United Nations Welcome to the United Nations. It's your world.

الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضية فلسطين

الثلاثاء, 21 (نيسان (أبريل 2015
المتحدث: 
د. بشار الجعفري
المكان: 
مجلس الأمن

 

السيد الرئيس،

كيف يمكن للأمم المتحدة، ونحن في القرن الواحد والعشرين، أن تقبل باستمرار وجود احتلال اسرائيلي عسكري عنصري استيطاني يقوم بأبشع الجرائم ويرتكب أخطر الانتهاكات ويدعم الارهاب؟! كيف يمكن السماح باستمرار فشل الأمم المتحدة في الاضطلاع بمسؤولياتها القانونية والتاريخية بإنهاء هذا الاحتلال الإسرائيلي الرابض في أرضنا منذ ما يناهز النصف قرن، وذلك على الرغم من إصدار أجهزة الأمم المتحدة المختلفة لمئات القرارات التي تدعو لإنهاء هذا الاحتلال الاستيطاني العنصري المماثل لنظام الأبارتايد؟! هل ما زال البعض بحاجة إلى المزيد من لجان التحقيق ولجان تقصي الحقائق ولجان الحكماء واللجنة الرباعية ليقتنع بفداحة هذا الاحتلال الاسرائيلي؟ إن الأمم المتحدة تمرّ باختبار حقيقي، وإذا أردنا أن نحافظ على ما تبقى من مصداقيتها فلا بد أن تكف بعض الدول عن سياسات النفاق والمعايير المزدوجة والاتجار بمصالح شعوبنا، وأن تربط الدول الأعضاء الأقوال بالأفعال عبر اتخاذ إجراءات فعلية تُجبر اسرائيل على الانصياع لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بحيث يتم إنهاء هذا الاحتلال الاستيطاني وإنهاء المأساة غير المسبوقة التي يعيشها المواطنون العرب الرازحين تحت الاحتلال منذ عُقود طويلة.

السيد الرئيس،

يجب على البعض ألا يخدع نفسه والعالم عبر مواصلة تقديم الذرائع والمبررات لسياسات إسرائيل، فالجميع يعلم علم اليقين أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لم تكن يوماً معنيّةً بالسلام، بل كانت منكبّة على مواصلة الاحتلال والاستيطان والعدوان؛ فقد احتلت ثم ضمت الجولان السوري والقدس الفلسطينية، واعتدت على دول المنطقة، وارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وقتلت مبعوثين للأمم المتحدة وقوات حفظ السلام في قانا، واعتدت على المقدسات الاسلامية والمسيحية، وها هي تحاول فرض يسمى بـ "يهودية دولة اسرائيل" ويصرح رئيس وزرائها الحالي نتنياهو، علناً، بانه يرفض حل الدولتين، وذلك بعد أن كان رئيس حكومتها الأسبق شامير قد صرح عند حضوره، مكرهاً، مؤتمر مدريد للسلام في العام 1991 بأن تعليمات الوفد الإسرائيلي هي أن ينخرط في التفاوض لعشر سنوات من أجل التفاوض فقط....!. والمثير للدهشة هنا، أن هناك مَنْ ما زال يُنكر في هذا المجلس على الفلسطينيين المطالبة بأبسط حقوقهم الأساسية، بما في ذلك الحق في إقامة دولتهم المنشودة فوق ترابهم الوطني وتحديد تاريخ لإنهاء الاحتلال الاسرائيلي، لا بل ويستمر هؤلاء في دعم إسرائيل، اقتصادياً ودبلوماسياً، وفي تأمين تفوقها العسكري وحيازتها للأسلحة النووية، هذا إضافة إلى حمايتها من المساءلة والمحاسبة.

السيد الرئيس،

تستمر اسرائيل في احتلالها للجولان السوري منذ العام 1967، فارضةً على المواطنين السوريين الرازحين تحت هذا الاحتلال واقعاً مريراً يستدعي إنهاؤه بكافة السبل التي يضمنها القانون الدولي. ولذلك فإن الأمم المتحدة مطالبة بتحمل مسؤولياتها للتعامل مع هذا الواقع بما يستحقه من جديّة واهتمام تنفيذاً لقراراتها ذات الصلة، وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981. ولا بدّ من إلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها المنهجية والجسيمة لحقوق الانسان، ووضع حد لسياسة الاستيطان والإرهاب والقمع والتمييز العنصري وسرقة موارد الجولان الطبيعية، بما في ذلك المياه والنفط والغاز، هذا إضافة إلى ضرورة إنهاء سياسة الاعتقال الاعتباطي بحق المواطنين السوريين. وفي هذا الصدد، تجدد سوريا مطالبتها العاجلة للأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن لبذل الجهود الإنسانية الواجبة لإلزام إسرائيل بإطلاق سراح جميع المعتقلين السوريين فوراً ودون أي قيد أو شرط، وفي مقدمتهم مانديلا سوريا، المناضل صدقي المقت، الذي اعتقل، من جديد، خلال شهر شباط الماضي لا لشيء إلا لأنه كان يعمل على توثيق علاقة قوات الاحتلال الإسرائيلي بالمجموعات الارهابية في منطقة الفصل في الجولان السوري؛ علماً بأنه كان قد قضى 27 عاما في معتقلات الاحتلال الاسرائيلي دون أن يرتكب أي جرم قانوني، اللهم إلا التمسك بانتمائه لوطنه الأم، سوريا، ورفضه حمل الهوية الاسرائيلية...

السيد الرئيس،

في ظل الصمت الدولي إزاء تلك الممارسات الإسرائيلية، وصل الأمر بإسرائيل إلى انتهاك اتفاق فصل القوات لعام 1974 وتعريض حياة قوات الأندوف للخطر وتقويض ولايتهم، وذلك عبر دعمها، مع قطر للمجموعات الإرهابية في منطقة الفصل في الجولان السوري، بما في ذلك تنظيم "جبهة النصرة" المرتبط بالقاعدة، وذلك من خلال تزويد هذه المجموعات بمختلف أشكال الدعم اللوجستي وعلاج مصابيهم في المشافي الاسرائيلية، وهذا ما أثبته تقارير الأمين العام الخاصة بالأندوف. ولذلك فإننا نعاود مطالبتنا بأن يتم التعامل مع هذا المسألة الخطيرة بما تستحقه من جديّة واهتمام ودونما أي إبطاء، وذلك بعد تجاهل غير مبرر من قبل المعنيين في الأمانة العامة، بما في ذلك إدارة عمليات حفظ السلام.

السيد الرئيس،

لقد أضحى جلياً للجميع بأن البيانات التضليلية التي ادلت بها بعض الوفود إنما تهدف إلى فتح جبهات وهمية أمام مجلس الأمن لتخفيف الضغط الدولي عن اسرائيل وحرف الانتباه عن جرائمها والتغطية على فضيحة رفضها لحل الدولتين وللسلام ككل. وأقول لمندوبة الولايات المتحدة ومندوب بريطانيا: كفاكما نفاقاً ورياءً؛ فمن يخشى على وضع اللاجئين الفلسطينيين لا يمكن له ان يدعم اسرائيل التي كانت السبب الأول والأخير وراء محنة هؤلاء اللاجئين المستمرة منذ العام 1948، فأنتم شركاء في خلق واستمرار محنة اللاجئين الفلسطينيين أينما كانوا وأنتم الذين استخدمتم الفيتو عشرات المرات لحماية تنصل اسرائيل من تطبيق حق العودة بموجب القرار 194 للجمعية العامة. أما سوريا فقد استضافت هؤلاء اللاجئين الاخوة بكل رحابة وعاملتهم معاملة السوريين أنفسهم، وستواصل بذل كل الجهود لحمايتهم من الارهاب المدعوم من الولايات المتحدة وبريطانيا واسرائيل ودول أخرى عربية واقليمية، وذلك غلى حين عودتهم غلى وطنهم الأم في فلسطين المحتلة.

أخيراً السيد الرئيس،

تحدث مندوب السعودية عن بلادي، سوريا، بطريقة مخجلة ومرفوضة ولذلك أنا أربأ بنفسي عن الرد على ما ورد على لسان السفير السعودي من جاهلية سياسية تحريضية. ويبدو أنه قد نسي أن البند قيد النقاش هو الصراع العربي-الاسرائيلي والقضية الفلسطينية، فأضاع البوصلة وخدم اسرائيل وحماتها من حيث يدري أو لا يدري....

السعودية والصهيونية هما جذر الارهاب والتعصب وثقافة الكراهية في العالم.... ثقافة داعش من قطع للرؤوس هي أساساً ثقافة جاهلية وهابية تكفيرية مصدرها السعودية. لقد زرعت السياسات السعودية ثقافة سفك الدماء الطائفي في المنطقة وستدفع ثمن سياساتها الخاطئة تلك... أما عن تهديداته لبلادي وتنطحه إلى الادعاء بأن السعودية مستعدة لمساعدة الشعب السوري، فهذا يؤكد على مدى ضلوع حكام بلاده في التآمر على سوريا وعلى انخراط السعودية في تجنيد وتدريب الارهابيين الاصوليين المرتزقة من كل أنحاء العالم وإرسالهم إلى سوريا للعبث باستقرار شعبها. إن السعودية كانت ومازالت بؤرة لثقافة الكراهية والطائفية، وهي بذلك تماثل ثقافة اسرائيل الصهيونية. وإذا كان لدى السفير السعودي فعلا صلاحية ان يهدد بلادي بما قال فإنني أضعه أمام الامتحان أمامكم جميعاً. فلترنا السعودية ماذا تستطيع أن تفعل ضد بلادي وعندها سنقطع اليد التي ستمتد إلى سوريا وسنعاقب السعودية بما تستحق.