United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

بيان لدى أمام المناقشة المفتوحة لمجلس الأمن حول بناء السلام والحفاظ عليه: دور المصالحة في صون السلم والأمن الدوليين

الثلاثاء, 19 (تشرين الثاني (نوفمبر 2019
المتحدث: 
السيدة / أميرة الحفيتي
المكان: 
الأمم المتحدة

السيد الرئيس،

أود في البداية أن أتقدم لكم بالشكر على عقد هذه المناقشة الهامة وأن أعبر عن تقديرنا لما تبذله المملكة المتحدة من جهود لدعم عمليات السلام والمصالحة حول العالم، ونرحب بتركيز معالي اللورد طارق أحمد خلال كلمته على مسألة التعايش السلمي بين الأديان والتي تعد مسألة هامة لبلادي.

السيد الرئيس،

تمر منطقة الشرق الأوسط بمرحلة دقيقة ومعقدة، إلا أن الظروف الحالية قد تهيئ الفرصة لبناء نظام إقليمي جديد يرتكز على احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول إذا ما تم معالجة هذه التحديات بحكمة وصبر وعبر تبني العمليات السياسية واتخاذ مواقف حازمة ضد التطرف والإرهاب. وهنا يأتي دور عمليات الوساطة والمصالحة التي تعد السبيل الأمثل لتقريب وجهات النظر والتوصل إلى تسويات سياسية تتسق مع القوانين الدولية وتحقق التطلعات المشروعة للشعوب، خاصة تلك التي تنبذ والطائفية والتبعية وتبحث عن الدولة الوطنية القوية والعادلة.

ولطالما حرصت دولة الإمارات على نشر مبادئ التسامح والحوار لتجنيب منطقتنا المزيد من الويلات والحروب، فالتسامح هو ضرورة حتمية للتوصل إلى المصالحة. إن بلادي لم تطلق التسامح كمجرد شعار، وإنما تتخذه محوراً أساسياً في سياستها الداخلية والخارجية وعبر مبادرات وخطوات عملية، فعلى سبيل المثال نفذت دولة الإمارات منذ إعلانها عام 2019 عام التسامح أكثر من ألف وخمسمائة مبادرة لتعزيز قيم التعايش السلمي والتبادل الثقافي والديني في الدولة وخارجها. ودعمت بالتعاون مع منظمة اليونسكو إعادة بناء عدد من المواقع الأثرية والثقافية في الموصل التي دمرها تنظيم داعش، وذلك ضمن جهودنا لنشر رسالة الانفتاح والاعتدال.

ونحث في هذا الصدد الأمم المتحدة على مواصلة العمل على تهيئة بيئة للتصالح فيما بين المجتمعات المحلية خاصة تلك التي مزقتها النزاعات، فخبرات وتجارب الأمم المتحدة في عمليات المصالحة على مدى سبعة عقود يمكن الاستفادة منها لاستخلاص الدروس وتشارك أفضل الممارسات حول دور المصالحة مع مراعاة السياق المحلي والإقليمي لكل حالة.

السيد الرئيس،

لا يمكن تحقيق المصالحة دون اتباع عملية شاملة لبناء السلام بحيث تشمل تعزيز سيادة القانون والحفاظ على المؤسسات الوطنية وإعادة الإعمار ودعم المتضررين من النزاعات. ونحث في هذا الصدد المجتمع الدولي على تحقيق مشاركة واسعة لمختلف فئات المجتمع خاصة النساء والشباب لدورهم الهام في إنجاح عملية بناء السلام ودفعها قدماً.

ولا يمكننا كذلك أن نتجاهل الدور الفاعل للمنظمات الإقليمية والدول المجاورة في عمليات الوساطة والمصالحة لما تتمتع به من دراية وخبرة عميقة ومصلحة مباشرة لضمان الاستقرار الإقليمي. وفي هذا السياق، نثمن الجهود المخلصة للمملكة العربية السعودية الشقيقة لما تبذله لتوحيد الصف اليمني ودورها المحوري في التوصل إلى اتفاق الرياض الذي يعزز الجهود لمواجهة المخاطر والتهديدات التي تستهدف اليمن. كما أن نجاح جهود الوساطة في السودان يبرهن على الدور الهام للمنظمات الإقليمية والدول المجاورة في التسوية السلمية للنزاعات ونحث مجلس الأمن على تكثيف التشاور مع المنظمات الإقليمية في إطار الفصل الثامن من الميثاق.

وختاماً السيد الرئيس،

نود أن نشير إلى أن عمليات المصالحة لا يمكن تحقيقها بين عشية وضحاها أو بمجرد التوقيع على اتفاق، بل يتطلب الأمر العمل بشكل متواصل وتدريجي لتضميد جراح الصراعات وإرساء قاعدة متينة للتعايش السلمي.  وكما ذكرنا سابقاً، ينبغي على أطراف النزاع الانخراط في عمليات الوساطة والمصالحة بحسن نية وتجنب استغلالها لأغراض سياسية والتوقف عن سوء استخدام وسائل الإعلام لتأجيج المزيد من التوترات.  ونؤكد على التزام دولة الإمارات بنشر مبادئ التسامح والتعايش واتباع الحلول السياسية للتصدي للعديد من التحديات التي تواجهنا جميعاً.