضون إجراءات اقتصادية قسرية أحادية الجانب، تطال بالدرجة الأولى المواطن السوري، وكذلك تعيق قدرة الحكومة السورية على الاستجابة لمتطلبات الحياة اليومية للمواطنين السوريين، وبالدرجة الأولى أولئك الذين تضرروا جراء الحرب الإرهابية المفروضة على بلادي سوريا.

إن ما تقدمت به، أيها السادة الزملاء، هو شواهد قليلة تدحض مزاعم الوفد الكندي وبعض متبني مشروع القرار، بخصوص الحرص على مصلحة الشعب السوري، الشعب السوري الذي لم يفوضهم أساساً لا هم ولا غيرهم بالتحدث باسمه عن أوجاعه الإنسانية، التي يشاركون هم في إذكائها وتضخيمها يوماً بعد يوم.

السيد الرئيس،

لقد كان حرياً بالوفد الكندي وشركائه قبل الدعوة لعقد هذا الاجتماع وتقديم مشروع القرار، أن يستمعوا إلى القصص المروعة التي رواها عشرات الآلاف من أهلنا، ممن أنقذهم الجيش السوري وحلفاؤه في مدينة حلب خلال الأيام الماضية، القصص عن ممارسات "جبهة النصرة" والجماعات الإرهابية التابعة لها خلال السنوات الأربع الماضية. قصصٌ تؤكد ما دأبنا على قوله لكم على مدار السنوات الخمس الماضية، من أن المجموعات الإرهابية المسلحة، تقتل وتعتقل وتعذب المدنيين وتُخضعهم لظروف معيشية مروعة تعود لعصور الجاهلية الوهابية، كما تنهب المساعدات الإنسانية وتبيعها للمحتاجين بأسعار خيالية، وتُجبر الأطفال والشباب على حمل السلاح والقتال في صفوفها، وتسبي النساء وتجبرهن على الزواج من مرتزقة إرهابيين أجانب استقدمتهم أجهزة استخبارات إقليمية وعربية ودولية إلى سوريا من أكثر من مائة دولة، من بينها كندا نفسها.

كما كان حرياً بالوفد الكندي وشركائه، أن يعترفوا بالإنجاز الذي حققه الجيش السوري وحلفاؤه في تحرير أكثر من مائة ألف مواطن سوري في مدينة حلب من تحت قبضة ورحمة إرهابيي "جبهة النصرة" والجماعات الإرهابية الأخرى المتحالفة معها، وفي تأمين المأوى والغذاء والدواء لهم، مما وفر لهم الشعور بالأمان والاستقرار بعد معاناة تجاوزت الأربع سنوات.

ولقد كان حرياً أيضاً بالوفد الكندي أن يشاهد صور جثث العشرات من المدنيين الأبرياء الذين حاولوا الفرار من مناطق سيطرة الإرهابيين إلى مناطق انتشار الجيش السوري، فقتلهم هؤلاء الإرهابيون المعارضون المعتدلون المعدلون وراثياً، والذين يحمل أغلبهم جنسيات دول يرعى بعض وفودها اليوم مشروع القرار الكندي المعروض أمامكم...

السيد الرئيس،

لقد بات النهج الذي تتبعه بعض الدول الأعضاء في التعامل مع تداعيات الأزمة في بلادي سوريا، ولا سيما بجانبها الإنساني، يشكل خطراً حقيقياً على مركز الأمم المتحدة وموقعها وحيادها ومصداقيتها، وبالنتيجة فاعليتها في التجاوب والتعامل مع الأزمات الدولية. وما المشروع الكندي اليوم إلا انعكاس للعبة تبادل الأدوار وتوزيعها التي تمارسها بعض الوفود داخل هيئات الأمم المتحدة ومجالسها المختلفة، من خلال الدعوة إلى اجتماعات متكررة بلا نهاية وتبني مشاريع قرارات تحت أجندات مختلفة، بهدف حماية الجماعات الإرهابية وتقديم الدعم المعنوي والسياسي والإعلامي لها، وبهدف ممارسة الضغوطات على الحكومة السورية وحلفائها وتشويه حقائق الإنجازات الكبيرة التي يحققونها في الحرب على الإرهاب، والتي باتوا يخوضونها نيابة عن العالم بأسره.

 

 

السيد الرئيس،

إنني وبطبيعة الحال لا أعول على حيادية الوفد الدائم لكندا، ولا على نزاهة وفود السعودية وتركيا وقطر التي رعت حكوماتها الإرهاب في سوريا ودعمته بالسلاح والمال والتسهيلات اللوجستية وبالخطاب الديني المتطرف وبالمرتزقة والمقاتلين الإرهابيين الأجانب، والتي فتحت حكوماتها الحدود لدخول المال والسلاح والإرهابيين إلى سوريا، ولا أعول على وقاحة وفد إسرائيل التي تحتل الجولان السوري وتدعم الجماعات الإرهابية في منطقة الفصل، ولا على غطرسة وفود الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا التي ما زالت تؤمِّن الغطاء والدعم السياسي والإعلامي والعسكري للجماعات الإرهابية في بلادي سوريا...

إن خطابي اليوم، أيها السادة، موجَّه إلى وفود الدول التي ما زالت تلتزم بمبادئ الميثاق ومقاصده، وتؤمن باستقلالية الأمم المتحدة وحيادها وفاعليتها وقدرتها على العمل بشكل حقيقي من أجل مساعدة الشعب السوري في تلبية احتياجاته الإنسانية، وفي التخلص من خطر الإرهاب، وفي التوصل إلى حل سياسي. وأؤكد اليوم من على هذا المنبر أن الجمهورية العربية السورية تعلن عن استعدادها لاستئناف الحوار السوري- السوري، دون تدخل خارجي ودون شروط مسبقة وبدون مشاركة أي إرهابي ترعاه الدول التي ذكرت اسمها للتو.

 

أيها السيدات والسادة،

إن تصويتكم اليوم ضد مشروع القرار الكندي، سيعكس رفض بلادكم استغلال بعض حكومات الدول الأعضاء في هذه المنظمة الدولية الهامة، في المتاجرة بالدم السوري وبمعاناة الشعب السوري، وسيعكس دعمكم للحل السياسي للأزمة في سوريا، كما سيعكس دعمكم لحق الحكومة السورية وواجبها الدستوري والقانوني في مكافحة الإرهاب، وفي إنقاذ السوريين من ويلات وممارسات هذه المجموعات، وذلك انسجاماً مع مبادئ القانون الدولي، وتطبيقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، شأنها في ذلك شأن أي دولة عضو ما زالت تتمسك باستقلالها وسيادتها في هذه المنظمة الدولية.

ختاماً السيد الرئيس،

وبناءً على كل ما تقدم أطلب منكم وضع مشروع القرار على التصويت.

وشكراً السيد الرئيس،