United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

الاستعراض الشامل لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1540(2004)

الاثنين, 20 (حزيران (يونيو 2016
المتحدث: 
د. بشار الجعفري
المكان: 
مجلس الأمن

السيد الرئيس،

اسمحوا لي بداية أن أتوجه إليكم بالشكر على عقد هذا الاجتماع الهام.

السيد الرئيس،

تكتسي مبادرتكم لتنظيم هذه المشاورات الرسمية المفتوحة حول تنفيذ القرار 1540 أهميةً كبيرة في الوقت الراهن؛ فقبل اثني عشر عاماً اعتمد مجلس الأمن بالإجماع القرار 1540 إدراكاً منه للحاجة إلى تعزيز الجهود الهادفة لحفظ السلم والأمن الدوليين والحد من التهديدات الناشئة عن إمكانية حصول الجماعات الإرهابية والجهات الفاعلة الأخرى من غير الدول على أسلحة دمار شامل أو مواد تصنيعها أو معدات إيصالها.

وقد أفلحت الجهود التي بذلت على الصعد الدولية والإقليمية والوطنية لتطبيق أحكام هذا القرار في تحقيق بعض النتائج الإيجابية التي تمثلت في تضييق الثغرات التي تتيح للمجموعات الإرهابية وعصابات الجريمة المنظمة العابرة للقارات والحدود الحصول على والاتجار بأسلحة الدمار الشامل، كما ساهمت في الحد نسبياً من ظاهرة الأسواق السوداء وتوطيد وضبط أنظمة التصدير والرقابة على المواد الحساسة. إلا أنه بالرغم من كل ذلك لا تزال هناك ثغرات كبيرة يستغلها الإرهابيون للحصول على أسلحة دمار شامل واستخدامها لتحقيق مآربهم الإجرامية. لا بل إننا نرى انخراطاً مباشراً لحكومات دولٍ أعضاء في هذه المنظمة في تزويد الجماعات الإرهابية بأسلحة كيماوية أو مواد انتاجها، وتورط لدولٍ أخرى، بعضها للأسف يدعي شيئاً هنا ويمارس غيره على أرض الواقع، في غض الطرف عن هذه الانتهاكات الجسيمة التي تمثل تهديداً خطيراً للسلم والأمن الدوليين لا تقتصر أبعاده على دولة أو منطقة جغرافية معينة خاصةً وأن بعض التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها تنظيم داعش الإرهابي، تسعى لتكريس وجودها وتعزيزه على الساحة الدولية وذلك من خلال القيام بأعمال إرهابية بإمكانيات بسيطة في العديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.  

 

السيد الرئيس،

إن الانتهاكات الخطيرة للقرار 1540 تتجلى كحقيقة، للأسف، فيما تشهده بلادي، سوريا، من استخدام الجماعات الإرهابية الإجرامية لمواد كيماوية مرات عدة ضد المدنيين والعسكريين وبدعم من حكومات دول عربية وإقليمية وتواطؤ أجهزة استخبارات دول نافذة في هذه المنظمة. وكمثال حديث مؤسف على استخدام الجماعات الإرهابية المسلحة التي تنشط على أراضي بلادي سوريا لمواد كيماوية نشير إلى قيام الجماعات الإرهابية المتواجدة في منطقة "حوش الفارة" وبتاريخ 13/6/2016، أي قبل عدة أيام فقط، بإلقاء قنبلة محلية الصنع تحتوي مواد كيماوية على عدد من جنود الجيش العربي السوري، وقد خرجت من القنبلة رائحة واخزة مُخرِشة كريهة أدت إلى إصابة خمسة من عناصر الجيش العربي السوري بأعراض صحية خطيرة نقلوا على إثرها إلى المشفى المتخصص بعلاج هذه الحالات. 

وكانت حكومة الجمهورية العربية السورية قد نقلت، من خلال عشرات الرسائل الرسمية التي وجهتها إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورؤساء مجلس الأمن المتعاقبين ولجنة القرار 1540 التي تترأسونها، معلومات حول قيام بعض حكومات الدول الداعمة للإرهاب في بلادي، وخاصةً الحكومتين التركية والسعودية، بتسهيل حصول الجماعات الإرهابية المسلحة على أسلحة ومواد كيماوية. وقدمنا لمجلس الأمن ولجنته الفرعية المعنية بتطبيق القرار 1540، بدءاً من رسالتنا المؤرخة 8/12/2012 وانتهاء برسالتنا المؤرخة في 16/6/2016، أي على مدى أربع سنوات، معلومات مفصلة وموثقة عن قيام عناصر من تنظيم "القاعدة" بتصنيع واختبار أسلحة كيماوية على أرانب في مختبر يقع بمدينة "غازي عنتاب" التركية تمهيداً لاستخدامها ضد المدنيين السوريين. وكذلك عن محاولة الإرهابيين إدخال كميات من غاز السارين عبر الأراضي التركية بعد أن نقلوها على متن طائرة مدنية من ليبيا الى تركيا لاستخدامها في سوريا وتوجيه الاتهام للحكومة السورية. كما وافينا اللجنة بعدة تسجيلات صوتية وأشرطة فيديو تؤكد حيازة الجماعات الإرهابية لمواد كيماوية واستخدامها في مناطق سورية عدة .  

إلا أن بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن وخارجه صمت آذانها عن تحذيراتنا ودعواتنا المتكررة لضمان احترام القرار 1540، وتجاهلت ما نص عليه القرار 2118 الذي طالب الدول الأعضاء بالامتناع عن تقديم أي شكل من أشكال الدعم للجماعات الإرهابية التي تحاول استحداث أسلحة نووية أو كيميائية أو بيولوجية ووسائل إيصالها، وكذلك بإبلاغ المجلس بأي حالات انتهاك للقرار 1540. كما أن تلك الدول عرقلت مشروع القرار الروسي – الصيني المقدم في مجلس الأمن والرامي إلى اتخاذ تدابير استباقيه لمنع الجماعات من غير الدول من حيازة واستخدام الأسلحة الكيماوية.

وبالرغم من كل ما تكشف عن محاولات الجماعات الإرهابية لتهريب أسلحة كيماوية ومنها غاز السارين عبر الأراضي التركية إلى سوريا، ورغم التقارير الدقيقة التي تتحدث عن وقوف دول بعينها خلف الاعتداءات التي طالت كلاً من بلدة خان العسل في ريف حلب ومناطق في ريف دمشق في 21/8/2013، فإن مجلس الأمن لم يحرك ساكناً لأن دولاً نافذة فيه قد عملت على منع الأمم المتحدة من الاضطلاع بمسؤولياتها في مواجهة التهديد الإرهابي الذي تتعرض له سوريا دولةً وحكومة وشعباً والذي يمثل تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، لا بل إن هذه الدول بعينها تغاضت عن ضرورة مساءلة حكومات الدول الأعضاء التي تقوم بدعم هذا الإرهاب. الأمر الذي يثير مرة أخرى التساؤل عن جدوى اعتماد المجلس لقرار ما دون الالتزام بتطبيقه، وكذلك عن التطبيق الانتقائي المسيس للقرارات التي تصدر عن مجلس الأمن.

السيد الرئيس،

تؤكد حكومة الجمهورية العربية السورية، مجدداً، التزامها بالصكوك والمقررات الدولية والإجراءات المعمول بها للتعاون وتبادل المعلومات والتنسيق لمواجهة التهديد المتمثل في وصول أسلحة الدمار الشامل ليد الإرهابيين والجماعات من غير الدول. وقد عززت الحكومة السورية من إجراءاتها ذات الصلة بشكل مستمر، ووافت لجنة القرار 1540 بخمسة تقارير وطنية حول تنفيذ هذا القرار.

وإن حكومة الجمهورية العربية السورية تطالب مجلس الأمن ولجنته الفرعية، مجدداً، بالاضطلاع بالمهام الموكلة إليهما لضمان عدم حصول الجماعات الإرهابية الناشطة على اراضي بلادي سوريا بل وفي كل أنحاء العالم على أسلحة دمار شامل، ومساءلة الدول الداعمة للإرهاب على فعلها الشنيع هذا لأن من شأن ذلك المساهمة بشكل فعّال في الجهود الرامية لحفظ السلم والأمن الدوليين وتطبيق الولاية المناطة بلجنتكم الكريمة في معرض تنفيذ القرار 1540.

وشكراً.