United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

المعية العامة البند (124) المعنون "تعزيز منظومة الأمم المتحدة"سفير بسام صبّاغ المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية أمام الج

الخميس, 21 (تموز (يوليو 2022
المتحدث: 
بسّام صباغ
المكان: 
الجمعية العامة للأمم المتحدة

السيد الرئيس،

    بدايةً، ينضم وفدي إلى البيان الذي سيدلي به ممثل جمهورية فنزويلا البوليفارية نيابةً عن الدول الأعضاء في مجموعة أصدقاء الدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة، ويود أن يدلي بالملاحظات التالية بصفته الوطنية:

    على الرغم من أن وفدي سبق له وأن انضم إلى توافق الآراء حول قرار الجمعية العامة رقم 262/76، إلا أنه بات وغيره من الوفود يشعر - المرّة تلو الأخرى- باستغلال البعض لهذا القرار بطريقة مسيّسة لا تخدم الأهداف المعلنة لاعتماده، ولا تنسجم مع البند الذي قُدِّمَ في إطاره، ألا وهو تعزيز منظومة الأمم المتحدة.

    فجميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تدرك بأن على مجلس الأمن أن يضطلع بمسؤولياته في إطار الامتثال الكامل لأحكام ميثاق الأمم المتحدة الذي قام الآباء المؤسسون بتضمينه نظاماً واضحاً للتصويت، يضمن حالة التوازن بين القوى الدولية، وتلافي اندلاع مواجهات عالمية جديدة، أو استخدام المجلس منصةً لفرض أجندات بعض الدول على حساب دولٍ أخرى.

    المؤسف أن التوزيع الجغرافي غير العادل لمجلس الأمن، والذي لا يعكس حقائق اليوم، يفاقم حالة الاستقطاب فيه، ويدفع الدول الغربية الأعضاء فيه - وغالبيتها أعضاء في حلف الناتو – لمحاولة توظيف المجلس لخدمة أجنداتها السياسية، أو تصفية حساباتها الجيوسياسية، أو فرض معاييرها، وذلك من خلال تقديمها مشاريع قرارات غير توافقية لا تصب في مصلحة الدول الأعضاء في منظومة الأمم المتحدة، وخاصةً النامية منها، الأمر الذي يجعل كبح جماح مثل هذه الممارسات ضرورةً وواجباً أخلاقياً.  

السيد الرئيس،

    إن الجمهورية العربية السورية كطرفٌ معني، ومتأثرٌ أول بمسألة تقديم المساعدات الإنسانية للسوريين الذين يعانون منذ قرابة العشر سنوات من حرب ظالمة فرضت عليهم عبر الأدوات الإرهابية، والإجراءات القسرية الأحادية، يجعلها محاوراً رئيسياً في مناقشة أي قرار لمجلس الامن ذو صلة بالشأن الإنساني في سورية. بناءً عليه، فقد عبّر وفد الجمهورية العربية السورية خلال كل المناقشات التي أجراها المجلس حول تطبيق القرار 2585 عن وجود مشاغل كثيرة، وعيوب جسيمة شابت تطبيقه، وقد أبدى وفد الاتحاد الروسي تفهماً لتلك المشاغل، وطالب بأن يتم التعامل معها بالجدية المطلوبة. لكن مع الأسف، اصطدمت جهود وفدي ووفد الاتحاد الروسي بالتجاهل المتعمد، والمواقف العدائية التي انتهجتها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا، والتي كانت أصلاً قد أعاقت على مدى عام كامل تنفيذ القرار 2585، من خلال مواصلتها تسييس العمل الإنساني، وربطها أي دعم إغاثي أو تنموي بشروطٍ وإملاءات لا تنسجم ومبادئ العمل الإنساني التي أقرتها الجمعية العامة هنا في قرارها 46/182.

    لهذا عبّر وفدي عن اتفاقه التام مع موقف الاتحاد الروسي، وتقديره لرفضه مشروع القرار القاضي بتمديد مفاعيل القرار 2585 لمدة عام، وبدون إدخال أية تحسينات عليه تحقق الاستجابة الحقيقية للاحتياجات الإنسانية للسوريين، وبطريقةٍ فعالة ومتوازنة وشفافة وقابلة للقياس، وفي مقدمتها دعم تنفيذ مشاريع التعافي المبكر وإدراج قطاع هام وحيوي فيها وهو قطاع الكهرباء.

    إن موقف الاتحاد الروسي جاء منسجماً مع التزامه التام بمبدأ احترام سيادة واستقلال سورية ووحدة وسلامة أراضيها، الذي أكدت عليه جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، كما عبّر بإخلاص عن حرصه على التخفيف من معاناة الشعب السوري، وتحسين الأوضاع الإنسانية لجميع السوريين بدون تمييز، وذلك من خلال دعم جهود الحكومة السورية الشريك الأساسي للأمم المتحدة ووكالاتها في تنفيذ هذه المهمة.

    لقد جاء الموقف الروسي الرافض لمشروع القرار حاجةً من أجل وقف هذا التسييس الغربي، وضمانةً لتغليب البعد الإنساني على أية اعتبارات أخرى، وضرورةً للحد من التضليل الذي مارسته الدول الغربية الثلاث وتلاعبها بمشاعر الرأي العام عبر الترويج لمزاعمها في الحرص الإنساني في حين أنها تفرض تدابير قسرية أحادية لا قانونية ولا أخلاقية تخلف آثاراً كارثية على مختلف مناحي حياة السوريين.

السيد الرئيس،

    إن من المفارقة أن الدول الغربية الثلاث دائمة العضوية في مجلس الأمن التي توجه انتقاداتها للاتحاد الروسي لتصويته ضد مشروع القرار الأولي لتمديد مفاعيل القرار 2585، هي ذاتها صوتت ضد مشروع القرار الذي تقدم به الاتحاد الروسي لتحقيق نفس الغاية. ولهذا فإنه من الإنصاف لو أن الجمعية العامة قد طلبت أيضاً الاستماع لتبريرات تلك الدول. 

   شكراً السيد الرئيس.