United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

المناقشة العامة للدورة 70 للجمعية العامة للأمم المتحدة

الجمعة, 02 (تشرين اﻷول (أكتوبر 2015
المتحدث: 
His Highness Sheikh Abdulla Bin Zayed Al Nahyan
المكان: 
United Nations

 

 

سيدي الرئيس

يسرني أن أتقدم لكم بالتهنئة على توليكم رئاسة الدورة السبعين للجمعية العامة، ونؤكد على استعداد الإمارات العربية المتحدة لتقديم الدعم اللازم خلال فترة رئاستكم.

 

السيد الرئيس

 

تكتسب هذه الدورة أهمية خاصة لكونها تنعقد بعد مرور سبعين عاما على إنشاء الأمم المتحدة وبدء مرحلة جديدة تبني على ما تحقق من أهداف الألفية، باعتماد رؤساء الدول والحكومات لجدول أعمال التنمية المستدامة لعام 2030، والتي ترحب بها دولة الإمارات، فهي خطة طموحة ستحدد معالم مستقبل العالم خلال الخمسة عشر سنة القادمة.

 

وعلى الرغم من التقدم الذي حققناه خلال العقود السبعة الماضية، يتعين على الأمم المتحدة أن تلعب دوراً أكبر في ظل ظهور تحديات أمنية خطيرة تهدد بتقويض ما تم إنجازه.  فما تشهده المنطقة اليوم من تحديات، ويأتي في مقدمتها التطرف والإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وعدم احترام سيادتها، يدل على أن المنظمة لم تتمكن من تحقيق هدفها الأساسي في صون السلم والأمن الدوليين، الأمر الذي يحتم علينا جميعاً، كأعضاء، الالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وعلى رأسها مبادئ السيادة وعدم التدخل، وانتهاج الحوار والاعتدال، والقيام بدور فعال ومسؤول تجاه القضايا الإقليمية والدولية، إن أردنا بالفعل التغلب على هذه التحديات.

 

وفي هذا السياق، تشعر دولة الإمارات ببالغ القلق إزاء تصاعد التوتر والعنف في المنطقة نتيجة للأعمال الإرهابية التي تقوم بها عناصر تتعمد زعزعة استقرار المنطقة وتقويض أمنها، فقد تصاعدت الجرائم الإرهابية بطريقة بشعة لم يشهد العالم مثلها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، والتي ترتكبها التنظيمات المتطرفة وأبرزها تنظيم داعش والقاعدة وحزب الله وأنصار الله وجماعات أخرى تتستر بالغطاء الديني لأغراض سياسية، تدينها دولة الإمارات بشدة وتستنكر الأساليب الوحشية التي تنتهجها تلك الجماعات باسم الدين الإسلامي، التي لا تمت بأي صلة لمبادئه السمحة الداعية للتعايش السلمي وقبول الآخر.

 

وقد زادت وحشية هذه التنظيمات مؤخراً في اعتداءاتها في دول المنطقة، حيث تتبع عناصرها أساليب خبيثة للسيطرة على الفئات المستهدفة، خاصة الشباب، وخداعهم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وتوجيههم عن بعد لارتكاب جرائم إرهابية، الأمر الذي يؤكد على أن تهديد أخطار هذه التنظيمات لا يقف عند حدود جغرافية معينة، بل يتجاوز منطقتنا ويشكل خطراً على سائر الدول والمجتمعات.

 

قد أدركنا أهمية إعادة الأمن والاستقرار للمنطقة، بعد خمس سنوات من الصراع والفوضى، ولذلك تحركت قوى المنطقة ووحدت جهودها لمساعدة الدول المتضررة في مواجهة هذه الأخطار وحماية شعوبها. وتشارك دولة الإمارات في هذه الجهود بشكل فعال وتتعاون بشكل إيجابي لدعم الاستقرار والسلم عبر آليات سياسية وأمنية وإغاثية وتنموية.

 

وجاء موقفنا المبدئي في الوقوف مع جمهورية مصر العربية حكومةً وشعبا انطلاقا من إيماننا بأن استقرار مصر وازدهارها يدعم تحقيق الاستقرار في المنطقة، وأن ما حققته الحكومة المصرية من إنجازات سياسية واقتصادية في فترة قصيرة يمثل خطوات كبيرة نحو تعافيها بما يعود إيجابا على تعافي المنطقة واستقرارها عبر دور مصر التاريخي والمحوري في المنطقة، ونحن واثقون بقدرة مصر على تخطي التحديات القائمة. وفي هذا الصدد، تشيد دولة الإمارات بدور الأزهر الشريف في مواجهة الفكر المتطرف وبدور علمائه التاريخي في تجديد الخطاب الديني، وتدعو المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم اللازم لجمهورية مصر العربية في حربها ضد التطرف والإرهاب.

 

ومن ناحية أخرى، تأتي مشاركة بلادي في التحالف لدعم الحكومة اليمنية الشرعية استجابةً لطلب الرئيس اليمني بتقديم الدعم اللازم لحكومة وشعب اليمن في تصديهم للانقلاب الحوثي والتنظيمات الإرهابية الأخرى كالقاعدة في الجزيرة العربية وداعش التي استغلت حالة الفوضى وعدم الاستقرار لتوسيع أعمالها الإرهابية، ونسعى مع المجتمع الدولي لإعادة العملية السياسية في اليمن وفق الثوابت المتفق عليها وعلى رأسها المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية. ولتحقيق ذلك، نشدد على الامتثال الكامل لقرار مجلس الأمن 2216، الذي جاء نتيجة للتشاور مع الدول المعنية في المنطقة، مما يدل على أهمية تحسين أساليب عمل المجلس في إشراك الدول والمنظمات الإقليمية المعنية في عملية صنع القرارات المشتركة، وفقا للفصل الثامن من الميثاق، وبالتالي يعزز من فعالية المنظمة ويسهم بصورة كبيرة في تنفيذ القرارات ومنع الصراعات.

 

وتشيد دولة الإمارات بجهود المبعوث الخاص للأمين العام لليمن، وتؤكد على مواصلة دعمها للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة والتزامها برفع قدرات الشعب اليمني الرامية إلى إعادة الاستقرار في بلده.  ونعتبر تحرير عدن من سيطرة الإنقلابيين بمثابة نجاح عسكري وإنساني، كون عدن الآن هي منصة الدعم الإنساني الضروري لشعب اليمن، وبعد تحريرها صار وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين أسهل من قبل، للتقليل من حدة الأوضاع الإنسانية المتردية. إننا ملتزمون بمواصلة دعم الجهود الإنسانية في اليمن، حيث بلغ مجمل مساعداتنا، خلال الأشهر الأربعة الماضية، أكثر من 200 مليون دولار، وسنواصل العمل مع الأمم المتحدة لإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة لتلبية الاحتياجات الماسة للشعب اليمني الشقيق.

 

كما نعتبر سيطرة قوات التحالف والمقاومة الشعبية اليمنية بالأمس بشكل كامل على باب المندب ودحر الإنقلابيين منها بمثابة نجاح عسكري آخر في تأمين هذا الممر البحري الحيوي، وبمثابة بداية النهاية لسيطرة الإنقلابيين ومن يدعمهم وضعف تواجدهم في المناطق الاستراتيجية الأخرى في اليمن.

 

السيد الرئيس

يساور دولة الإمارات بالغ القلق إزاء استمرار التوتر وعدم الاستقرار في ليبيا لما يشكله هذا الوضع من تهديد خطير لأمن واستقرار المنطقة، ونشدد على ضرورة رفع الحظر المفروض على قدرات الحكومة الليبية المنتخبة لتمكينها من محاربة داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى، والتصدي لتهديداتها العابرة للحدود.

 

كما تشعر دولة الإمارات بقلق متزايد لعدم توصل المجتمع الدولي حتى الآن إلى حل سياسي لتسوية الأزمة السورية، ووضع حد للعنف وعمليات الإبادة الممنهجة التي يمارسها النظام ضد شعبه والذي تسبب في تشريد الملايين من السوريين وتدمير الممتلكات مما أفْرَزَ أوضاعاً إنسانية خطيرة امتد تأثيرها إلى الدول المجاورة، وخلق فراغا سياسيا وأمنيا ملأته التنظيمات الإرهابية، خاصة تنظيم داعش وجبهة النصرة، بأفكارهما المتطرفة ورسالتهما الظلامية الهدامة. وعليه، نؤكد على ضرورة قيام مجلس الأمن بدوره الأساسي وتوصله إلى إجماع بشأن حل الأزمة من خلال عملية انتقال سياسي للسلطة وتشكيل حكومة جديدة تجمع مكونات المجتمع السوري، مع أهمية استمرار تقديم المجتمع الدولي المساعدات الإنسانية للشعب السوري.

 

وتلتزم دولة الإمارات بموقفها القومي والإنساني في دعم الشعب السوري والتخفيف من معاناته، حيث استقبلت بلادي أكثر من مائة ألف مواطن سوري، وقدمت أكثر من 530 مليون دولار أمريكي كمساعدات إنسانية وتنموية منذ بداية الصراع.

 

وقد بينت لنا المأساة السورية والليبية والعنف الأهوج المصاحب لهما أن الثمن الإنساني والسياسي فادح، ونراه بشكل شبه يومي في معاناة الأبرياء وخاصة النساء والأطفال في هروبهم الجماعي وبحثهم عن الأمان ولقمة العيش، والأرواح البريئة التي تزهق في الشتات وفي ظروف قاسية ومفجعة يدفع اللاجئون ثمنها باهظا.

 

كما بينت لنا الأعمال الهمجية التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية في حق الرموز والآثار التاريخية مدى فداحة الخسارة التي تتكبدهما الثقافة والتراث الإنساني.

 

ومثلما استغل تنظيم داعش الأوضاع في سوريا، وجد التنظيم حالة عدم الاستقرار والممارسات الطائفية في العراق فرصة لتعميق مشاعر العداء والعنف بين أطياف الشعب وتدمير إرثه الحضاري والثقافي العريق. ولهذا تواصل دولة الإمارات تضامنها مع العراق ودعم الجهود الدولية لمكافحة هذا التنظيم.

 

كما ندعم سعي الحكومة إلى السلام والاستقرار ووقف الممارسات الطائفية وندعو إلى أهمية تنفيذ الإصلاحات، بحيث تكون شاملة ومنصفة وعادلة لكافة فئات ومكونات المجتمع العراقي.  ومن جانبنا، سنواصل دعمنا للبرامج الإنسانية لمساعدة المتضررين من الصراع.  وغني عن البيان أن خلاص المنطقة ودولها يتمثل في بناء الوطن الجامع والشامل بعيداً عن الانتماءات الطائفية والدينية والتي استغلتها العديد من الأحزاب لأغراض سياسية صرفه وأدت إلى فوضى وسفك للدماء.

 

السيد الرئيس

تدرك دولة الإمارات عواقب عدم اتخاذ إجراءات صارمة لردع التنظيمات الإرهابية المتطرفة عن مسعاها الخبيث، والتي تستوحي الجماعات المتشددة الأخرى في العالم، خاصة في القرن الأفريقي، أساليبها من نهج تلك التنظيمات في المنطقة، مستغلة بذلك عدم الاستقرار لاستقطاب المؤيدين لمواقفها. وتشيد دولة الإمارات، في هذا الصدد، بجهود السلطات الاتحادية الصومالية وقواتها في مواجهة حركة الشباب وتهديداتها، وندعوها لمواصلة اتخاذ التدابير اللازمة لاستعادة السلام والاستقرار، ونؤكد على دعمنا لتحقيق هذا المسعى. ومن هذا المنطلق، نؤمن بضرورة تكثيف الجهود وتوحيدها في التصدي لمخاطر هذه التنظيمات، أينما كانت، ومعالجة الأسباب الجذرية للفكر المتطرف قبل أن يتحول إلى تطرف عنيف.

 

وقد التزمت بلادي بدعم الجهود الإقليمية والدولية في التصدي للتطرف والإرهاب من خلال التعاون والتنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين، بما في ذلك جهود التحالف الدولي لمكافحة داعش والتنسيق الفعّال مع المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب. كما ساهمت في إنشاء واستضافة مؤسسات دولية لمكافحة التطرف الفكري مثل مركز هداية، لمساعدة المجتمع الدولي على بناء القدرات وتبادل أفضل الممارسات لمواجهة التطرف بكافة أشكاله، وكذلك مجلس حكماء المسلمين ومنتدى تعزيز السّلْم في المجتمعات المسلمة، حرصا منها على نشر ثقافة التسامح والسلام وتعزيز التقارب بين الأديان. وقد أطلقت دولة الإمارات مؤخراً، بالتعاون مع الولايات المتحدة، مركز"صواب" بهدف مكافحة الرسائل التي ينشرها تنظيم داعش الإرهابي عبر وسائل التواصل الاجتماعي وإتاحة الفرصة لإيصال الأصوات المعتدلة للملايين الرافضة للممارسات الإرهابية والأفكار المضللة والمغلوطة التي يروجها تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى.

 

السيد الرئيس

تؤمن دولة الإمارات بأن أمن واستقرار دول المنطقة يرتبط بمدى التعاون الإيجابي فيما بينها وركنه الأساسي احترام مبادئ السيادة وعدم التدخل في الشأن الداخلي. وبعد الاستماع لخطاب الرئيس الإيراني، أرى أن سجل إيران لا يؤهلها للحديث عن سلامة الحجاج وحقوق الانسان، وسياساتها لا تسمح لها أن تتناول مسائل الاستقرار في الخليج العربي والشرق الأوسط.  وستقف دولة الإمارات مع المملكة العربية السعودية بحزم لأي محاولات إيرانية للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية.

 

وأود، في هذا الصدد، أن أجدد رفض دولة الإمارات لاستمرار الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، ونطالب باستعادة السيادة الكاملة على هذه الجزر. ونؤكد على أن جميع الإجراءات والتدابير التي تمارسها السلطات الإيرانية تخالف القانون الدولي وكل الأعراف والقيم الانسانية المشتركة، ونكرر دعوتنا من هذا المنبر إلى المجتمع الدولي لحث إيران على التجاوب مع الدعوات السلمية الصادقة لتحقيق تسوية عادلة لهذه القضية، إما عبر المفاوضات المباشرة الجادة بين البلدين أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

 

السيد الرئيس

بالرغم من هذه التحديات، تظل القضية الفلسطينية جوهر الصراع في المنطقة وأحد الأسباب الرئيسية لتهديد أمنها واستقرارها.  كما أن مشاعر الظلم والإحباط التي ولدها استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي تمارسها قوات الاحتلال يتيح المجال للجماعات المتطرفة استغلال الأوضاع الإنسانية الخطيرة في بث أفكارهم المتطرفة بين الشباب المحبط وجره لتنفيذ أهدافهم الدنيئة.

 

إننا ندعو المجتمع الدولي أن يستثمر الذكرى ال 70 لإنشاء الأمم المتحدة في خلق شراكات دولية تستند على التكاتف والرغبة الحقيقية في تنمية شعوبنا وتحقيق الأمن والرخاء.

 

 

وشكرا ،،