United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

بيــــــان السفير بسام صبّاغ المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية أمام مجلس الأمن حول الشأن السياسي والإنساني في سورية

الثلاثاء, 26 (نيسان (أبريل 2022
المتحدث: 
بسّام صباغ
المكان: 
مجلس الأمن

السيدة الرئيس،

في السابع عشر من نيسان الجاري، أحيت سورية الذكرى السادسة والسبعين لجلاء آخر جندي فرنسي عن أراضيها والذي جاء نتيجةً للتضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب السوري. واليوم يؤكد السوريون مجدداً إصرارهم على مواصلة كفاحهم لضمان أن مصير كل احتلالٍ للأراضي السورية سيكون إلى زوال مهما طال، وهذا ينطبق على الوجود الحالي غير الشرعي للقوات الأمريكية والتركية في شمال شرق وشمال غرب بلادي، وعلى الاحتلال الإسرائيلي للجولان السوري.

إن إنهاء هذا الوجود الأجنبي اللاشرعي يضمن سيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، وينهي رعاية تلك القوات للميليشيات الانفصالية والمجموعات الإرهابية، ويساعد في القضاء على بؤر تنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيين وما يرتبط بهما من كيانات ومجموعات، ويضع حداً للأوضاع المزرية القائمة حالياً في مخيمي الهول والركبان، ويتيح إعادة الإرهابيين الأجانب وعائلاتهم لسلطات دولهم الأصلية، كما ينهي جميع أشكال التهجير والتغيير الديمغرافي ونهب الثروات الوطنية السورية ويعيد للسوريين مواردهم الاقتصادية الوطنية، الأمر الذي سيؤدي إلى تعزيز الأمن والاستقرار في سورية والمنطقة، وتحسين الوضع الإنساني والمعيشي، ويوفر الظروف المؤاتية للعودة الطوعية والكريمة والآمنة للمهجرين.

إن ما تعرضت له سورية خلال السنوات العشر الماضية جرّاء السياسات التدميرية والإجرامية لبعض الدول الغربية يستوجب مساءلة تلك الدول على جرائمها. في هذا الصدد، أود أن أشير إلى الرسالة التي وجهها السيد وزير الخارجية والمغتربين بتاريخ 18 نيسان / أبريل الجاري إلى كلٍ من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيسة مجلس الأمن حول جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، التي ارتكبتها قوات ما يسمى بـ"التحالف الدولي" الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية على الأراضي السورية في مدينة الرقة، ومنطقة الباغوز بريف دير الزور، والتي أدت إلى مقتل آلاف المدنيين الأبرياء بمن فيهم النساء والأطفال، وتدمير البنية التحتية والأملاك العامة والخاصة، والمراكز الصحية والتعليمية، وعدد من دور العبادة.

إن الجمهورية العربية السورية تحمل الإدارة الأمريكية وحلفائها المتورطين في تلك الاعتداءات كامل المسؤولية عن الجرائم التي ارتكبتها قواتها العسكرية المنخرطة في صفوف هذا التحالف اللاشرعي. وإذا كان مجلس الأمن جاداً في وقف ومنع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية فليبدأ ذلك فوراً بالتحقيق بما تم في الرقة المدمرة والباغوز الشهيدة.

السيدة الرئيس،

استمع وفدي باهتمام إلى إحاطة السيد غير بيدرسون، واحاطة السيدة جويس ميسويا التي رحّبنا بزيارتها إلى سورية منتصف الشهر القادم لتعزيز التعاون القائم بين الحكومة السورية وأوتشا، والاطّلاع على الأوضاع في الميدان. بالرغم من تناول هذه الإحاطات الدورية للأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها السوريون في مختلف أنحاء البلاد، فإن بعض الدول الغربية تواصل صم آذانها عن الآثار الكارثية للتدابير القسرية الانفرادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على الشعب السوري.

لقد أدت تدابير الإرهاب الاقتصادي تلك إلى تراجع المؤشرات الاقتصادية والتنموية، وتقلص الاستثمارات والتبادلات التجارية، وارتفاع معدلات التضخم، وانخفاض قيمة العملة السورية، وزيادة الفجوة التمويلية اللازمة لتوفير الخدمات الأساسية. كما أعاقت تلك التدابير اللاإنسانية استيراد المواد الغذائية، والأدوية والمواد الأولية اللازمة للصناعات الدوائية، والتجهيزات الطبية، ومستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي بما فيها البذار والأسمدة والآلات، مما انعكس سلباً على مستويات الأمن الغذائي والتمتع بالحق في الغذاء، ومن ثم على تراجع المستوى المعيشي للسوريين بشكل كبير.

لا تقتصر انعكاسات تلك التدابير على حياة السوريين فحسب، بل إنها تعيق أيضاً عمل المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية في المجال الإنساني نتيجة امتناع البنوك وشركات التأمين والشحن والموردين عن تلبية مطالب تلك المنظمات خشية التعرض للعقوبات الغربية، وهو ما يؤدي إلى زيادة تكاليف توريد الاحتياجات الإنسانية. لقد أثبتت الوقائع بأن أي حديث عن استثناءاتٍ من تلك التدابير القسرية الجائرة هو مجرد ادعاءات لا أساس لها من الصحة تروج لها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للتغطية على انتهاكاتهم لحقوق الإنسان، وللقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

من جهة أخرى، تواصل تلك الدول عرقلة تطبيق أحكام القرار 2585 المتصلة بتعزيز مشاريع التعافي المبكر وزيادتها، عبر قطع التمويل عنها، وربط تنفيذها بشروطٍ مسيسة، وتأخير اعتماد الإطار الاستراتيجي والبرامج القطرية الناظمة للتعاون بين الحكومة السورية ووكالات الأمم المتحدة العاملة في سورية من خلال تغليب تلك الدول لاعتباراتٍ وأجندات خاصة على أي اعتبارات إنسانية - عملياتية. وبلغ الأمر ببعض الجهات المانحة إلى وقف دعم بعض برامج الهلال الأحمر العربي السوري ومنها مشفى الأطفال في حلب وبرامج الإسعاف الأولي المجتمعي وبرامج التصدي لسوء التغذية.

كما تواصل الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بما في ذلك حليفها التركي وأدواتهم من الميليشيات الانفصالية والمجموعات الإرهابية عرقلة إيصال المساعدات من داخل الأراضي السورية، وذلك لتبرير استمرارهم بانتهاك السيادة السورية من خلال ما يسمى بآلية إيصال المساعدات عبر الحدود التي تشكل شريان حياة للتنظيمات الإرهابية والمنتفعين من اقتصاد الحرب. ونتيجةً لسياساتهم تلك فإن /9/ أشهر انقضت منذ اعتماد القرار 2585 ولم تشهد سوى تسيير ثلاثة قوافل، أي /42/ شاحنة فقط عبر الخطوط إلى الشمال الغربي، مقابل إدخال مئات الشاحنات عبر الحدود.

السيدة الرئيس،

إن الجمهورية العربية السورية وهي تحيي ذكرى عيدها الوطني السادس والسبعين فإنها أكثر تمسكاً بسيادتها واستقلالها ووحدتها أرضاً وشعباً، وأشد عزماً على إعادة الأمن والاستقرار وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وأكثر حرصاً على توفير الحياة الكريمة لشعبها.

تجدد سورية التزامها بالحل السياسي القائم على الحوار الوطني السوري – السوري، والعملية السياسية بقيادة وملكية سورية، ومن دون أي تدخل خارجي، وبما يحقق آمال الشعب السوري. وتثني على جهود الوفد الوطني خلال أعمال الجولة السابعة للجنة الدستورية، وتتطلع لعقد الجولة القادمة لها، مع التشديد على ضرورة الالتزام التام بمرجعياتها وقواعد عملها، ورفض أي تدخلات خارجية في أعمالها، أو فرض نتائج مسبقة وجداول زمنية مصطنعة لها

وستواصل الحكومة السورية جهودها لتحقيق المصالحة الوطنية، بما في ذلك، من خلال الاستمرار في التسويات المحلية التي تشهد إقبالاً كبيراً في العديد من المدن والمناطق السورية تنفيذاً لمراسيم العفو التي أصدرها السيد رئيس الجمهورية، والتي مكنت آلاف السوريين - داخل سورية وخارجها - من العودة إلى حياتهم الطبيعية.

شكراً السيدة الرئيس.